عرض مشاركة واحدة
  #148  
قديم 04/03/2012, 08h24
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,310
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن



204 هجـريه .. ليلـة توارى فيـها القمـر


@ دخل الربيع بن سليمان مؤذن المسجد العتيق فراشه مبكرا آملا أن يأخذ قسطا كبيرا من الراحة استعدادا للغد , أجل ينتظره يوم شاق من العمل فى المسجد العتيق . إنه يوم الجمعه وفيه يقوم بإعداد المسجد وتنظيفه وترتيبه لاستقبال آلاف المصلين الذين يتوافدون عليه ..
راح يغط فى نوم عميق حتى إذا انتصف الليل صحا من نومه فزعا وهو يستغفر الله متمتما فى نفسه .......... لا حول ولا قوة إلا بالله .. ما هذا ؟. ما هذا الذى رأيته الآن فى منامى ؟.
شعرت به امرأته وهو يهب فزعا من فراشه قاعدا يتصبب عرقا. سمعته يبسمل ويحوقل ويستغفر فقالت له وجلة ..........
ــ مالك يا رجل أفزعتنى أنا الأخرى ؟. ماذا دهاك الليله ؟.
ــ أسكتى يا امرأه فإنك لم ترين ما رأيته .
ــ ماذا !. هل دخل الدار أحد ؟!. أنا لم أشعر بشئ .
ــ يا امرأه .. أعنى ما رأيته فى منامى هذه الليله ؟.
سرت فى جسدها قشعريرة من وقع كلامه وأجفلت قائلة ........
ــ خيرا إن شاء الله , ماذا رأيت ؟.تكلم يا رجل !. أوقعت قلبى .
ــ إيـــه دعينى أتذكر . آه . رأيتنى أمشى فى سوق الوراقين ,وإذا بالناس يتدافعون من كل ناحية ويجرون على غير هدى حتى كدت أقع تحت أقدامهم . أصابنى الهول والفزع ورحت أسأل كل من يقابلنى عن الخبر ولا من مجيب . إلى أن رأيت شيخا طاعنا يجلس حزينا على دكة وحده واضعا رأسه بين يديه . ما إن اقتربت منه وناديت عليه حتى رفع رأسه وقال لى دون أن أسأله………………
ــ إنا لله وإنا إليه راجعون .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..
سألته وجلا بصوت مرتعش خائف ........
ــ هل مات أحد ؟..
ــ نعم ... مات أبو البشر ..
ــ من تقصد ؟.
ــ أبو البشر . الخليفه . ألا تفهم ؟.
ــ تعنى ......؟.
ــ أجل . هو ما أعنى . آدم . مات آدم وستخرج جنازته بعد العصر من المسجد الجامع . هيا اذهب إلى هناك لتصلى عليه ………………
عاد الربيع يقول لامرأته ..........
ــ ثم صحوت من نومى وأنا على هذه الحال من الخوف والفزع كما ترين ..
ردت فى ضجر بلهجة لا تخلو من سخرية واستخفاف .......
ــ يا رجل ,حرام عليك , إتق الله ,تفزعنى فى تلك الساعة من الليل لتحكى لى هذه التخاريف ,إن هى إلا أضغاث أحلام . يبدو أنك أثقلت فى طعام العشاء . أين نحن من أبينا آدم عليه السلام ؟. نم يا رجل واتركنى أنا الأخرى كى أكمل نومى . فى الصباح اذهب إن شئت إلى أحد العرافين فما أكثرهم هنا ..
نظر إليها كأنه لم يسمعها بينما راحت تشد الغطاء عليها تاركة زوجها تتلاعب به الهواجس والظنون وهو جالس فى فراشه لا يحرك ساكنا . ظل على تلك الحال إلى أن غفت عيناه قليلا . وبينما هو كذلك إذا به يرى طاقة يخرج منها شعاعات ضوء . أخذت تتكاثف وتتجمع حتى تشكلت فى صورة شبح نورانى . نظر إليه الربيع وهو يقترب منه رويدا رويدا إلى أن وقف أمامه مطرقا . دقق النظر فيه فإذا هو بشيخ نحيل يرتدى ثيابا بيضاء ناصعه وأسفل عينه اليمنى شامة سوداء . إنه الشيخ الورع الزاهد الفضيل بن عياض الذى ظهر من قبل للخليفة المنصور والمهدى . وهو نفسه الذى رآه الشافعى مناما قبل أن يراه يقظة فى صباه ..
قال للربيع آمرا فى نبرات حزينة قبل أن يفتح فمه بالسؤال .........
ــ هيا يا مؤذن المسجد العتيق قم . ألم يأتك النبأ العظيم ؟.
سأله واجفا ...........
ــ أى نبأ يا سيدى وإلى أين أذهب ؟.
ــ ألم تسمع بموت آدم ؟.
ــ بلى سمعت . لكنى لم أفهم ..
ــ قم يا ربيع وانهض من فراشك . ستعرف كل شئ بعد حين ..
أخذ الشيخ يتراجع بظهره للخلف ويضمحل شيئا فشيئا حتى اختفى أخيرا وهو يردد فى صوت كالصدى ............ مات آدم . مات آدم . مات آدم ..


يتبع .. إن شاء الله ...........................


__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها
رد مع اقتباس