ولازال إسماعيل ياسين لم يكتشف بعد
وحين أقول أنه لم يكتشف بعد فلست أعنى لدى المهتمين بالموسيقى ولكن أعنى لدى الجمهور الواسع.
ومنذ سنوات عدة أعيد إكتشاف محمد فوزى وفايزة وقنديل وكارم وعبد المطلب وعبد الغنى السيد لدى دوائر معقولة من الشباب .
لكن وضع إسماعيل ياسين كممثل كوميدى أولاً ثم كمغن للمونولوج يجعل إمكانية إكتشافه أصعب يكثير. إذ أن هذه العناصر تلفت النظر بعيداً عن موهبته القذة فى الأداء.
وأنا شخصياً مررت برحلة غريبة فى إكتشاف والتعرف على إسماعيل ياسين كمغن من الطراز الأول:
فقد قرأت فى أحد الكتب على لسان إسماعيل نفسه كيف أنه هبط من السويس للقاهرة فى تحد لعبد الوهاب. كنت صغيراً جداً آنذاك. فقررت إعادة الإستماع لإسماعيل ياسين بتحد للتعرف على ذلك الذى يزعم قدرته على منافسة عبد الوهاب.
ورغم صغر سنى إلا أننى بهرت بإكتشافى لذلك الرجل.
وبمرور الوقت وإهتمامى بفنون التمثيل والأداء ( كتبت عدة مقالات فى هذا الموضوع كما ترجمت كتاباً وعدة مقالات أخرى ). إنبهارى بقدرات ياسين بشكل عام وبقدراته الغنائية بنحو خاص. لكن ظل إعجابى بياسين موقوفاً على المنتديات الضيقة والحوارات بين الأصدقاء.
ومنذ نحو عشر سنوات فوجئت بعمار الشريعى وقد خصص بعض حلقاته لإسماعيل ياسين . وشرح وافاض وأفاد حول قدرات الرجل الغنائية الفذة والغير مدركة حتى أنه فى تقديمه لأحدى أغنياته تحدى كل المطربين الموجودين على الساحة أن يستطيعوا أداء هذا اللحن لصعوبته الشديدة ومتطلباته التعبيرية التى لا يستطيعها سوى ياسين . وبدون هذه العناصر التعبيرية يفقد اللحن الكثير.
كان كلام الشريعى بمثابة ختم بالصحة على إكتشافى ذاك.
ومنذ سنوات بدأ بعض المسرحيين الشبان وأعضاء الفرق الغنائية إعادة تقديم إسماعيل ياسين لجمهور لم يكتشف تلك الطاقة الغنائية الفذة المهضومة . ولعل أشهر هؤلاء هو الفنان حسن الجريتلى وأعضاء فرقته ( الورشة ). فقد قدمت فرقة الورشة عدة منولوجات لإسماعيل ياسين غالباً ما يطلب الجمهور إعادتها أكثر من مرة . وربما كان مونولوج السعادة هو الأكثر إستحواذاً على الأسماع فى هذا المجال . ويعود ذلك فى رأيي لطبيعة لحنه وكلماته الرائعة ولكن لذلك مقام آخر.
وربما كانت تلك المحاولات قليلة التأثير لكنها البداية وأنا على ثقة أن إسماعيل ياسين سيعاد إكتشافه مهما طال الأمد لأن الفن الأصيل لا يموت . وهو ولا شك يتمتع باصالة عميقة .
|