أطوار من التراث العراقي الأصيل : الفنان ياس خضر وطور القزويني / محمد جعفر
الجمعة, 20 تموز/يوليو 2012 08:49
ياس خضر
زخرت الساحة العراقية بالكثير من المطربين الكبار والموهوبين الذي ابتكروا انماطاً غنائية حديثة من صلب البيئة الريفية وأدخلوا في غناء الريف الواناً كثيرة من الشعر الشعبي والشعر الفصيح والموشح ووضع بعض المطربين الريفيين الحانهم بانفسهم رغم انها كانت بسيطة التكوين لكن تلك الالحان كانت شجية ومعبرة ومليئة بالعاطفة وبساطة تركيبها كما يجاري البساطة في الاغنية العربية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وتمتاز الاطوار الريفية عن المقامات العربية والشرقية لوجود درجة استقرار خاصة بها ولوجود روحية الاداء والتركيز على نغمات الطوردون غيره مثل أطوار المحمداوي والحياوي والغافلي والصبي والشطراوي والملائي والقزويني. وهذا الطور تأتي تسميته الى آل قزوين وهم السادة المشهورين في الحلة والنجف وطويريج وفي الفرات الاوسط وان أول من قرأه هو السيد ابو المعز مهدي القزويني في المناسبات الدينية ومن فوق المنابر الحسينية الا ان هذا الطور له خاصية تنطوي على الحزن المعبر عن الوشائج التي تجمع بين طريقة الاداء وشجن المناسبة.
ويكاد ان يكون طور القزويني طوراً خاصاً بالمنابر، الا انه من الاطوار المتكاملة ولكونه يثير العواطف الجياشة الرقيقة عند المتلقي من رواد المجالس الدينية. وأداه ايضاً السيد كاظم القابچي والسيد خضر القزويني.
والسيد خضر هو والد الفنان ياس خضر أبن السيد علي بن السيد محمد القزويني. والفنان ياس خضر من مواليد النجف الاشرف عام 1938 مطرب متمكن ذو حنجرة متسمة بالقوة والحلاوة والحزن والتطريب.
كان لقاءه الاول بالملحن محمد جواد أموري نهاية الستينيات لينتجا أغنية "الهدل" التي بثتها اذاعة القوات المسلحة آنذاك وقد تغلب اسم الاغنية على مؤديها ليصبح مطرب الهدل الاسم الجديد لياس خضر.. غنى بعدها اغنية "ابو زرگة" ومن ثم اخذ يغني بطور القزويني، ابوذيات كثيرة الى شعراء من الفرات منها..
حبيبي اشوصلك يمنه ويابك
درسنه أسنين بغيابك ويابك
لنه دعوه لنه وگفه ويابك
أبيوم الحشر عد رب البريه
* * *
سهرنه الليل بغيابك وحينه
وغرب سكنت منازلنه وحينه
استراح المات من عدنه وحينه
أمدوهن والوكت نساه خويه
وفي صوت ياس خضر المتميز في اداء أطوار الابوذية تتجسد النبرات المنبرية الحسينية بحكم نشأته وبيئته وعالم أسرته التي اضافت عليه المسحة الدينية، فقد كان والده السيد خضر القزويني يمتلك صوتاً منبرياً ترك الكثير من بصماته على صوت ولده الفنان ياس خضر الذي أخذ اطوار الغافلي والملائي والقزويني عن السيد كاظم القابچي وعبد شاوي الحياوي.
يقول أحد شعراء الحي في هذه الابوذية من طور القزويني.
يخي لتلوم عگلي هيمني
عميت وعيب أوجد هيمني
وحگ الله النوايب هيمني
خذن مني العزيز وگصن بيه
ويقول الشاعر عريان السيد خلف في هذه الابوذية..
العليه غير اهلهه من علاها
وروحي يخسه الگلك من علاها
ابعزم الله نخلتي من علاها
يراموها بحجر وتظل سخيه
تشير المصادر أن السيد خضر القزويني هو أول من قرأ هذا الطور وذلك الى قابلية السيد خضر في إجادة هذا الطور اجادة تامة وذلك لما يملكه من براعة وقوة في اداء هذا الطور وهنا لعب العنصر الوراثي دوره في وراثة القابلية الصوتية ومهارة الاداء المتقاربة بين السيد خضر القزويني وابنه الفنان ياس خضر ولكن يبدو ان طور القزويني لم يأخذ قسطه من التطور اسوة بالاطوار الاخرى بالرغم من انه متكامل البنية وقد غناه محمد عبود النجفي والمطرب مجيد الفراتي ومطربين آخرين متأثرين بطريقة السيد خضر القزويني، ولكن الفنان ياس خضر قد طور نفسه بقصائد واغاني من شعراء كبار امثال زامل سعيد فتاح والشاعر الكبير مظفر النواب الذي اتحفه باغنية البنفسج التي تقول:
يا طعم يا ليله من ليل البنفسج
يا حلم يمامش ابمامش
طبع گلبي من اطباعك ذهب
وتغش وغليك واحبك
آنه متعود عليك هواي
يا سولة سكتي
وكانت من الحان الفنان طالب القرغولي. بعدها استمر التعاون مع الملحن طالب القرغولي فلحن له اغنية روحي واعزاز ومسافرين وحن وآنه احن التي تقول:
حن وآنه احن... تحبس الونه ونمتحن
مرخوص بس كت الدمع... شرط الدمع حده الجفن
جفنك جنح فراشه غض... وحجاره جفني ولا غمض
يل تمشي بيه ويه النبض... روحي اعله روحك تنسحن
حن بابا حن
ولكن تبقى اغنية "الريل وحمد" هي الأشهر بين اغانيه وكانت ايضاً الى الشاعر الكبير مظفر النواب والحان الملحن المبدع محمد جواد اموري.
مرينه بيكم حمد... واحنه بقطار الليل
واسمعنه دگ اگهوه... وشمينه ريحة هيل
يا ريل صيح بقهر... صيحة عشگ يا ريل
والى طور آخر من اطوار الغناء الريفي.