
15/03/2013, 20h58
|
 |
رحـمة الله عليه
رقم العضوية:58261
|
|
تاريخ التسجيل: August 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 2,220
|
|
|
رد: بشير عياد مصري / عروبي حتي النخاع

فيتو
العدد 59 ، الثلاثاء 12 مارس 2013م
ـــــــــــــ
فكرة جديدة وجيّدة ، كان ملحق العدد 59 من جريدة " فيتو " التي أكتب بها ، مخصصا لمحافظة الدقهلية التي تنتمي إليها كوكب الشرق أمّ كُلثوم ، وكان الاقتراح بأن يتم عمل حوار معي حول عملي مع أمّ كُلثوم أو في حقلها ، وانتهى الأمر بأن أقوم بعمل الحوار مع نفسي !! وعندما أخبرني الأستاذ أحمد نصير ، ضحكت ، واستصعبت الفكرة ، لكنني وافقت ، وبدأت عمل الحوار معي ، وأكملته بالكويت وأرسلته من هناك ، وعند صدور العدد ـ صباح الثلاثاء الماضي ـ أدهشتني ردود الفعل ، وها أنا أنشره هنا ، ربّما تجدون فيه شيئا جديدا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيتـو " تنفرد بأهمّ حوارٍ أُجريهِ مع نفسي حول أسطــورة " كوكب الشرق "
بشير عيـَّـاد : لو رأتني أمُّ كُلثوم يومَ القيامةِ فسوف تعرفني !!
حاورني : بشير عيّاد ( شخصيًّا )
منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وأنا أعمل في حقل كوكب الشرق السيّدة أم كُلثوم وشعرائها وملحّنيها ، وعلى مدار هذه السنوات أحاول أن أصل إلى نهايةٍ معهم ، وكلما ظننت أنني أوشكت .... أجدني على الحافة ولم أتجاوز حرف الألف بعد !!
عشرات المقالات في الصحف والمجلات المصرية والعربية ، ومائة وعشرون حلقة في برنامج " كلثوميّات " مع داليا طاهرعلى القناة السادسة الدلتاوية ، وخمسٌ وستون حلقة في برنامج " أنغام مصرية " مع سميحة أبو زيد ورجاء إبراهيم على الفضائية المصرية ، وأكثر من ألف ساعة على جميع الشبكات الإذاعية المصرية ( يوجد منها الكثير على شبكة الانترنت ) ، وكتابٌ تحت الطبع قوامه سبعة مجلّدات لا يريد أن ينتهي ، و.......
من أجل كلّ هذا كان من الضروري أن أجري معي هذا الحوار الذي نخصّكم بتفاصيله :
ـ في البداية نودّ أن نعرف متى كانت بدايتك مع أمّ كُلثوم ؟
= ذكرَ لي أبي وأمّي ، يرحمُهما الله ، أن بدايتي معها كانت في العام 1964م بعد غنائها " إنت عمري " ، إذ كنت أردد معها الكوبليه الأخير :
يا أحلى من أحلامي
يا أغلى من أيّامي
..... ولكنني كنت أقول : يا أغلى من أغلامي ( ما دامت " أحلى " تعطى " أحلامي " ، فإن " أغلى " تعطي " أغلامي " ) ، وبصراحة لم أكن أصدّق ، لكنني تيقنت من ذلك عندما غنى أطفالي أغانيها السهلة وهم في الثالثة .
ـ ألهذا السبب تحب " إنت عمري " ؟
= مَن قال بذلك ؟ أحبّ الكوبليه الأخير فقط لأنه يذكّرني بأبي وأمّي ، أما الأغنية في جملتها فلم تكن تستحق أن تشتعل حولها كلّ هذه الضجة الإعلامية التي لم تهدأ إلى الآن ، وقد كتبت وقلت كثيرا إنها ستتهاوى في لحظة لو قورنت بشواهق القصبجي وزكريا أحمد والسنباطي .
ـ يبدو أنك تقولُ ذلك لتعصّبك للفصحى ! أليس كذلك ؟
= أنا معك في شقّ من الكلام ، وأخالفك في شقّ منه ! لست ضد العامية الدارجة أو الزجل من حيث كونهما فنّا ، فروائع رامي وبيرم وعبد الفتاح مصطفى وعبد الوهاب محمد ومأمون الشناوي ومرسي جميل عزيز التي غنتها أم كُلثوم من الزجل ، تتفوق على عشرات الدواوين من الفصحى التي كانت تجاورهم وقتها ، وتدهس ركام الشعر المنتمي إلى الفصحى في كثير منه الآن ، ومن الصعب أن يجرؤ شاعر في قامة شوقي ـ شخصيا ـ على ترجمة روائع مثل " هلّت ليالي القمر " ، سهران لواحدي " ، "غلبت اصالح " ، " ياللي كان يشجيك أنيني " ، " جددت حبّك ليه " ، " الآهات " ، " الأولة في الغرام " ، " الهوى غلاب " ، " ظلمنا الحب " ، " أنساك " ، ...إلخ ، إلى الفصحى ، بل إن أغنية " سهران لواحدي " التي كتبها رامي تتفوق على " ذكريات " التي كتبها الشاعر نفسه بالفصحى ، وتكاد التجربة تكون متطابقة في العملين . العبد لله مع القيمة حيثما تكن ، فصحى ... عامية ... المهم الشعر في المقام الأول .
ـ قبل أن يسرقنا الوقت .. ما سبب التضارب المروّع حول توثيق سيرة أم كُلثوم ومسيرتها ؟
= هي عدة أسباب ، أوّلها أن أحدًا لم يكن يتوقّع أن تتحوّل هذه الطفلة القروية البسيطة المولودة في طماي الزهايرة إلى أسطورة العرب في تاريخ الغناء المدوّن بالصوت والصورة ، فجاء ميلادها مثل أي ميلاد لملايين المجهولين الذين يمرون على هذه الدنيا مرور الخيال ، ولذلك أحصيتُ لها اثني عشر تاريخ ميلاد ، وهذا قمة الفوضى بالطبع ، وكل الذي عرفناه عن بداية ارتقائها سلّم المجد جاء من حكايات أبيها عندما انتقلوا إلى القاهرة ، والحكايات يرويها كلّ على هواه كما تعلم ، وبالرغم من أنها جاءت إلى القاهرة والصحافة مزدهرة ومتفاعلة ، إلا أن هناك مناطق كثيرة معتمة نتخبّط فيها بحثا عن وريقة تصلح كوثيقة ، ونعاني الأمرّين ، ثم إنها كانت قليلة الأحاديث إلى وسائل الإعلام ، وتضع حول مسيرتها سياجا حديديا ، فلم تترك ما يزيد عن خمسة حوارات في مصر والسودان وباريس ، أخذها المتسكعون في الفضائيات الآن "وعملوا عليها شوربة وفتّة " ( لعلك تراني أحدثك بالعامية في بعض الجمل التي لا تفي فيها الفصحى بالمقدار المطلوب في التشبيه والبيان ) ، يُضاف إلى ذلك .. ذلك الكتاب الذي أصدرته اللجنة الموسيقية العليا بوزارة الثقافة عقب وفاة أم كلثوم ، إذ جاء على عجل فخرج ملبّدا بالأخطاء في التواريخ والوقائع والنصوص والأسماء ، ثم نقلت عنه الدكتورة رتيبة الحفني وأصدرت كتابها الشهير " أم كلثوم معجزة الغناء العربي " ( 1994م ) ، فنقل عنها الكثيرون ـ وأنا منهم أحيانا ـ باعتبارها ثقة ، فتم ترويج الأخطاء على نطاق واسع خصوصا مع طغيان الانترنت والفضائيات ، وزاد الطين بلة أن الأجيال الجديدة من الإعلاميين ( صحافة وإذاعة وتليفزيون ) يعانون الكسل ويكرهون التدقيق والإتقان ، ويتعاملون مع الانترنت باعتباره الملاذ الأول والأخير ، وينقلون عنه بأمانة شديدة بكل ما به من أخطاء وكوارث ، وأصبح من المستحيل السيطرة على هذه الأخطاء التي تفقس كل يوم آلاف الكتاكيت ، لدرجة أن أول القصيدة خطأ في اسم كلثوم إذ تصرّ آلاف الكتابات على أن اسمها فاطمة !
ـ معنى ذلك أن كتابك المنتظر سيلغي كل هذه الأخطاء ويريحنا إلى الأبد و..
= بالطبع لا ، وألف لا ، وكما تعرف أنني عدت عشرات المرات على الهواء لتصويب ما أخطأت فيه في حلقات سابقة كلما عثرت على وثيقة ورقية أو صوتية تدحض ما قلته سابقا ، ولا أخجل ولا أتردد في الاعتراف بالخطأ حتى لو جاءتني المعلومة الصحيحة من طفل في التعليم الأساسي ، ولذلك .. أتهرّب في الكتاب من ذكر كل التواريخ ، أو تواريخ بعينها إذا كان هناك خلاف حولها ، والخط الأساسي في عملي هو جماليات النص الكلثومي ، لا فرق عندي بين " الأطلال " وشواهق الفصحى ، و"غني لي شوي شوي " وأبسط الأزجال ، أما التوثيق الصحيح فلا يقل عن تسعين بالمائة من مُجمل الأعمال ، وهذا جيّد ، وأعني بالتوثيق التاريخ الصحيح لأول حفل غنت فيه أمّ كُلثوم الأغنية محل البحث.
ـ على ذكر جماليات النصّ .. مَن يستحق أن يكون أعظم شعراء أم كُلثوم ؟
= سيرد الكثيرون للوهلة الأولى : أحمد رامي ، على أساس أنه كتب لها خمسين سنة متصلة ، وهذا لم يحدث من قبله ولا من بعده ، وكتب لها مائة وسبعا وأربعين أغنية تعادل 46.7 % من مجمل ما غنت ( والإحصائية لمركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي ) ، غير أنني أراهم جميعا متساوين في العظمة ... من رامي الذي كتب لها هذا العدد إلى شعراء العمل الواحد أمثال أحمد فتحي وعبد المنعم السباعي وجورج جرداق والهادي آدم ، فكلّ منهم ساهمَ بما يستطيع في بناء هذا الهرم الأسطوري الأضخم من كلّ الأهرامات الصخرية الصامتة .
ـ وكم عددهم يا تُرى ...؟ ( أعني شعراءها )
= كنا في السابق نقول إنهم خمسون شاعرا ، لكنني توصّلت إلى أنهم خمسة وخمسون من التاريخيين والمعاصرين ، ومن المصريين والعرب والإسلاميين
ـ إسلاميون ؟ هل ظهروا على أيّامها وكتبوا لها ؟
= لا لا ، لا أعني التعبير السائد الآن في مطاحن السياسة ، أعني المنتمين لدول إسلامية غير عربية ، مثل عمر الخيّام الفارسي ( الإيراني ) ، ومحمد إقبال الباكستاني ، أما الشعراء العرب ففي غنى عن الذكر !
ـ بالمرة ... هل كانت أمّ كلثوم مقرّبة من رجال الدين ؟
= كانت في أكرم منزلة عندهم ، وكانت مقربة من بيوت رجال الأزهرومشايخه الذين دعموها وساندوها في البداية ، وكان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ مصطفى إسماعيل من أهم جلسائها ، وكانا يجلسان في الصف الأول في بعض حفلاتها ويصفقان لها ..
ـ أكيد في المناسبات الدينية أو الوطنية ....
= لا وحياتك ، بل في حفلات عاطفية صرف كانت تغني فيها أغنيات مثل " جددت حبّك ليه ؟" ، و" أروح لمين ؟ " ....
ـ ولماذا يهاجمها كثيرون من رجال الدين الآن ؟
= لا أعترف بهم رجالا للدين ، أيّ شتّام أو سبّاب أو لعّان أو طعّان ، ليس من ديننا في شيء ، ولا يمثل ديني على الأقل بالنسبة لي
ـ لكنني أعلم أنك توقفت عن الكتابة أو الحديث عن أمّ كلثوم وشركائها لمدة ثلاثة أعوام كاملة بسبب ....
= اترك هذا السرّ بيني وبينك ، دعه لوقته ... المهم أنني عدت لأستكمل الكتاب ، وأواصل ما بدأته بجميع أجهزة الإعلام بكل أمانة وإتقان و....
ـ أنت تحب الظهور ...
= ولو ، اضبطني على خطأ أو في موضع شبهة أو ابتذال ، وحاسبني
ـ كلمتنا عن شعرائها ولم تكلمنا عن ملحنيها !
= ملحنوها أيضا أهرامات ، والكتب كلها تقول إن عددهم أربعة عشر ملحنا ، لكنني أختصرهم إلى اثني عشر ملحنا ، إذ غنّت من ألحان عبده الحامولي " أراك عصيّ الدمع " التي غنّاها قبل ميلادها ، كذلك كلّ ما غنته من ألحان أبي العلا محمد كان قد غنّاه قبلها ، فهي تتساوى في ذلك مع المسكينات اللاتي ينتهكن معظم أغنياتها سواء في دار الأوبرا أو في الملاهي الليلية ، فهل نقول إن القصبجي أو النجريدي أو السنباطي لحّن لهذه ولتلك عندما ترتكب أيّ منهن جريمة غناء أغنية أو قصيدة من تراث أم كلثوم ؟
المهم ، ملحنوها يتقدمهم السنباطي ( من حيث العدد ) ، وهو جدير بالقمة ، ولكن الدور الذي صنعه القصبجي العظيم وبمحاذاته الشيخ زكريا أحمد يضعهما جنبا إلى جنب مع السنباطي ، وفي النهاية هم أيضا متساوون من حيث المبدأ ، فقد قدم كلّ منهم لها أقصى ما يستطيع .
ـ أم كلثوم ، بنت طماي الزهايرة بالسنبلاوين بالدقهلية ، شاركت أهلها مؤخرا في احتفاليتها التي استمرت ثلاثة أيام في قصر ثقافة المنصورة و....
= قل : على وقع صوت قنابل الغاز ورائحتها الخانقة ، لقد أديت محاضرتي تحت ضغط الألم والحسرة إذ ذهبت وشاهدت حلقات المتظاهرين حول مبنى المحافظة ، وكم تألمت لاستمرار هذا النزيف بلا تحرّك سياسي إيجابي يحقن الدماء ويحرّض الناس على الاتحاد والالتفاف حول هدف واحد مرة أخرى ، حتى هذه اللحظة لا أتخيل أنني أديت محاضرتي في أول احتفالية تقيمها قصور الثقافة لأم كلثوم بين أهلها وذويها وعلى الأرض التي أنبتتها والتي تخضّبت بدماء الأبرياء الآن ، واختنقت برائحة الغازات السامة المميتة .
ـ ولماذا لم تعتذر ؟
= كيف ؟ اعتذاري يعني الانسحاب والانهزام ، سلاحنا هو ما نملك من جمال نواجه به هذا القبح الذي ملأ أيامنا وطرّزها بالدماء الزكيّة البريئة ، وأعيد تذكيرك وتذكير ضيّقي الأفق مثلك ... أن أمّ كُلثوم أصابتها صدمة هزيمة يونيو بالاكتئاب والانهيار الشديد ، لكنها استيقظت فجأة وصرخت : سلاحي هو صوتي ، وسوف أسخّره للقتال في الصفوف الأولى على خط النار ، وانتفضت لتقيم حفلات دعم المجهود الحربي في مصر وخارجها بدءًا من 23 يوليو 1967م ، أي قبل أن تجف دماء الشهداء ، وقبل أن تنسحب سحابات الدخان من سماواتنا ، وقدمت أمّ كُلثوم المال والمَثَل والقدوة ، وستبقى أبقى من آلاف الأحياء الذين يتاجرون بالوطن ويخوضون معاركهم الفاصلة على جبهات الفضائيات المأجورة وفي أحضان الملاهي الليلية ، أم كُلثوم حاربت بصوتها / سلاحها الذي تملكه ، ونحن نحارب بالجمال الذي نملكه ، ومهما يكن بسيطا وقليلا فإننا نعمل بقول القائل : " جاد الفقيرُ بما عنده ".. وهذا يكفي ، وكما طافت أمّ كلثوم محافظات مصر بصوتها ، سنطوفها مثلها بالقليل الذي نملكه في مهرجانات أخرى لعبد الحليم والموجي والسنباطي وشوقي وطاهر أبي فاشا ومرسي جميل عزيز .................إلخ
ـ هي فعلت ذلك لأنها كانت سببا من أسباب النكسة !!
= أسباب النكسة يعرفها " الخبراء الاستراتيجيون " ، وأرجو ألا تجررني للخطأ في حقّ آخرين ....
ـ واضح أنك متيم بأمّ كُلثوم
= قل : بنموذج أم كُلثوم ، الشخصية المصرية الإيجابية المعطاءة في أرقى رقيها وأسمى سموّها
ـ فعلا ... ويبدو أن علاقتك بها أصبحت أبدية ولا شفاء منها
= أنا معك ، وقديما سألوا طاهر أبا فاشا عن علاقته برابعة العدوية ( لكثرة ما كتب أو تحدث عنها ) ، فقال : " أنا على يقين من أن رابعة العدوية لو بُعثت بالقرب منّي يوم القيامة فسوف تعرفني " ، وهذا ما أستعيره منه وأقولُه عن مشواري مع أمّ كلثوم !
ـ أأأ.......
= ارحمني ....
******
|