
17/03/2012, 10h06
|
 |
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
|
|
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
|
|
|
رد: المدخل في علم الجمال..!!
اقتباس:
فالناظر إلى الجمال
لا يقل أهمية عن صانع الجمال
بل أشد في الأهمية وجوده
|
الأستاذه الفاضله هدى هانم دولت .....
جئت يا سيدتى بالقول الفصل فى تلك الإشكاليه المهمه
نعم فلسفة الجمال أكبر وأوسع من أن يكون مجالها نتاج أهل الفن بل تشمل كل مظاهر وآيات الجمال الذى يحيط بنا أينما ولينا أبصارنا وأسماعنا وسائر حواسنا .
و هذه البدايه تدفعنا لأن نبحث عن تعريف للجمال . هل الجمال قيمه مجرده مثل الخير أو الحق أو العدل أم أنه نتاج علاقه بين الشئ الجميل أو الذى نعتبره كذلك وبين إحساسنا بجماله أى أن هناك إضافة ما من المستقبل للمعنى الجمالى بحقيقته الواقعه تعطيه الشكل الجمالى الذى يثير فى النهايه فى المستقبل ذلك الشعور بالنشوه والسمو . وأعود الى سؤالى الأول كيف نعرف الجمال وهل يمكن أن نجد تعريفا مبسطا للجمال . ولى فى هذا الأمر دراسه متواضعه كنت سطرتها منذ سنوات حول اشكالية القبح والجمال والخير والشر من منظور عرفانى للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربى
وكما علمنا رسول الله "صلى الله عليه وسلم" أن نقول فى دعاء الإستفتاح قبل الدخول فى الصلاه "والخير كله بيديكوالشر ليس إليك" أى انه لما كان الله تعالى هو الخير المحض أى الوجود الخالص المحض الذى لم يكن عن عدم ولا إمكان عدم ولا شبهة عدم كان الخير كله بيديه . أما قوله "والشر ليس إليك" أى ولا يضاف الشر إليك , ولما كان الشر هو العدم المحض أى لا يضاف إليك ربنا عدم الخير ولا ينبغى لجلالك . وأتى بالألف واللام لشمول أنواع الشر أى الشر المطلق والشر المقيد بالصور الخاصه هذا كله ليس إليك أى ما سميته شرا أو هو شر لا ينبغى أن يضاف إليك أدبا وحقيقة . وللخروج من إشكالية عدم إضافة جانب من الأفعال التى يشم منها رائحة الشر قال المفسرون كلاما طيبا حول هذا الدعاء مثل قولهم "والشر ليس إليك بمعنى أنه لا يتقرب به إليك أو بمعنى أنه لا يصعد إليك بل يصعد إليك الكلم الطيب كما أخبرت , أيضا قالوا والشر ليس إليك أى لا يضاف من باب الأدب إليك أو بمعنى أدق لا يعتبر شرا إذا ما نسب لحكمتك فإنك لا تخلق شيئا عبثا .
كل هذه الأقوال لا بأس بها وهى على العين والرأس إلا أنها لاتشفى غلة طالب المعرفه ولا تجيب على أسئلة كثيرة تثار حول تلك الإشكاليه . لكننا سنجد فى واحة ابن عربى وفى ذخائر علومه الكثير مما يشفى الغليل حول تلك القضية المهمه .
الله تعالى أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا فعلمنا أنه يريد الإجمال فإذا فصله إنقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز , فلما أطلق الرضا به علمنا أنه يريد الإجمال . أما القدر فهو توقيت الحكم فكل شئ بقضاء وقدر . فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره ويجب الإيمان بالشر أنه شر وأنه ليس إلى الله من كونه كذلك بل هو إلى الله من حيث وجود عينه , والحقيقة أنه تعالى معطى الجمال والخير لا شئ غيره وإنما ظهر القبح والشر من حيث القابل الذى يفصله إلى ما يحكم به عليه من كونه جميل أو خير أم قبح وشر , فجماله وخيريته إبقاؤه على أصله فله حكم الأصل ولهذا قال "والخير كله بيديك" وما حكم به قبحا أو شرا فمن حيث القابل الذى هو أنت أو غيرك وهو قوله "والشر ليس إليك"
فإن سأل سائل فهذا المخلوق على قبول الشر هو من الممكنات التى خلقها الله تعالى فلم لم يخلقه على قبول الخير باعتبار أن الكل منه , والجواب على ذلك أن المخلوق ما وجد إلا على الحال الذى كان عليه فى حال عدمه كان ما كان والحق ما علم إلا ما هو المعلوم عليه فى حال عدمه الذى إذا ظهر فى الوجود كان بتلك الحال بعينها فما طرأ على المعلوم شئ لم يتصف به فى حال عدمه .
ما حقيقة هذا الأمر وما تحقيق هذا الكلام لنكون على بينه فالقضية شائكة ومعقده وخيوطها متداخلة إلى الدرجة التى يصعب تفكيكها وتناولها من زاوية واحده , ما هو الخير والجمال وما هو الشر والقبح وهل توجد خطوط فاصله تفصل بين مسمى الخير والجمال ومسمى الشر والقبح وهل يوجد فى دنيانا وعالمنا خير وجمال مجرد مطلق وشر وقبح مجرد مطلق أم أن الأمر نسبى لكليهما يختلف باختلاف توجهه ومتعلقه ؟ بمعنى أن ما نراه شرا وقبحا يمكن أن تكون فيه نسبة إلى الخير كسم الثعبان مثلا وهو شر وقبح إذا ما لدغ إنسانا وخير وجمال بنسبة الدواء الذى يستخرج منه "ومن السموم الناقعات دواء" وفى المقابل ما نراه خيرا وجمالا يمكن أن تكون فيه نسبة إلى الشر والقبح كماء المطر الذى هو خير بنسبة ما يعود به على الزرع والأرض والإنسان لكنه قد يتلف الزرع ويهدم القرى والمدائن لو فتحت أبواب السماء وتحول إلى سيول جارفه , لذلك يقول عمر بن العاص عبارته البليغة التى تشير إلى حنكة ورجحان عقل قائلها رضى الله عنه : ليس العاقل الذى يعرف الخير من الشر إنما العاقل الذى يعرف خير الشرين . أى يعرف الخير المبطون فى الشر والعكس , ويمكن قياسا تطبيق هذه المقولة الجامعه على الجمال والقبح .
أيضا من الأسئلة المهمة التى تثار وتطرح فى هذا السياق سؤال حول علاقة العناية الإلهية بإشكالية الخير والشر والجمال والقبح ووجود تلك المظاهر المتعددة لما نراه شريرا وقبيحا فى العالم وكيف تفسر تلك الشرور ومظاهر القبح التى تحيط بنا مع يقيننا بوجود العناية الإلهية وأنها تشمل العوالم كلها من كونه سبحانه رب العالمين المعتنى بهم والمتولى أمورهم وشئونهم , وهكذا تبرز أسئلة كثيرة تطرحها تلك الإشكالية للخير والشر والجمال والقبح ومعرفة حد كل منهما وتعريف لكل منهما وهى مسائل شغلت أذهان الكثيرين من المفكرين والفلاسفة والمحققين عبر التاريخ القديم والوسيط والحديث فاختلفت من حولها الآراء وتباينت وكان لكل جماعة رؤيتهم واجتهاداتهم حول تلك القضايا بجميع جوانبها . كذلك فإن تحقيق هذه الإشكاليه ربما يحل لغز الجمال والقبح وحقيقة كل منهما .
وربما يكون لى عودة لمزيد بيان إن أذن ربى ....
__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
|