[صالح الحسن]

يمثل ثروت عكاشة جيلا من جيل السياسيين ندر وجودهم في عصرنا الحاضر ، فهو من جيل عصور الازدهار العربية في القرون الأولى التي كان فيها السياسي لا يكون سياسيا ما لم يكن مثقفا من الطراز الأول بل وعالما بعلوم عصره . وقد كان الدكتور ثروت عكاشة من ذلك الجيل . كان يرحمه الله أديبا حقق بعض المخطوطات (لا يحضرني أحدها ) كما كان فنانا يكتب في شؤون الفن التشكيلي بعمق ، كما كان عارفا بالموسيقى وبالذات الموسيقى الغربية . لعل من أشهر كتبه : الأذن تسمع والعين ترى ... وهو موسوعة فنية عملاقة . كان ممن شاركوا في صنع ثورة 1952 والإطاحة بالنظام الملكي في مصر . لكنه نذر نفسه للثقافة، فلم تشغله السياسة عن حبه الأول وهو المعرفة .
كتب مذكراته في مجلدين ضخمين ، والحقيقة أنها ليست مذكرات بل هي رحلة في عالم الثقافة لا أعتقد أن أي وزارة من وزارات الثقافة العربية اليوم تستطيع التخطيط للثقافة كما رسم لها في هذين المجلدين ونفذ. رحم الله الفقيد فكان سياسيا ومثقفا في زمن الوحوش وأشباه الرجال ، وقتلة الشعوب .