عرض مشاركة واحدة
  #61  
قديم 05/03/2012, 23h22
الصورة الرمزية نور عسكر
نور عسكر نور عسكر غير متصل  
طاقـم الإشـراف
رقم العضوية:348516
 
تاريخ التسجيل: December 2008
الجنسية: .
الإقامة: .
المشاركات: 15,399
افتراضي رد: رشيد القندرجي

[ الذكرى 67 لرحيله ]

رشيد القنــدرجي


بقلم الشاعر والكاتب عبد الكريم العلاف



* من الناس من يهبه الله سجية الأحسان ومزية الأتقان فينحصر أتقانه وإحسانه في صناعته أو الفن الذي يهواه ويختاره لنفسه ويتحول بكليته اليه ويطير به الى أوج الكمال فيصبح بفضله موسيقياً ماهراً وفناناً مبدعاً ، فيرضي الناس جميعاً وتحل عبقريته في قلوبهم المحل الاعلى فتنطوي على محبته وتجتمع على تفضيله في حياته وبعد مماته .


ذلك هو المغني العراقي رشيد القندرجي فإنه عشق الغناء منذ عرف معنى الحياة وانصرف اليه بكل جارحة من جوارحه فإخذ بناصيته وامتلك زمامه ولولا هذا العشق وذلك الانصراف لما كان مغنياً بارعاً وفناناً مجيداً.


ان الطابع الخاص الذي امتاز به هذا المغني على أقرانه هو لطف الذوق وحسن الانسجام والتروي بالأداء فهذا الذي جعله ان يكون مغنياً أصولياً وخبيراً فنياً .


تولع بفن الغناء وصار يجالس كبار المغنين العراقيين ويسمع منهم بعض المقامات ومن حسن حظه انه أدرك أستاذه المرحوم أحمد زيدان ولازمه حتى مماته وقد أخذ عنه الغناء فلم تَفتهُ حركة من حركاته ونبرة من نبراته إلا وأتقنها وأحاط بها علماً وكثيراً ماكان أستاذه يسمعه يغني فيطرب لغنائه ويربت على كتفه استحساناً لما يسمعه منه ويقول له أنت : ( خليفتي من بعدي) وبالفعل حصل على تلك الرتبة الفنية التي كان يتمتع بها استاذه طول حياته.


لقد وهبت له الطبيعة نفساً طروبة تميل الى السرور والمرح غير انه اصيب في باديْ نشأته بما عكر صفاء تلك النفس فقد كان يرى أمامه دائماً أُماً حزينة أثقلها الدهر بنكباته فتستسلم يومياً للبكاء امام الفاقه والعوز اللذين احاطا بها.


وكان هو طيب القلب شديد الحب لها وبذلك حرم في صغره سعادة الطفولة وان تلك الآلام النفسية لم تكن لتحجب خفة روحه وميله الطبيعي للمزح والنكات وقد قضى الشطر الاول من حياته وهو ينتقي درر الانغام ليحلي بها جيد الفن ولم يفكر يوماً ما في الزواج فحرم بذلك زوجة تفكر في تدبير منزله وتنظيم أسباب معيشته الداخلية .


كان سريع الطرب لايقل طربه أثناء جلوسه على تخت الغناء عن طرب السامع وهوأول مغني عراقي بعد أستاذه تنبه الى واجبات الايماء واستصحاب حركات الغناء بالاشارات أي التمثيل فإذا غنى مقاما وأسمعه للناس لاول مرة خرجت منه أنغام متقنة الوضع رائقة للسمع وهذا مما جعل الناس أن يتحقق لديهم أن اجتهاده الفني في الابداع يعادل منزلة المجتهد في الاختراع وعلى هذا بقى يرفل في ثياب الانس والفرح ليله كنهاره ونهاره كليله يشنف ىذان السامعين بلآليء غنائه الى أن دعته الحكومة ليكون خبيراً فنياً في دار الاذاعة العراقية فقام بواجبه الفني خير قيام فحصل بذلك رضاء رؤسائه وبعد مدة اعتراه مرض لم يمهله اكثر من ثلاثة أيام وتوفى على غير انتظار ليلة الاثنين 8 صفر سنة 1364 هجرية وترك ورائه شهرة لايمكن ان ينطفي سراجها الوهاج .

[ كتبه في نفس العام أي 1945 ]
رد مع اقتباس