عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 30/06/2009, 11h21
الصورة الرمزية د أنس البن
د أنس البن د أنس البن غير متصل  
نهـر العطاء
رقم العضوية:688
 
تاريخ التسجيل: March 2006
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 8,311
افتراضي

185 هجـريـه .. الحلقـة الشافعيـه

@ فى حلقة عامرة قبالة الميزاب لم تشهد مكة مثلها من قبل إلا فى عصر الصحابة العظام . جلس الشافعى فى نفس المكان الذى كان يجلس فيه فقيه الأمة عبد الله بن عباس قبل مائة وخمسين عاما يبث المسلمين الأوائل ما تحتمله عقولهم وتقدر عليه أفهامهم مما يحمله فى قلبه من علوم جمه من كنوز علوم القرآن الكريم وأسراره والأحاديث التى سمعها شفاها من رسول الله "صلى الله عليه وسلم" . جلس الشافعى رجلا فى عنفوان الشباب تعلوه مهابة الملوك ويكتنفه وقار الشيوخ . أدوات التفسير والفقه العظيم طوع بنانه وميزان الشرع فى يمينه يستنبط ويقعد القواعد . مع عقل ألمعى فذ يضع الأسس التى سوف يبنى عليها مدرسته الكبرى ومنهاجه الفريد وأصول الإستنباط والقياس الصحيح ..
وشاءت إرادة الله تعالى أن تكون مكة التى زادها الله شرفا بمولد رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فى أرضها المباركة هى التى تشهد ميلاد هذا الفقه ونمائه وأن تكون هى القاعدة الأولى التى ينطلق منها إلى أرض العراق . ثم تصير مصر الفسطاط بعد ذلك هى القاعدة الثانية التى ينتشر فيها علمه وينطلق من مسجدها العتيق إلى شتى بقاع الأرض ..
جلس الشافعى مرتديا ثوبه الأبيض الناصع البياض وفى جعبته علوم القرآن كلها وآثار السلف من الصحابة والتابعين . مزودا بما قالت العرب من أشعار وحكم ومأثورات يقول لمن حوله ويرد على أسئلتهم : .................
............... والعلم علمان , علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله , مثل الصلوات الخمس وأن على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت وزكاة أموالهم . وأنهم حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان فى معنى هذا مما كلف العباد أن يعقلوه ويعملوه ويعطوه من أموالهم وأن يكفوا عنه بما حرم عليهم منه ..
ــ وأين نجد العلم الذى يجب على عامة المسلمين معرفته وعدم الجهل به ؟.
ــ هذا الصنف من العلم موجود نصا فى كتاب الله وموجود عاما عند أهل الإسلام ينقله عوامه عمن مضى من عوامهم . يحكونه عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ولا يتنازعون فى حكايته ولا وجوبه عليهم . وهذا العلم العام هو الذى لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع أيضا ..
ــ والنوع الآخر من العلوم أيها الشيخ ؟.
ــ النوع الآخر من العلوم علم الخاصه وهو ما ينوب العباد من فروع الفرائض وما يختص به من أحكام وغيرها مما ليس فيه نص كتاب ولا فى أكثره نص سنه . وإن كانت فى شئ منه سنه فإنما هى من أخبار الخاصة لا أخبار العامه . وما كان منه فإنه يحتمل التأويل ويستدرك قياسا ..
ــ وأين عامة المسلمين من هذا العلم ؟.
ــ هذه الدرجة من العلم ليس تبلغها العامة ولم يكلفها كل الخاصه والفضل فيها لمن قام بها . قال تعالى فى سورة التوبه " وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون " . وهكذا كل ما كان الغرض فيه مقصودا به قصد الكفاية فيما ينوب . فإذا قام به من المسلمين من فيه الكفايه خرج من تخلف عنه من المأثم ..
ــ وإذا لم يقم به أحد ؟.
ــ لو ضيعوه معا خفت ألا يخرج واحد منهم مطيق من المأثم بل لا أشك إن شاء الله لقوله تعالى ‘‘ إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ‘‘ . ولم يزل المسلمون على ما وصفت منذ بعث الله نبيه فيما بلغنا إلى اليوم يتفقه أقلهم ويشهد الجنائز بعضهم ويجاهد ويرد السلام بعضهم ويتخلف عن ذلك غيرهم . فيعرفون الفضل لمن قام بالفقه والجهاد وحضور الجنائز ورد السلام ولا يؤثمون من قصر عن ذلك منهم ..
ــ وكيف نأخذ أدلة الأحكام ؟.
ــ لا يصار إلى شئ غير الكتاب والسنة , وهما موجودان , لأن العلم إنما يؤخذ من أعلى ..
ــ وماذا بعد الكتاب والسنه ؟.
ــ للعلم أيها الناس طبقات شتى . الأولى الكتاب والسنة إذا ثبتت ثم الإجماع فيما ليس فيه كتاب ولا سنه . والثالثة أن يقول بعض أصحاب النبى "صلى الله عليه وسلم" قولا ولا نعلم له مخالفا منهم . والرابعة اختلاف أصحاب النبى "صلى الله عليه وسلم" فى ذلك ..
ــ هل بعد ذلك شئ ؟.
ــ أجل القياس على بعض الطبقات ..
ــ زدنا بيانا أيها الشيخ زادك الله علما وفهما ؟.
ــ يكفى ما قلناه اليوم . فى الغد إن شاء الله نكمل ما بدأناه ………………


@ إستمرت اللقاءآت وتوالت فى نفس المكان , يتخذ الشافعى مكانه والناس من حوله متحلقون وقد أعاروه آذانهم وهو يقول ................

ــ أيها الناس إعلموا أن العلم وجهان , إتباع واستنباط ..

ــ ماذا تعنى بالإتباع والإستنباط , وما الفرق بينهما ؟.

ــ الإتباع , اتباع الكتاب , فإن لم يكن فمن السنه , فإن لم يكن فقول عامة من سلف لا نعلم له مخالفا . فإن لم يكن فقياس على كتاب الله عز وجل , فإن لم يكن فقياس على سنة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" , فإن لم يكن فقياس على قول عامة من سلف لا مخالف له ولا يجوز القول إلا بالقياس ..

ــ وما العمل إذا قاس من لهم القياس فاختلفوا ؟.

ــ إذا قاس من لهم القياس فاختلفوا وسع أن يقول بمبلغ اجتهاده ولم يسعه اتباع غيره فيما أدى إليه اجتهاده ..

ــ أيها الشيخ , قلت من قبل فى مراتب العلم وطبقاته أن الكتاب والسنه مرتبة واحده . وكنا نظن من قبل إلى أن قلت لنا ذلك أن السنة مرتبة تالية للكتاب . فهل لك أن تبين لنا حقيقة هذا الأمر حتى نكون على هدى وبينه ؟.

ــ إعلموا أيها القوم أن الكتاب والسنة كلاهما عن الله تعالى إذ ما كان النبى "صلى الله عليه وسلم" ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى . فكلاهما عن الله وإن تفرقت طرقهما وأسبابهما . والسنة مع الكتاب يتممان شرعا واحدا فكل من قبل عن الله وما فرضه فى كتابه قبل عن الرسول "صلى الله عليه وسلم" فى سنته وذلك لما فرض الله طاعة رسوله على خلقه وأن ينتهوا إلى حكمه . ومن قبل عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" , فعن الله تعالى قبل , لما فرض الله علينا طاعته ..

سكت الشافعى برهة وأردف قائلا .......

ــ ولأبينن لكم هذا الأمر أحدثكم عما قاله الصاحبى الجليل عبد الله بن مسعود لامرأة بنى أسد ..

ــ ماذا قال لها يا ابن إدريس ؟.

ــ يروى أن امرأة من بنى أسد جاءت عبد الله بن مسعود يوما وهى غاضبة تقول له : بلغنى أنك تلعن صنفا من النساء .

سألها عن ذلك فقالت له ..... ألم تقل لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟.

قال لها ..... بلى قلته وما لى لا ألعن من لعن الله ورسوله .

قالت له مستنكرة ....... وهل وجدت ذلك فى كتاب الله ؟!.

قال لها .... نعم وجدته .

زاد استنكارها وهى ترد عليه قائلة ...... قرأت ما بين دفتى المصحف مرات فلم أجد آية واحدة تقول ذلك .

قال لها ..... كيف تدعين ذلك يا امرأه , ألم تقرأى قوله تعالى فـى سـورة الحشر ‘‘ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ‘‘ ..

يتبع.. إن شاء الله............................

__________________
أحرث حقول المعرفه
لتقطف سنبلة الفهم
التى بذرتها

التعديل الأخير تم بواسطة : د أنس البن بتاريخ 19/05/2011 الساعة 18h38
رد مع اقتباس