عرض مشاركة واحدة
  #68  
قديم 08/09/2011, 22h19
د.نعمان د.نعمان غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:380958
 
تاريخ التسجيل: January 2009
الجنسية: فرنسية
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 1,127
افتراضي رد: الافلام السينمائية العراقية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وسام الشالجي مشاهدة المشاركة
الفلم العراقي

سعيد افندي



فيلم (سعيد افندي) انتج عام 1957 وهو من اخراج المخرج العراقي كاميران حسني وبطولة الفنان يوسف العاني والفنانة الراحلة زينب (فخرية عبد الكريم) بالاضافة الى الفنانون ابراهيم جلال ، جعفر السعدي ، عبد الواحد طه ، وعبد الكريم هادي . نال الفلم شهرة واسعة في حينها لكونه تقريبا اول فلم عراقي نقل صورة واقعية عن الحالة الاجتماعية الموجودة في الشارع العراقي في فترة الحكم الملكي . وقد اقتبست قصة الفلم من رواية "شجار" للكاتب العراقي ادمون صبري , والتي تدور عن قصة شجار يقع بين اطفال المعلم سعيد افندي ذوي التربية الجيدة والاخلاق الحسنة مع اطفال الاسكافي المشاكسين الذين يفتقدون للتربية نتيجة قلة الوعي الاجتماعي لوالدهم الاسكافي الفقير الذي لم يتمكن من ادخالهم الى المدارس بسبب فقره . وقد ركز الفلم على ابراز الحياة اليومية للمعلم سعيد افندي وما يحيطه من شخصيات مختلفة كشخصية السقا , بائع المرطبات , البقال , الاسكافي , الحوذي , بائعة القيمر وغيرها من الشخصيات المرتبطة بالحياة اليومية لمن يعيش في محلات بغداد . تم تصوير الفيلم في شوارع واحياء بغداد بدونديكورات , وقامت الشخصيات بالتمثيل بدون تزويق , كما قام الفلم باظهار وشوارع وازقة بغداد الشعبيةالقديمة مبتعدا عن اظهار الشوارع الحديثة والجميلة والديكورات المصطنعة . فقد عرض الفلم البيت البغدادي الحقيقي الاصيل مثل بيت سعيد افندي وبيت جاره الاسكافي والمحلة والزقاق والشوارع التي تظهر بها الامانة (الحافلة) ومن خلفها الحمار مما يدل على واقعية المشهد وبدون تصنع . ان الاسباب الحقيقية وراء الاتجاه الى الواقعية والتصوير في الاماكن على حقيقتها هو عدم توفر الاستوديوهات والالات الحديثة والديكورات والأدوات الفنية كما صرح مخرج الفلم كاميران حسني .


فقد بين المخرج بان اغلب الممثلين كانوا غير محترفين بل كانوا في بداية حياتهم الفنية بسبب عدم وجود حركة مسرحية وسينمائية كبيرة في العراق في ذلك الوقت مما ادى الى استخدام بعض الممثلين لاول مرة في هذا الفيلم مثل ( زينب زوجة سعيد افندي والاسكافي والفتاة البكماء والاطفال) .



وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهت انتاج الفيلم من الناحية الفنية المتواضعة والموارد المالية البسيطة التي رصدت لانتاجه فأن الفكرة الرئيسية والطرح الواقعي البسيط الذي تجلى من خلال الاحداث جعل الرسالة الاعلامية تصل الى الجمهور بكل شرائحه من رجل الشارع البسيط الى النخبة المثقفة التي تؤكد على دور العلم والمدرسة في القضاء على الجهل والتخلف السائد .



في عام 1962 كان شقيقي الذي يكبرني يدرس في لندن , وقد قال لي بان فيلم سعيد افندي قد عرض في حينها في احد سينمات لندن . وقد اضاف لي بانه هو وعدد من الطلبة العراقيين حجزوا صفين من الكراسي لرؤية الفلم الذي لم يحضره من الانكليز سوى عدد محدود لا يتجاوز عدد اصابع اليد . وقال لي في حينها بانهم كانوا يتمنون لو ان الفلم اظهر معالم بغداد الحديثة , لكن تركيزه على الاحياء الشعبية كان مدعاة للخجل بالنسبة لهم لشدة ما اظهره الفلم من تخلف المجتمع العراقي . ان هذا الرأي طبعا لايمكن الاعتماد عليه في تقييم الفلم لانه منطلق من وجهة نظر تحكمها بعض الظروف المحيطة , لكن الفلم كان في كل الاحوال من الافلام العراقية الناجحة .


فيلم سعيد أفندي

أخي وأستاذي العزيز وسام الشالجي

يعجبني ، وكالعادة ، طرحك للمواضيع بطريقة رصينة ومتزنة ومتوازنة تدع مساحة ليست ضيقة للمناقشة وابداء الرأي ولا تغلق الباب امام المداولات وهذا لعمري ليس بالأمر السهل. وهذه الروح المنفتحة والمتفتحة هي التي شجعتني على التعقيب الذي انا بصدد الدخول اليه.

ان موضوع فيلم سعيد أفندي شيق ويستحق الدراسة. هذا الفيلم هو ربما اشهر فيلم عراقي ظهر الى حد الان ، حيث ظلت مشاهده وشخصياته واحداثه عالقة في ذاكرة الناس ، واستخدموها كأمثلة في أحاديثهم. وعلى سبيل المثال كنا نقول لمن ينشد او يريد الحصول على شيء نادر الحصول : انه مثل سعيد افندي يريد منزل جيد وكبير وغير بعيد عن العمل وبسعر بسيط وهي مواصفات من الصعب الحصول عليها مجتمعة.

ان ما نقلته عن شقيقك عن عرض الفيلم عام 1962 في لندن والصورة السلبية التي تركها في نفوس من شاهد الفيلم سواء كان العدد القليل من الاجانب او العراقيين وكل حسب تفسيره : الانكَليزي لم يعجبه الفيلم الذي يختلف عن الافلام الانكَليزية والامريكية التي اعتاد رؤيتها والعراقي لانه وبموقع وجوده في بلد أوروبي كان يأمل ان يصور الفلم في أحياء راقية كي يعطي صورة جيدة وان كانت غير صادقة عن العراق. اقول انك نقلت بأمانة ما قيل لك اما قولك " ان هذا الرأي طبعاً لا يمكن الأعتماد عليه في تقييم الفلم لانه منطلق من وجهة نظر تحكمها بعض الظروف المحيطة.." فهو تفسير منطقي وحقيقي .

لم يكن الفنان يوسف العاني ولا أحد ممن شاركوه في صنع الفلم (عام 1957) متأثرا بالمدرسة السينمائية الأمريكية او الانكليزية وان كانوا معجبين بمدرسة شارلي شابلن وهي مدرسة خاصة كرست لتصوير حياة ومعاناة الفقراء والمساكين. كان يوسف العاني وزملائه ينتمون في الواقع الى المدرسة "الواقعية الجديدة" المتمثلة بالسينما الإيطالية.


يقول الناقد والمخرج السينمائي العراقي سعد المسعودي عن يوسف العاني :

" مع اكتشافه سحر السينما بدأ يوسف العاني يبحث ويسجل انطباعاته ويناقش مع أصدقاءه كل فيلم يشاهده. ومن خلال قراءاته اكتشف المدرسة الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية..وأصبح يقارن بينها وبين السينما الأمريكية ، واكتشف أن السينما الايطالية هي الأقرب إلى كتاباته لأنها تحاكي الواقع ولا تبتعد عنه. فبدأ يكتب ملاحظاته على شكل نقد سينمائي في بعض الصحف العراقية..وظل شارلي شابلن النموذج الأمثل له ممثلاً وأسلوباً وشخصية وأصبح يقارن نجيب الريحاني به من حيث الطرح الفني والتمثيل.

وفيما بعد ، ساهم يوسف العاني مع عدد من المثقفين بتحرير مجلة (السينما) التي أصدرها المخرج كاميران حسني في أواسط الخمسينات. فكان أول سيناريو له أول فيلم يخرجه كاميران حسني ألا وهو (سعيد أفندي) 1957 المأخوذة عن قصة (شجار) للقاص ادمون صبري، ووضع في السيناريو كل تخيلاته وآرائه الفنية وحرص على أن تظل أحداث الفيلم ذات واقع عميق وإنساني تشرق به بسمة الإنسان وهي تخفي في أحيان كثيرة دموعاً ساخنة لحالات مرة وصعبة. كما مثل الدور الرئيسي وأجاد في التمثيل كما أجاد في السيناريو. ويعتبر فيلم (سعيد أفندي) من أجمل الأفلام العراقية التي تنتمي ، وكما أراد يوسف العاني ، الى الواقعية الجديدة التي أحبها وكتب عنها الكثير ".



لقد شاهدث فيلم (سعيد افندي)عدة مرات كان اولها في عام 1958 ، وقد حالفني الحظ لأن اشاهد الفيلم من جديد في عام 1998 حيث احتل موقعاً بارزاً اثناء انعقاد مهرجان السينما العربي الرابع في باريس في معهد العالم العربي. وقد كرس المهرجان لتكريم الفنان يوسف العاني من خلال عرض الأفلام التالية : المسألة الكبرى ، الخطاف لا يموت في القدس ، الملك غازي ، سعيد أفندي ، اليوم السادس ، و المنعطف.

أقول حالفني الحظ لأن تكريم يوسف العاني قد توج بعرض فيلم سعيد أفندي بحضور الفنان نفسه ، وكانت النسخة المعروضة باللغة الأصلية (العامية العراقية) مع ترجمة مكتوبة الى اللغة الفرنسية. اما قاعة العرض الرئيسية في معهد العالم العربي فقد كانت مكتظة بالحاضرين من الجمهور العراقي والعربي ومن الأجانب وكذلك من الصحفيين و الكتاب والنقاد والسينمائيين العرب والأجانب. وقد أعقب العرض نقاشات عن الفلم وأجاب الأستاذ يوسف العاني على جميع الأسئلة والاستفسارات التي طرحت باللغات العربية او الفرنسية او الانكليزية ، اذ ان معهد العالم العربي قد هيأ مترجمة تترجم الأسئلة المطروحة من قبل المختصين الأجانب باللغتين الانكليزية والفرنسية الى اللغة العربية ، ثم تترجم إجابات الأستاذ العاني التي هي في اللغة العربية الى لغات السائلين الأجانب. وكانت معظم الأسئلة فنية وتتعلق بالظروف التي أدت الى ظهور الفلم واسباب تأثر الفنان ورفاقه بالمدرسة الإيطالية. ومن التعقيبات فهمت أن المدرسة الإيطالية الواقعية الجديدة التي ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وما تلاها من فقرفي بعض الدول الغربية مثل ايطاليا ، قد تركت بصمات واضحة على السينما لكثير من دول العالم ومنها ايضاً فرنسا البلد المجاور لإيطاليا.

وتحدث يوسف العاني عن نجاح وشهرة الفيلم في العراق الى حد صدور بعض الشائعات التي راجت عن الفيلم ومنها ان البعض يقول ان دائرة الرقابة قد حذفت لقطات من الفيلم لأنها انتقدت النظام الملكي القائم آنذاك من خلال جملة يقول فيها سعيد أفندي ان "السمجة خايسه من راسها". وقال الأستاذ يوسف العاني انه قد سمع مثل هذا الكلام حتى بعد 40 عاماً من عرض الفلم ثم قال : ان هذا الكلام غير صحيح ولم تحذف الرقابة شيئاً فلا اللقطة المذكورة لها وجود ولا تلك العبارة.

اما عن المخرجين السينمائيين العرب فقد أبدى يوسف العاني إعجابه الكبير بالمخرج المصري المعروف المرحوم يوسف شاهين. ومن المتحدثين العراقيين كان الشاعر والخطاط العراقي محمد سعيد الصكَار الذي القى كلمة حب ووفاء رائعة بحق الأستاذ العاني.

بعد انتهاء المناقشات قررت ان لا أضيع الفرصة فتوجهت بالسلام على الفنان الكبير وقلت له انك عميد المسرح العراقي.

وبشكل عام فان عرض فيلم سعيد افندي في صالة المعهد العالم العربي في فرنسا قد حقق نجاحاً منقطع النظير وأثار اهتماماً بالغاً من قبل النقاد وذوي الاختصاص وقوبل بالتصفيق الحاد من قبل الجمهور حال انتهاء عرض الفلم.

مع تحياتي

نعمان

المرفقات من اليمين الى اليسار : بطاقة دعوة لحضور تكريم يوسف العاني بفلم سعيد افندي، لقطة من فيلم سعيد افندي ، لقطة أثناء احدى البروفات ويظهر فيها يوسف العاني ممدداً.




الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 08-09-2011 18;13;03 - Copie.jpg‏ (92.4 كيلوبايت, المشاهدات 7)
نوع الملف: jpg سعيد افندي.jpg‏ (91.6 كيلوبايت, المشاهدات 9)
نوع الملف: jpg سعيد افندي (2).jpg‏ (89.7 كيلوبايت, المشاهدات 9)
__________________
يا دجلة الخير : ما يُغليكِ من حنَقٍ .. يُغلي فؤادي ، وما يُشجيكِ يشجيني
يا دجلة الخير : أدري بالذي طفحت ....... به مجاريك من فوقٍ إلى دوُن
أدري بأنكِ منْ ألفٍ مضتْ هَدَراً .......... للان تَهْزَين من حكم السلاطين

الجواهري
رد مع اقتباس