عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 25/02/2013, 15h40
الصورة الرمزية abuaseem
abuaseem abuaseem غير متصل  
طاقـم الإشـراف
رقم العضوية:17090
 
تاريخ التسجيل: March 2007
الجنسية: ليبية
الإقامة: انجلترا
المشاركات: 15,989
افتراضي رد: كتاب «أم كلثوم - شخصية المغنية المصرية وفتنتها»

الغناء بصيغة المذكر

إن نصوص الأغاني التي غنتها أم كلثوم باللغة العربية الفصحى جاءت على شاكلة القصائد التقليدية متحدثة بصيغة المذكر، فالـ «أنا» و«الحبيب» كلاهما مذكر، وينطبق ذلك على الأشكال الغنائية الأخرى باستثناء الطقاطيق التي غنتها أم كلثوم حتى عام 1932 وفيها يخاطب «الأنا» المذكر محبوبة أنثى، وإن أمكن أحياناً يتم تفادي هذا بتحييد «الأنا» بأن يتم التعبير عن المحب الحزين مثلاً بأن «القلب حزين». وحتى اليوم يرتبط الغناء للمؤنث بشيء من الخلاعة أميل إلى إثارة الجمهور بشكل غير لائق. لذلك غنت أم كلثوم كأن رجلاً يحب رجلاً، وبما أن المقصود هنا ليس المثلية الجنسية بالتأكيد، يمكن الاتفاق على صيغة الشخص «المحايد» الذي يحب «محايداً» بذلك يمكن تصور مختلف تنويعات الأزواج المحبة في الكلثوميات العاطفية، أي أن معاني الشوق والعذاب في أغانيها ليست أشواق رجل أو عذابات امرأة إنما هي نموذج مجرد لتلك المشاعر الإنسانية التي قد يشعر بها المرء أياً كان جنسه. وفي كتابه (الهوى دون أهله)، دار الجديد/ بيروت 1990 يتحدث الكاتب السياسي حازم «صاغية» عن مفردات في أغاني أم كلثوم لا مذكرة ولا مؤنثة أو تحمل سماتهما معاً بأن تحمل معاني الحب بين الجنسين دون تحديد لخصائص جنس الحبيب أو المحبوب.

وتتكرر في عموم أغانيها الشكوى من حالة آنية وبخاصة في أغاني رامي التي عادة ما تختلط بتمجيد الماضي، والرغبة في العودة إلى زمن قد يعطي انطباعاً أنه لم يكن أبداً: فكأن السعادة في الحب لا توجد إلا في زمن مضى أما الحاضر فهو مليء بالأسى على الحب الضائع وبكاء أطلاله. ويذكر لاجرانج أن أغاني رامي أقرب إلى نداء لحمامة أو لشخص لن ولم يكن.

تشير شتيفاني جزيل في هذا الفصل من كتابها أيضاً إلى بعض النقد اللاذع الموجه لأم كلثوم مثل ما كتبه اللبناني حازم صاغية عن غياب الواقعية تقريباً في كل أغنيات أم كلثوم، فبغض النظر عن المكان والزمان، فالرسائل التي تحملها أغانيها تكاد صياغتها تكون إلهية، خارج التاريخ، مطلقة وسحرية، دون أي تأثير واقعي، فلم يغب الغموض عن كثير من قصائدها، كما أن صورها السحرية تستمد حركتها من خلال أسلوب المقابلة وتبديل الكلمات، فمثلاً في قصيدة «أغداً ألقاك»: هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر.. هذه الدنيا عيون أنت فيها النظر! في هذه الكلمات لا يوجد ذكر لا لزمان ولا لمكان ولا لأي إشارة للعلاقة مع الواقع. وقد ذهب أحد الباحثين - وهو مصطفى شلبي - إلى حد اتهام أغاني أم كلثوم بالفقر الثقافي، حيث قال إنه بينما تتميز أبيات قصائدها غالباً بشدة الجمال إلا أنها لا تنطوي في مضمونها على أي إضافة فيزيقية أو ميتافيزيقية حقيقية، بل اتهم أم كلثوم نفسها بالمساهمة في إفقار المشهد الشعري والعجيب - في

رأيه - أن ذلك ربما يكون قد أسهم في تزايد نجاحاتها.
__________________
لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير
تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير


أبوعاصم
رد مع اقتباس