شكرا على التحليل الموسيقي لمقامات التحفة الفنية رباعيات الخيام.
كنت أظن أن المقطع " غد بظهر الغيب " على مقام النواتر و الله أعلم.
أخي المنير
سؤالك وجيه ويحيلني إلى موضوع مهم.
أولا وقبل الإجابة، أريد أن أقول أن تحديد المقامات هو شيء "ثانوي"(وأقولها بتحفظ) نسبة إلى تحديد الدرجات والقياسات والعُرب، لأن الأهم هو أن يكون التدوين (أو الإستماع) صحيحا، والعزف كذلك صحيحا. وكم من عازف محترف يعزف دون أدنى خطأ، وهو لا يدري ما إسم مقامات ما يعزف. حتى أنه يقال أن عبد الوهاب نفسه سُئلَ مرة عن إسم مقام لمقطع من أغنية له ولم يتعرف عليه، بل حتى الشعراء يمكن أن يستعملوا كلمة أو عبارة فقط لرنتها دون معرفة معناها الدقيق، وهذا رواه عمار الشريعي في الحلقة الثانية للكرنك، في برنامجه غواص في بحر النغم عن الشاعرعلي محمود طه كاتب كيليوباترا،حين سأله عبد الوهاب، قبل التلحين، عن معنى "أسمرَ الجبهةِ كالخمرةِ في النور المُذابِ"، فأجاب الشاعر عبد الوهاب وقال له "هي حلوة في وذنك؟ خلاص هي كده، مش مهم تعرف هي معناها إيه".
لنعود إلى المقامات. هو تحديد المقام يكون أمرا سهلا إذا كانت كل درجاته واضحة وأيضا درجة الإستقرار. لكن حينما نسمع جملة صغيرة دون وضوح الإستقرار، يصعب الحال، نظرا لتداخل المقامات فيما بينها، فنجد التيتراكورد الأول لمقام ما، يساوي التيتراكورد الثاني لمقام آخر، والثالث لغيره، وهكذا.
إذن ما الحل؟
وهنا تدخل التجربة، وقراءة روح المقام ونكهة اللحن، هذا مما يجعل أحيانا اختلافا حتى في وسط الدارسين، لأن ليست هناك وصفة محددة ومضبوطة لذلك.
وعن مقام الرباعية الثالثة (غد بظهر الغيب)، نجد العُرب المستعملة هي لا بيمول، مي بيمول و فا دييز. إذن هذه التغييرات موجودة في مقام حجازكار نوا ونجدها نفسها في نوا أثار، إذن هذين المقامين لهما نفس الدرجات، والإختلاف الوحيد يكمن في درجة الاستقرار (الأول صول والثاني دو).
واختياري لحجازكار نوا يأتي نتيجة لما يلي:
-الجملة كلها بدأت بالصول وانتهت بالصول (غد - المقبل)،
-النزول إلى الدو بعد (واليوم لي) لم أعتبره استقرارا، بل فقط جملة لحنية (كما نزل قبلها إلى مي بيمول)،
-تشابه الرباعية الثالثة بالرابعة والخامسة من حيث الانتقال المفاجيء من دو(نهاية الموسيقى) إلى الصول (بداية الغناء) الذي هو أساس المقامات في الرباعيات المذكورة،
-وأخيرا حينما نمسك العود ونُقَسم انطلاقا من هذا اللحن، نجد أنفسنا بكل عفوية نقف عند الصول.(جرب هذه النقطة وأخبرني بالنتيجة).
ملاحظة: في الموسيقى الأولى المتكررة، غضيت الطرف عن السي ناتورال ولا بيمول وذكرت فقط الراست، اعتبارا مني أنها زخرفة صغيرة، لكن أخي العزيز أحمد أرمندو كلمني هاتفيا وفضل أن نذكر مقام السوزناك، ونظرا لطول المدة الزمنية التي استغرقتها التحويلة فأنا أتفق معه تماما.
مع أخلص تحياتي- فؤاد.