قصيدة "ام كلثوم" انشدها الشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي (1875 – 1945) في مأدبة اقامها لام كلثوم فريق من الادباء في فندق الهلال ببغداد في يوم السبت 3 كانون الأول سنة 1932 .
" ام كلثوم " في فنون الأغاني....أمةٌ وحدها بهذا الزمان
هي في الشرق وحدها ربّة الفنّ....فما ان للفنّ ربّ ثان
ذاع من صوتها لها اليوم صيت....عمّ كلّ الأمصار والبلدان
ما تغنّت الا وقد سحرتنا....بافتنان لها وأيّ افتنان
في الأغاني تمثّل الحبّ تمثيلاً صريحاً بصوتها الفتّان
يتجلّى في لحنها مشهد الحبّ....أوان الوصال والهجران
فتريك المحبّ عند التنائي....وتريك المحبّ عند التداني
وتريك الحبيب عند افتراق....وتريك الحبيب عند اقتران
كل هذا في صوتها يتجلّى....من خلال الأنغام والألحان
صفحات من الغرام تراها....ظاهراتٍ في صوتها للعيان
تنشد الشعر في الغناء فتأتي....بلحون مطابقات المعاني
فاذا أنشدت عن الوصل أبدت....فيه لحن المسرور والجذلان
واذا أنشدت عن الهجر جاءت....بلحون تدعو الى الأحزان
كم سقتنا كأس السرور بلحنٍ....وبلحن كأساً من الأشجان
تفهم الروح منطق الحبّ مما....تتغنى به بلا ترجمان
فكأن الأنغام في الصوت منها....ناطقات لنا بغير لسان
قد سمعنا غناءها فعرفنا....كيف فعل الغناء في الانسان
حسن الصوت يزينه حسن لحن....فيه للسامعين حسن بيان
نبرات في صوتها مشجيات....تترك السامعين في هيجان
تسترقّ القلوب منا بصوت....نعبد الحسن منه بالآذان
كل لحن اذا سمعناه منها....دبّ فينا دبيب بنت الحان
في وقار الحليم تجعلنا طوراً ، وطوراً في خفّة النشوان
نتفانى في الاستماع اليها....ونرى لذّة لنا في التفاني
وترانا نهتز حين تغنّي....فكأنا في حالة الطيران
وكأن الأرواح اذ تتعالى....طرباً جردّت من الأبدان
هي في مرتقى الأغاريد تعلو....حين تشدو ونحن في خطران
يشعر المرء حين يصغي اليها....بغرام من صوتها روحاني
بنت فنّ غنّت لنا فسقتنا....من فنون الغناء بنت دان
هكذا فلتكن يد الفن عليا....هكذا فليكن علا الفنّان