الموضوع: أمي سامحيني
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21/03/2012, 12h37
الصورة الرمزية إيمانيات
إيمانيات إيمانيات غير متصل  
بنت الأصول
رقم العضوية:7216
 
تاريخ التسجيل: November 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 224
Post أمي سامحيني

أمي سامحيني!!
أعرف أنك لا تسمعينني الأن ، لقد رحلت منذ عشر سنوات
إلى الأن لا أستطيع التغلّب على هذا الإحساس الفظيع باليتم ، هل أتحدث عن اليتم
و قد تخطيت الأربعين و عندي أسرة و أطفال فأنا الأن أقوم بدور الأم.
هذا الدور الذي قمت به أنت، منذ أن صرخت أنا بأول نداء للحياة
، كنت دائما ًمعي الحضن ، الأمان، الثقة ، الثبات و الحب ، كنت الكلام و المشي ،
الصلاة و الصوم كنت من يـُحثـّني على فعل الخير ،
كنت بالنسبة ليّ معنى الحب بدون مقابل.
أعذريني أمي ، كنت طفلة متمردة ذات شخصية عنيدة ،
خلقت لك مشاكل كثيرة جعلت الحزن جزء من أحساسك ،ربما جعلتك تبكين ،
أنا جعلت عيناك تدمع يا إلهي !
وأسفاه ، على غفوتي حبيبتي ، الأن أنا من تبكي لمجرد تذكر قطرات
من العبرات تسقط من مـُقلتيك ،
أشعر بالغصة في حلّـقي كأني أراها على وجنتيك تحفر خطا ً
متلألئً من الماس و حبات الؤلؤ.
سامحيني أعرف أنك فعلت لحظة حدوث أي خاطرة فرح أو أي نجاح ليّ
أضفته في صحيفة أعمالي،كنت تشرقي كالشمس بالحنان و الدفء ،
تفرحين من أجل تقدّمي و إنجازاتي في الحياة.
كأنك أنا و أنا أنت ، رحيق روحي أعرف أن فترة الطفولة و المراهقة
تسبب لكل الأمهات الكثير من الحزن تـُثقل أنفسهن بالألم و الإرهاق
البدني و النفسي الرهيب.
أعلم ما جعلتك تمرين به ملاكي ، بعد أن أصبحت أم مسئولة عن طفلين
يشـّبا ليصبحا مراهقين ، تفاصيل حياتي تعود ليّ مـُجددا ً
و أنا أتابعهما ينموان لحظة بلحظة.
لكني أتعذب لمجرد التفكير فيما سببته بدون قصد ، ما يهون عليّ الأن
تلك اللحظات، هي وقات ضحكنا و مرحنا ، الإبتسامات التي كنت ألونها على شفتيك ،
كل أوقات سعيدة كنت أضيفها في حياتك بكلماتي و قربي لك.

بعد مرور فترة الصبا ثم الشباب ،تزوجت ثم أنجبت لأتذوق معنى الأمومة ،
الحب الذي قدمته ليّ على صفحات أيامك و سنوات حياتك
بكل تفاني ، عن طيب خاطر و أنت في قمة السعادة بدون أي مقابل
غير بسمة تـُرسم على شفاه أولادك ،و أحفادك فيما بعد ،
أسكنك المولى فسيح جناته ،

ليغفر ليّ الله عن هفواتي و تقلـّباتي و مشاكلي معك سابقا ً.
أمي يكفي أني أتعذب بذكراها إلى اليوم و أتمنى أن تـُمحى من ذاكرتي للأبد ،
فلا أستحضر غير الأوقات التي جعلتك تضحكين فيها أو كنت سبب
لإبتسامتك المـُشعة أن تنسلّ من بين شفتيك لتسّطع بالنور على وجهك الرقيق ،
الملئ بملامح و سمات الطيبة و الحب.
مرت على وفاتك سنوات لم تفارقي قلبي أو تفكيري ساعة واحدة فأنت معي
شئت أم أبيت ، كجزء من كياني ، من شخصيتي ، من إختياراتي ، من مشاعري ،
من وجودي كله.
أنت لم تبتعدي أبدا ً كيف تتركيني و أنا مفعمة بالطاقة لأجلك أستمد
من ذكرياتي عنك القوة لأستمر و أبقى.

أحب الجميع لأنك علمتيني معنى الحب الـُمجرد ،الخام ،
الصافي كفطرة الوليد.
كل نجاح أو إنتقال من مرحلة لآخرى ستكونين فيها بجانبي تـُسانديني .
أحلم بك دائما ً فأنا أحيا ايامي و الفكرة تـُشبـّع كياني تنتشر لتـُسرّي عني ،
أني في يوم ما سأنضم لك بجوار مثواك رفيقتي،
سأكون معك أخيرا ً ، نحن على وعد بلقاء قريب مـَليكتي ،
نرتحل سويا نقضي الوقت معا ً ، نضحك ، نتشاور ، نتحاور
و ننعم بأمومتنا المـُتبادلة لبعضنا البعض.
نلعب لعبتنا المـُفضلة ، مرة أكون فيها أنا إبنتك ،
تارة تكوني أنت إبنتي إلى الأبد!!!!
__________________
http://youtu.be/dR2XQxWh5Ng

تكريم الوالد عن مُجمل مشواره الموسيقي
الــفــن الجــمــيل هو ما يسمو بالإنسان لأعلى


و لا يــشـُــــدّه للأســفــل بــِــحــجــة التــطــوّر
رد مع اقتباس