موسيقي المالوف تحظي بمكانة مرموقة في نفوس أهالي شرق الجزائر
اليهود يزعمون أنهم هم من صنع مجدها
الجزائر مصطفي فتحي:
يجمع الخبراء أنّ تراث موسيقي المالوف بشكل عام يشكل قاعدة متينة، إذ أنه يمثل النشاط الفني لما يسميه ابن خلدون العمران الحضري .. وبالتالي فهو ثمرة حضارة عريقة ووليد مجتمع متمدن، نشأ في رحابه ونما وتطور بخطي ثابتة ومتواصلة رغم تقلبات الزمن وأعاصيره. ولايزال إلي اليوم، يتبوأ مكانة مرموقة في نفوس الجزائريين، حتي أنّ الكثير منهم يستشهد، في سياق الكلام والتخاطب، بجمله الأدبية وعباراته الحكيمة.
والمالوف في اللغة العربية هو المالوف، ويعني المالوف من التقاليد، أو الوفي للتقاليد.
ينتمي المالوف إلي الموسيقي الكلاسيكية الجزائرية وريثة الموسيقي العربية، يقوم علي نظام 24 نوبة التي تعتبر القواعد النظرية التي لم تتبدل منذ نهاية القرن الحادي عشر الميلادي.
وقد ترسخت موسيقي المالوف في كبريات المدن بالمغرب العربي كفاس بالمغرب، وقسنطينة وعنابة وسوق أهراس بالشرق الجزائري، بالإضافة إلي تونس وليبيا.
ويمثل رصيد النوبات قاسما مشتركا للتراث الموسيقي الكلاسيكي الخاص بأقطار المغرب العربي (تاريخيا المدرسة المغاربية- الأندلسية) وهو ما يعرف محليا ب المالوف في كل من تونس وليبيا والشرق الجزائري (قسنطينة) الصنعة بالوسط الجزائري (الجزائر العاصمة) الغرناطي في الغرب الجزائري (تلمسان) و الآلة المغرب الأقصي.
لقد كان للغناء بطريقة النوبة شأن كبير في التراث الموسيقي الإسلامي، وخاصة رصيده المتقن الذي عرف منذ الطور العباسي الأول. وهو إلي جانب تأثيره البالغ في تطوير الشعر والموسيقي، ساعد إلي حد كبير في الحفاظ علي مكونات هذا التراث وضمان استمراريته، وذلك بالرغم من الخصوصيات المحلية التي أثرت إلي حد ما في تنوع تراكيب النوبة التقليدية واختلاف تسميتها خاصة ابتداء من القرن السادس عشر الميلادي، حين صارت تعرف بالمشرق تحت مسميات عدة: المقام العراقي، الصوت الخليجي، القومة اليمنية، الوصلة المصرية الشامية.. وكذلك الفاصل التركي، الدست الإيراني الأفغاني المقام الأذربجاني، الشاش مقام الأوزبيكي والطاجيكي، الأنيكي مقام الأيغوري. بينما بقي مصطلح النوبة متداولا في التراث الموسيقي المغاربي في كل من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب.
ولاحظ الخبراء، أيضا، أنه في هذه المرحلة بدأت مصادر موسيقية مغاربية تبرز إلي الوجود في شكل كناشات ومجاميع، حاملة معها كما من المعلومات الجديدة مقارنة بالمرحلة السابقة الأندلسية - المغاربية (أي حتي سقوط غرناطة سنة 1492 وإخراج الموريسكوس نهائيا من إسبانيا بين 1609 و1614) وهي تفصح عن تطور هيكل النوبة الغنائية وتوسع أقسامه وتنوع صنائعه الآلية والغنائية وتراكيبه الإيقاعية وسير حركته، مع استعمال مصطلحات لم تكن مالوفة من قبل.
ويعرف خبراء الموسيقي الكلاسيكية النوبة بأنها تأليف موسيقي مركب متكامل يتضمن مجموعة من القوالب الآلية والغنائية تتالي حسب نسق متفق عليه، وهي تعتمد في تراكيبها اللحنية علي وحدة الطبع المقام، الذي تستمد منه النوبة تسميتها.
وتشتمل النوبة، حسب المناطق، علي عدد معين من مراحل غنائية أساسية لكل منها إيقاع خاص تسمي باسمه، وتندرج حركة مقطوعاتها من البطيء الموسع إلي الخفيف السريع.
وتستهل بافتتاحيات الآلية وغنائية، ويمكن إثراؤها بأنماط إضافية متنوعة. كما يستعمل ديوان النوبات منتخبات من الشعر الفصيح الموزون، والموشح بفرعيه الموزون وغير الموزون والزجل، والملحون (البروالة) باللهجة العامية المغاربية.
وقد تأثرت موسيقي المالوف بالمناطق التي تجذرت فيها هذه الموسيقي، حيث برزت ثلاث مدارس بينها اختلاف، منها مدرسة تلمسان بالغرب الجزائري التي تنسب نفسها إلي غرناطة بالاندلس، ومدرسة الجزائر العاصمة التي تنسب نفسها هي الاخري إلي قرطبة، وأخيرا وليس أخرا مدرسة قسنطينة التي تنسب نفسها إلي إشبيلية.
من جهة أخري، يتساءل الكثير من محبي هذا النوع من الموسيقي بالجزائر، عن حقيقة ما يروج له يهود قسنطينة من إشاعات وأفكار مغلوطة مفادها أنّ اصل المالوف يهودي، وأنّ الفنانين اليهود هم من صنعوا مجد هذه الموسيقي داخل الجزائر وخارجها، علي نحو يخدم فكرة أنّ اليهود هم أصل كل ابداع وفن راقٍ.
والسؤال الذي يتبادر إلي الذهن هو ألم تنجب قسنطينة مطربين كبارا صنعوا مجد أغنية المالوف وموسيقاها؟ نطرح هذا السؤال لان بعض اليهود الذين غادروا الجزائر مباشرة بعد الاستقلال في 1962، ونخص بالذكر هنا المطرب الصهيوني الشهير إنريكو ماسياس واسمه الحقيقي غاستون غريناسيا ، يصر في كل الحوارات التي أدلي بها للصحافة العالمية علي القول بأن أستاذه ريمون ليريس الذي اغتالته جبهة التحرير الجزائرية بتاريخ 22 يونيو 1961 بسبب تعاونه مع منظمة الجيش السري OAS المتطرفة، يعد أعظم شيوخ فن المالوف القسنطيني بلا منازع. وكأن الجزائريين لم يكن لهم أي دور في هذا المجال.
وعلي نفس المنوال نسج نجل الشيخ ريمون ليريس الدكتور جاك المقيم بفرنسا، مؤكدا أن والده هو عملاق اغنية المالوف بدون منازع، وذلك راجع، برأيه، إلي أن والده قام بشيء لم يسبقه اليه احد من قبل، ويتمثل في حوصلة لكل التيارات الموسيقية التي شاعت في عصره، ومنحها وحدة متناسقة ومنسجمة ما يكشف عن عبقرية خارقة.
وقد دأب الشيخ ريمون ليريس منذ نعومة أظافره علي حضور المرابع والحلقات الفنية التي كان يعقدها عمالقة المالوف بالمكان المسمي رحبة الجمال وسط مدينة قسنطينة.
وهناك، أيضا، من الجزائريين من روج لمثل هذه الافكار المغلوطة، ونعني به توفيق بسطانجي، الذي كان جده أحد أبرز شيوخ المالوف بفندق المدينة، واستاذ ريمون ليريس الذي علمه اصول المالوف القسنطيني.
وقد قام توفيق بإعداد وإصدار أول تسجيل غنائي بصوت ريمون الأصلي، ولم يكتف بذلك حيث راح يقوم رفقة الفنانين اليهود بعمل دعائي كبير لا يخرج عن اطار فكرة أنّ اليهود هم من صنعوا مجد موسيقي المالوف.
بالإضافة إلي ذلك، يعتبر أندريه الطيب واحدا من أولئك الذين بذلوا جهدا كبيرا في الترويج لمقولة إن أصل المالوف القسنطيني الجزائري من التراتيل المقدسة أو ما يعرف ب(piyyutim)، التي يؤديها اليهود في صلواتهم يوم السبت. والطيب من مواليد قسنطينة، بالإضافة إلي كونه أحد تلامذة الشيخ ريمون، فضلا عن احترافه غناء المالوف رفقة فنانين يهود يتقاسمون نفس الطرح.
ويعتقد هذا اليهودي أنه من الصعب الفصل ما بين الإبداع اليهودي والعربي ضمن غناء المالوف، في إشارة واضحة إلي أنّ اليهود هم أصحاب الفضل في تطوير المالوف والحفاظ علي مقاماته الباقية، والتي لا تتعدي اليوم 12 مقاما (نوبة) بعد ضياع الإثني عشرة نوبة الأخري. كما أن بعض المقامات علي غرار البياتي ، حسب أندريه الطيب، يستحيل أن يؤديها أي مطرب جزائري وفقا للمالوف، باستثناء الشيخ ريمون ليريس باعتبار أن هذا المقام هو مقام الشجن والحنين، مضيفا، أنّ ريمون استطاع أن يرتقي بصوته علي زعم اليهود إلي مستويات صوتية تعتبر ذروة في الإبداع الغنائي.
وحسب عدد من الباحثين المهتمين بتاريخ موسيقي المالوف بالجزائر، لم يكن الشيخ ريمون لوحده قطبا من أقطاب المالوف القسنطيني، مثلما يروج له يهود قسنطينة الذين غادروا الجزائر مباشرة بعد استقلالها، بل كانت هناك العديد من الاسماء الجزائرية اللامعة في سماء هذا الفن، والتي صنعت مجده، وهو ما يعترف به اليهود انفسهم حيث يعترفون بالفضل للقليل منهم علي غرار الحاج محمد الطاهر الفراني، كمال بودا، حمدي بناني، سليم فراني، محمد سقني وتوفيق بسطانجي. في حين لا يشيرون لا من قريب ولا من بعيد للشيوخ المالوف من أمثال الشيخ الدرسوني والشيخ التومي رحمه الله، وحمو الفراني، والمرحوم بن طوبال والمرحوم حسن العنابي، وحتي الذين جاءوا من بعدهم، مثل الشريف زعرور، ذيب العياشي. ويكمن السبب، حسب الباحث رشيد فيلالي، في كون هؤلاء جميعا يعتزون بالبعد العربي والاسلامي للمالوف الجزائري. لكنهم في نفس الوقت لا ينكرون دور اليهود واسهاماتهم في هذا المجال، من دون تضخيم لدورهم.
من جهة أخري، لم يقتصر دور يهود قسنطينة عند حد انكار مساهمات العرب والمسلمين في تطور الموسيقي الكلاسيكية الجزائرية، بل راحوا يلعبون دوراً مشبوها علي الصعيد الدولي، واصبحوا ينجرفون نحو كل ما هو قسنطيني ومحاولة تبنيه بكل الوسائل. ووصل بهم الامر إلي درجة وضع نجمة داوود علي كل المواقع الالكترونية الخاصة بمدينة قسنطينة، وكأنها مدينة يهودية، رغم أنّ هذه الطائفة كانت تمثل أقلية في مدينة العلم والعلماء، مثلها مثل الاقلية المسيحية.
وما تجدر الاشارة اليه، أن يهود قسنطينة اختاروا أن يكونوا في صف الاحتلال الفرنسي عام 1962 الذي منحهم الجنسية الفرنسية وفق مرسوم كريميو (وزير العدل الفرنسي يهودي الاصل) الصادر عام 1870
__________________
"هَذَا الفَّنْ حَلَفْ : لا يَدْخُلْ لِرَاسْ جْلَفْ ! "
الناس طبايع ,, فيهم وديع و طايع,, و فيهم وضيع و ضايع .... إذا دخلت للبير طول بالك ,,,و إذا دخلت لسوق النساء رد بالك....إلّلي فاتك بالزين فوتو بالنظافة ولي فاتك بالفهامة فوتو بالظرافة ... القمح ازرعو و الريح يجيب غبارو ,,,و القلب الا كان مهموم الوجه يعطيك اخبارو.....و للي راح برضايتو ما يرجع غير برضايتي,, ,ولا تلبس حاجة موش قدك,,, و لا على حاجة فارغة تندب حظّك ,,,و ما يحكلك غير ظفرك ,,,وما يبكيلك غير شفرك