الموضوع: جمالات شيحا
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01/10/2011, 21h36
الصورة الرمزية تيمورالجزائري
تيمورالجزائري تيمورالجزائري غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:246641
 
تاريخ التسجيل: June 2008
الجنسية: جزائرية
الإقامة: الجزائر
المشاركات: 1,284
افتراضي جمالات شيحا


مقال منقول من جريدة الأهرام المسائي:
جمالات شيحة شيالة الحمول

في القاهرة‏,‏ في قلب القاهرة‏,‏ هناك مكان اسمه مكان‏,‏ يشرف عليه د‏.‏ أحمد المغربي‏,‏ هناك تري كل صنوف التراث‏,‏ التراث الأصلي وليس التقليد‏,‏ ستجد مواويل وأغنيات غجر وذكرا‏

وستجد بنت الشقاء والمسئولية جمالات شيحة‏.‏ ستجدها تدندن بموال‏,‏ أو تنشد مديحا‏,‏ أو تغني لمصر‏,‏ أو تمزج كل هذا‏,‏ وهذا هو الأغلب فيما تقدمه
تحدثك جمالات بعفوية‏,‏ فهي تتكلم كما تغني وتغني كما تتنفس‏,‏ بمنتهي السهولة واليسر‏,‏ لا تشعر بانها تفعل شيئا غير عادي‏,‏ مع أن موهبتها في الحقيقة غير عادية‏,‏ ورغم وصولها إلي‏73‏ عاما فإنها تبدو وكأنها بنت العشرين بطلاقتها وابتسامتها العفية‏.‏
يري البعض أن جمالات شيحة لا تنتمي إلي فن المديح‏,‏ أو إلي الإنشاد‏,‏ وأنها اقرب إلي فن الموال‏,‏ لكن هذا يرجع في الأغلب إلي أننا تعودنا علي فن المديح بصورته الصعيدية الممتزجة بالتصوف‏,‏ والقائمة علي ترديد أشعار كبار المتصوفة من أول الحلاج وحتي ابن عربي‏.‏ لكن المديح في الدلتا‏,‏ بلاد الفلاحين‏,‏ مختلف فهو أقرب إلي المواويل الشعبية‏,‏ وإن كان يبقي مديحا خالصا‏.‏
من الفلاحين إذن خرجت جمالات شيحة لأم كانت واحدة من ثلاث زوجات للأب‏,‏ الذي تزوج وأنجب وتزوج وأنجب‏,‏ ورحل وفي رقبته عشرة أولاد تعهدتهم جمالات بالرعاية منذ اللحظة الأولي‏.‏
من هنا فإن مفتاح حديث جمالات عن نفسها هو إحساسها الغامر بالمسئولية‏,‏ فهي التي بدأت الإنفاق علي عائلة كاملة قبل أن تصبح آنسة‏,‏ وقتها كان كل ما تملكه هو صوتها الذي خرجت به في الموالد تبحث عن لقمة عيشها‏.‏
أنا اتعرض علي كل حاجة‏,‏ لكنني عاهدت ربنا علي إني ما أغضبوش‏,‏ هكذا تصف جمالات رحلتها في البدايات‏,‏ واصفة التحدي الأكبر‏:‏ كيف تحافظ علي لقمة عيشها‏,‏ وفي الوقت نفسه تحافظ علي الصورة والسيرة التي أرادتها لنفسها كبنت ريفية‏,‏ هكذا كان اختيارها للموال‏,‏ واختيار المديح كموضوع لكثير من مواويلها ممتزجا بمفهوم الشرف‏.‏ كان من السهل علي جمالات أن تهرب للقاهرة وتجرب حظها في الغناء‏,‏ لكنها لم تفعل‏,‏ ولم تترك عملها‏.‏ وتقول إنها تحافظ علي الصلاة والصوم والعبادات‏,‏ وأنها حجت لبيت الله‏,‏ فليس معقولا أن تحافظ علي عهدها بعدم إغضابه‏,‏ ثم تترك فرائضه‏.‏
قلت لها‏:‏ بسم الله‏,‏ ما شاء الله‏,‏ مازلت تحتفظين بجمالك‏,‏ هل هو السبب في تسميتك جمالات؟
قالت‏:‏ لأ‏:‏ جمالات جاية من الجمل‏.‏ من أكثر الحاجات اللي تسعدني إنهم ينادوني يا جمل‏..‏ يا جمول‏.‏
لم تعرف جمالات القراءة ولا الكتابة بالطبع‏,‏ فلم يكن هذا متاحا سواء في حياة أبيها‏,‏ أو بعد وفاته‏,‏ لكنها تسلحت بذاكرة حديدية قادرة علي حفظ عشرات المواويل من التراث‏,‏ فهي لا تعتمد علي مؤلف ولا ملحن‏,‏ كان ذلك في البداية لضيق ذات اليد‏,‏ ثم تحول إلي عادة‏,‏ وأخيرا أصبح منهجا‏,‏ سواء في رحلتها مع مكتشفها الراحل زكريا الحجاوي‏,‏ أو المشرف الحالي علي ناس مكان الدكتور أحمد المغربي‏.‏ لقد ساعدها هذا في البحث عن كنوز التراث‏,‏ لكي تستطيع تقديم الجديد دائما‏.‏ ولا تخجل جمالات من أميتها‏,‏ بالعكس‏,‏ هي تردد دائما أن مهمتها ورسالتها لا تقل أبدا عن أصحاب البكالوريوس‏.‏
لم يكن لأحد من إخوة جمالات نصيب من الموهبة‏,‏ لذلك لم يعمل معها منهم أحد‏,‏ باستثناء شقيقة واحدة هي روضة التي يعرفها محبو المدح باسم رضا شيحة‏.‏ لكن رضا نفسها تعترف بأن عملها مع شقيقتها لم يكن يعني أن تقاسمها تحمل المسئولية‏,‏ فقد كانت هي نفسها في العمل مسئولية‏:‏ كيف تحافظ عليها‏..‏ كيف تعلمها‏...‏ كيف تجعلها تحفظ المواويل‏,‏ وحتي الآن لا تستطيع روضة أو رضا أن تغني موالا دون الرجوع للشقيقة الكبري‏.‏ غير أن بعض أبناء أشقائها يعملون الآن في الإنشاد والموال‏,‏ تأسيا بعمتهم أو خالتهم‏.‏
كان زكريا الحجاوي ـ عليه رحمة الله تعالي ـ رجلا من طراز غير عادي‏,‏ عمل بمنطق كشافي كرة القدم‏,‏ الفارق أن كشاف كرة القدم يكسب الملايين من اكتشافه اللاعبين‏,‏ أما زكريا فقد كلفه شغفه بالمداحين والمنشدين والفنانين الشعبيين التضحية بأشياء كثيرة أقلها عمله في جريدة الجمهورية‏.‏
قرر الحجاوي عمل مسح شامل للقطر المصري بحثا عن المواهب‏,‏ وكانت الموالد هي المناجم التي يبحث فيها‏,‏ وفي أحد تلك الموالد وجد جمالات‏,‏ لتكون هذه محطة جديدة في حياتها‏,‏ وتكون فرصة كبيرة لنا لنستمتع بهذا الفن الذي لم يكن ممكنا لنا التعرف عليه لولا زكريا‏.‏
أحضر الباحث الشعبي الكبير الشقيقتين جمالات وروضة للقاهرة‏,‏ وساعدهما علي الالتحاق بالإذاعة المصرية‏,‏ والاعتماد فيها كفنانة شعبية‏,‏ وبقدر ما كانت هذه الخطوة نقلة في مشوار سيدة الموال‏,‏ فإنها كانت عبئا كبيرا‏,‏ تقول جمالات إن الإذاعة والتليفزيون في مطلع الستينيات كانا يضجان بنجوم التمثيل والغناء اللامعين‏,‏ فقد كانت الإذاعة المصرية هي المدخل الرئيسي للبيوت‏,‏ وبالتالي كان المبني إيه؟‏!!‏ حاجة بتلمع‏..‏ بينما كانت جمالات تحافظ علي ملابسها الريفية‏,‏ ولهجتها الريفية‏,‏ وغنائها الريفي‏,‏ كان كل ما فيها يدعو للسخرية‏,‏ وهو ما كانت تلقاه من العاملين وغير العاملين في المبني الذي ولد عملاقا‏.‏
أيضا لم يكن المقابل المادي الذي تحصل عليه ابنتا شيحة‏,‏ مناسبا لاسم وحجم المكان الذي كانتا تعملان فيه‏.‏ صحيح أن الأشقاء كبروا واعتمدوا علي أنفسهم‏,‏ لكنها كانت قد كونت أسرتها الخاصة‏,‏ وأصبح لها أبناء‏,‏ وهكذا تستمر المسئولية‏,‏ التي لا تريد الانتهاء طالما في العمر بقية‏.‏
ظلت جمالات شيحة بين عملها في الإذاعة‏,‏ وإحيائها لليالي‏,‏ وإنشادها للمواويل والمدائح‏,‏ ويوما بعد يوم يقل الاهتمام بما تقدمه من فن‏,‏ ويوما بعد يوم تزداد الأمور صعوبة‏,‏ جمالات لا تكن للوالد الذي حملها المسئولية بدري أية ضغينة‏.‏ بالعكس‏,‏ هي تذكر له أنه اشتري لها الذهب وهي مازالت بدارة‏,‏ وبفضل الله فإنها مازالت تحتفظ بقدرتها علي شراء المصوغات التي تحبها‏,‏ والتي تعتبر من جانب آخر رأسمال لها‏,‏ أمال؟‏!!‏ لبس الذهب لازم للست اللي هتطلع تغني علي الناس‏,‏ حتي يشعروا بأن عينها مليانة‏,‏ معنديش فلوس غير شوية الذهب دول‏,‏ بس مستورة‏.‏
كانت آخر تجربة خاضتها شيحة هي الغناء بصحبة المطرب محمد محيي في أغنية مظلوم‏,‏ هي لا تعتبر هذه الخطوة تغييرا لما تتغني به‏,‏ فهي تغنت كما تعودت‏,‏ والأغنية نفسها لأسطي من أسطوات الفن الشعبي هو الريس حفني أحمد حسن‏,‏ أي أن محيي هو الذي كان ضيفا علي هذا اللون وليس العكس‏,‏ وتري شيحة أن الشكل الذي خرجت به الأغنية في النهاية هو مسئولية محيي‏,‏ لكنها كانت فرصة لمرور صوتها إلي جمهور مختلف‏,‏ ولو مرة‏.‏ وقد ساعد
تداول اسمها وقت الأغنية علي أن يبحث الشباب عن مواويلها الأصلية ويتعرفوا عليه‏.‏
فكرت شيحة مرات ومرات في تغيير لونها‏,‏ أو في التوقف‏,‏ لكنها مدينة بالاستمرار لاثنين واحد أشارت له أكثر من مرة‏,‏ كان من سميعتها‏,‏ وكان اسمه عبد الغفار رمضان‏,‏ لا تنسي اسمه ابدا‏.‏
قال لها‏:‏ وصيتي يا جمالات طول ما قادرة تقولي قولي‏.‏ والثاني هو الدكتور أحمد المغربي صاحب مشروع مكان الذي يصل من خلاله صوت شيحة للعالم كله‏,‏ فهي تغني في الأغلب للسائحين القادمين من كل البلاد متشوقين لسماع المواويل والإنشاد‏.‏

أغاني جمالات شيحا
إضغط هنــــااااا
__________________

"هَذَا الفَّنْ حَلَفْ : لا يَدْخُلْ لِرَاسْ جْلَفْ ! "

الناس طبايع ,, فيهم وديع و طايع,, و فيهم وضيع و ضايع .... إذا دخلت للبير طول بالك ,,,و إذا دخلت لسوق النساء رد بالك....إلّلي فاتك بالزين فوتو بالنظافة ولي فاتك بالفهامة فوتو بالظرافة ... القمح ازرعو و الريح يجيب غبارو ,,,و القلب الا كان مهموم الوجه يعطيك اخبارو.....و للي راح برضايتو ما يرجع غير برضايتي,, ,ولا تلبس حاجة موش قدك,,, و لا على حاجة فارغة تندب حظّك ,,,و ما يحكلك غير ظفرك ,,,وما يبكيلك غير شفرك

التعديل الأخير تم بواسطة : نور عسكر بتاريخ 29/08/2015 الساعة 17h49
رد مع اقتباس