رد: كتاب «أم كلثوم - شخصية المغنية المصرية وفتنتها»
الصلاة من أجل مصر
أرادت أم كلثوم أن تحدث الغناء العربي بأن تنحاز لـ «الكلمة الحلوة» وأن تتحدى السائد بأداء غنائي لا يعتمد على الحركات الأنثوية الراقصة بل على اختيار الألحان الغنية، وقد أدركت أن عليها أن تتماشى مع روح العصر، لكنها وضعت دائماً نصب أعينها عند اختيار أغنياتها ذوقها الخاص في مقابل ذوق الجمهور، فكانت تراعي دائماً نوعية الجمهور التي تتوجه إليها بالغناء، بالتالي أخذت في الاعتبار تعديل برنامجها الغنائي ليتناسب مع طبيعة الجمهور الجديد الذي ظهر بعد الحرب العالمية الثانية، والذي تكون من طبقات اجتماعية أدنى اغتنت بسبب التجارة والاستيراد أثناء الحرب، فاعتمدت في اختيار أغانيها على كلمات أكثر شعبوية أقرب إلى اللغة العامية كما استخدمها بيرم التونسي، كما أحجمت عن الأغنيات القصيرة لأنه في ثلاث إلى خمس دقائق لا يمكن للمؤلف أن يهب النص مضموناً دالاً ولا للملحن أن يخلق جملة موسيقية متكاملة.
ومن ناحية أخرى كانت أم كلثوم تحب الأغنيات الدينية والوطنية، وتغني الأخيرة كأنها تصلي من أجل مصر، ومنها: «طوف وشوف» و«مصر التي في خاطري وفي فمي» وغيرهما. ومن خلال الغناء الوطني والديني اكتسبت أم كلثوم دوراً آخر إضافة إلى دورها كمغنية.
وفي أواخر الستينيات غنت «ثومة» أيضاً الكثير من كلمات مؤلفين غير مصريين، رغم تنوع رصيدها الغنائي الهائل - لإجادتها معظم ألوان فنون الغناء العربي - إلا أن انطباعاً بالتماثل بين أغنياتها يتكون أحياناً عند الاستماع إليها، وهو ما قد يرجع إلى نبرة صوتها المميزة أو استخدامها تقنيات صوتية خاصة تتكرر في أدائها الغنائي بشكل ملحوظ، ولكن الأرجح أن ذلك راجع بالأساس لشخصية أم كلثوم التي طغت بحضورها - مثلاً عن طريق حرصها على التزام الوقار مع البساطة في اختيار نصوص أغانيها - وذلك خلال كل مراحل خلق الأغنية.
ويمكن تقسيم موضوعات أغانيها إلى ثلاثة موضوعات رئيسية وهي: الأغاني العاطفية، والدينية، والوطنية، بينما يربط الحب كل الموضوعات الثلاثة، فبينما هو العنصر الرئيسي لمضمون الأغاني العاطفية، إلا أن المحبة للوطن أو للرئيس جمال عبد الناصر هي أيضاً محور نصوص أغانيها الوطنية، كما أن المحبة لله ورسوله هي موضوع أغانيها الدينية.
__________________
لو تؤمريني فوق نسمة انطير*** ونجيبلك حزمة نجوم تنير
تضوي طريق الحب للانسان***يا ليبيا و تزرع ترابك خير
أبوعاصم
|