[محمد الساكني]

شهادة بنهاية عصر الموسيقى الذهبي

كما شهد عصر ما قبل التاريخ أنقراض الديناصورات العملاقة بأنواعها السيارة والطائرة والباحرة شهد القرن العشرين رحيل أكبرجيل من العمالقة الرواد و جيل من الاساطير الذين تبعهم للخلود وواحد من أسباب الاحباط الذي نعيشه هو ظهور جيل من الاقزام شوهوا مجد الاباء ومسخوه عن بكرة أبيه ليس في الغناء والموسيقى وحسب بل في البناء والعمران أقصد الهدمان و بهروبهم نحو الامام عاليا وعلى ارتفاعات شاهقة مستصحبين معهم فوانيسهم المسحورة بموسيقى ليدي كاكا وعلى بساط الفقر وحلقوا عكس الرياح بطوربينات دفع ثمانية او ستة عشر غرابية أمريكية الصنع وفي أتجاه مغاير لقوانين الحياة هل تصدقون أنني رأيت في أحد الاسواق في بغداد من يبيع غراب أسود داخل قفص وأخر يبيع نسرا وقد هد عليه طائر حي ليمزقه ويقطعه أربا أربا قبل أكله؟
تخيلت مشهد أحد عمالقة المقام العراقي و صحى من غيبوبته الأبدية ورائى ما حل بمدينة السلام التي فقدت خضرتها وطيورها وعصافيرها وحتى غربانها فمن أين سيأتي الهام الشعراء ليكتبوا قصيدة جميلة يتغنى بها الشباب ؟ سيقول قائل بأن دواووين شعرنا وشعرائنا يملئ المكتبات التي أحقرت ومدارسنا التي لا تفرق بين الحاضر و الغائب من التلاميذ لان أكثر المعلمين الشباب لا يجيدون القراءة والحساب جيدا ولا حتى الاملاء والنبيه يفهم حال التلاميذ الجدد.وأقول كلمتي الاخيرة لقد رأيت بعيني نهاية عصر مجدنا الذهبي والله المستعان.
محمد الساكني

____________________________
الاخ العزيز محمد
بالرغم من كل ما شاهدته وبالرغم من كل ما رأيته لا تدع مشاعر اليأس تتسرب الى نفسك لان الدمار والانهيار هو حالة مؤقتة ستزول ان عاجلا او أجلا . ثمانية قرون من الظلام مر بها العراق , لكن بعد تأسيس دولته اوائل القرن الماضي استطاع بنصف قرن ان يقفز قفزات هائلة , وكانت منظمة الامم المتحدة على وشك ان ترفعه في اواخر السبعينات من قائمة الدول النامية وتدعله ضمن قائمة الدول المتقدمة . ان كل شيء يمكن ان يتغير وما جهودنا هذه وانت طرف فيها الا محاولة منا لكي نحفظ ونصون ارثنا الثقافي والفني وان نسلمه بامانة دون ان يصيبه تحريف الى الاجيال اللاحقة لكي يعرفوا تاريخهم وحضارتهم . دع مشاعر الامل تقوى في نفسك واجعل مشاعر الايمان بالقوة النبراس الذي ينير ملامح المستقبل امامك وثق بان العراق سينهض من جديد وانه امة ولودة يمكن ان تنجب العظام , وما نحن بصدده بهذه التظاهرة الا هو استذكار لاحد عظماء فننا وحضارتنا في العصر الحاضر .
وسام