رد: البطولات النسائيه في أفلام محمد عبدالوهاب
بطلات أفلام محمد عبدالوهاب (2)
أقصر حكايات الحب في حياةعبد الوهاب
وأمضي في الحديث مع عبد الوهاب.
ونطوي صفحات فيلميه “الوردة البيضاء” و”دموع الحب” لنصل إلى فيلمه الثالث “يحيا الحب” الذي كانت بطلته المطربة الممتازة ليلى مراد!.
ولكن أين التقى الموسيقار الكبير بصاحبة أجمل صوت ووجه سينمائي في الأربعينات!.
يقول عبد الوهاب:
ـ ذات يوم جاء إليَّ الفنان المرحوم زكي مراد، وكان صديقاً لي، وقال لي ان عنده بنتاً اسمها ليلى، ويريد مني أن أسند إليها دوراً في أحد أفلامي، ومن أجل أن يدعني أسمعها وأراها في جو عام، فقد أقام حفلة في مسرح “رمسيس” لتغنّي فيها.. وفعلاً، ذهبت وسمعت ليلى مراد ورأيتها فأعجبت بها أشد الإعجاب، وأحسست فعلاً بأنه قد ولد في مصر صوت جديد بكل معنى الكلمة، فضلاً عما كانت عليه من رشاقة وجمال، وما عندها من حلاوة وإحساس!.
ويمضي في الحديث:
ـ وليلى مراد تمتاز عن السابقات اللواتي مثّلت معهن بأنها فنانة لها شخصية، وانها رقيقة جداً ومرهفة الحس، وصادقة في كل شيء، في الكلام، في الغناء وفي التمثيل، وكان وجهها معبّراً وجميلاً، وبعد أن نجحت في دورها في فيلم “يحيا الحب” أردت أن أمثّل معها فيلماً ثانياً، إلاّ أن المخرج محمد كريم عارض في ذلك بشدّة، عملاً بالقاعدة التي وضعها لأفلامي، وهي أن يكون لكل فيلم بطلته، ولا يتكرّر ظهور الممثلة أو المطربة الواحدة معي مرتين.. وطبعاً نزلت عند رأيه، وان كنت أغالطه فيه، لأن ليلى مراد ليست هي الفنانة التي تؤخذ في فيلم واحد، والسينما المصرية لم ترَ حتى الآن فنانة عندها من المواهب والمزايا ما عند ليلى مراد التي ما يزال مكانها شاغراً!.
* الذقن والشنب!
وإلى “يوم سعيد” رابع أفلام عبد الوهاب!.
ويقول الموسيقار الكبير وشريط الذكريات يمر في مخيّلته:
ـ في هذا الفيلم أشياء جميلة وطريفة، ومن الأشياء التي يمكن لفيلم “يوم سعيد” أن يعتز بها، أن فاتن حمامة قد ظهرت فيه لأول مرة وكانت في التاسعة من عمرها، وهي عندما قدّمها لنا والدها الذي كان ناظراً في مدرسة كانت أشبَه بالمعجزة، فتاة في التاسعة من عمرها تتصرّف تصرّف فتاة في الثلاثين من عمرها ذكاء وتمثيلاً وفهماً ونضجاً، ومن يومها أمسكنا بها ولم نعد نتركها في أي فيلم لنا!.
قلت:
*ولكن.. كان للفيلم بطلة كبيرة في السن غير فاتن حمامة؟
أجاب:
ـ فعلاً، وكان اسمها سميحة سميح، وهي فتاة من أصل يوناني، والمؤسف كانت تحب شاباً، وغدر بها هذا الشاب وهجرها، فما كان منها إلاّ أن أكملت تمثيل فيلم “يوم سعيد” ثم أقدمت على الإنتحار بأن أشعلت النار بنفسها..
قلت لعبد الوهاب:
*وفي هذا الفيلم أيضاً غنّت أسمهان!!
أجاب:
ـ آه.. ومن الأشياء الطريفة التي أذكرها أنني بعد أن سجّلت مقاطع أوبريت “مجنون ليلى” في الفيلم أنا والمرحومة أسمهان، كان مفروضاً أن نمثّل مشاهد الأوبريت معاً أمام الكاميرا، ولكن عندما لبست أنا ملابس قيس بن الملوح، ووضعوا على وجهي شنباً وذقناً مستعارين، رأيت نفسي في الصورة شخصية كئيبة وكأنني راعي غنم مثلاً، ورفضت أن أمثّل المشهد بنفسي، وكان بعد ذلك أن أسند دوري إلى الممثل المرحوم أحمد علاّم، ودور ليلى العامرية إلى فردوس حسن!! وأذكر يومها أيضاً أن اتفاقي مع أسمهان كان على أن تغنّي في “يوم سعيد” أغنية “محلاها عيشة الفلاح” وسجّلتها بصوتها فعلاً، ولكنها عادت بعد ذلك وغيّرت رأيها وقالت انها تريد الاكتفاء بـ: أوبريت “مجنون ليلى”.. وكان لها ما أرادته وسجلت الأغنية وظهرت في الفيلم بصوت مطربة قديمة اسمها بديعة صادق!.
* كمبارس.. أصبحن بطلات
وكان فيلم “ممنوع الحب” هو الفيلم الخامس!.
ويقول الموسيقار الكبير:
ـ ما أعتز به في هذا الفيلم هو أن ثلاث ممثلات ظهرن فيه بأدوار ثانوية، ووقفن حولي وأنا أغنّي “بلاش تبوسني في عينيَّ”.. ومن هذه الأدوار الصغيرة انطلقن ليصبحن نجمان لامعات على الشاشة السينمائية وهنّ: مديحة يسري، سامية جمال وليلى فوزي!.
وقلت للموسيقار الشجي الحديث:
*ولكن البطلة الأولى كانت رجاء عبده..
أجاب:
ـ رجاء عبده لم تكن مطربة محترفة، وقد سمعتها في جلسة خاصة، فوجدت عندها استعداداً لأن تكون مطربة وممثلة سينمائية ناجحة، فأسندنا إليها دور البطولة في “ممنوع الحب” ولم ننسَ فاتن حمامة التي كانت قد كبرت سنتين، فكان لها أيضاً دور بارز في الفيلم!.
وضحك عبد الوهاب وتذكّر:
ـ مرة كنت أمثّل أمام الكاميرا دوراً حالماً أمام رجاء عبده، مشهد حب ناعم وهادئ نجلس فيه على الحشائش الخضراء وتحت الشجر، وفجأة ونحن في منتصف المشهد انتفضت رجاء وصرخت وأخذت تركض من مكان إلى آخر كالمجنونة، وطار صواب المخرج وحدث هرج ومرج ولا أحد يعرف ما الذي حصل، ثم تبيّن أنّ صرصاراً تسلّل إلى داخل جسم رجاء وهي التي تموت خوفاً من الحشرات، فكانت انتفاضتها هذه هي التي أطارت من رأسي كل ما في المشهد الذي يجمعني بها من خيال!.
* أناقة راقية ابراهيم!
وماذا عن فيلم “رصاصة في القلب”؟
يقول الموسيقار الكبير:
ـ كان فيلماً يختلف عن سواه بمستواه الأدبي، لأن قصته ألّفها شيخ الأدباء العرب الأستاذ توفيق الحكيم، وكان في اعتقادنا، أنا والمخرج بعد أن وافق بسهولة وبلا تردّد على أن نُخرج قصته سينمائياً، انه لن يتدخّل في أي شأن من شؤون الفيلم، باعتبار أنّ ما هو سائد في العمل السينمائي دائماً، أن المؤلّف يعطي فكرة القصة، ومن ثم يتصرّف بها كاتب السيناريو وكاتب الحوار والمخرج.. ولكن توفيق الحكيم فاجأنا بعد ابتداء العمل بإصراره على أن يكون له رأي في كل ما نعمله ونصوّره ونخرجه، وكان لشيخ الأدباء عناد في الرأي لا يتخلّى عنه أبداً..
*وكانت البطلة راقية ابراهيم؟
ـ لأن القصة تفترض أن تكون البطلة جميلة، رشيقة وأنيقة، وذات مظهر ارستقراطي، فقد وجدنا أن راقية ابراهيم هي أكثر الممثلات قرباً من شخصية البطلة، وفي الواقع فإنها كانت أكثر ممثلات ذلك العصر أناقة وجمالاً!.
*وغنّت أيضاً؟
ـ اشتركت معي في حوار “حكيم عيون”، والذي حدث يومئذٍ أن توفيق الحكيم كتب بنفسه حوار فيلم “رصاصة في القلب” ومن هنا فقد كان فيه جديداً لم تألفه السينما المصرية من قبل، يعني أنّ القاعدة السائدة هي أن تكون الأغاني في الفيلم معبّرة فقط عن فكرة المشهد، إلاّ أنّ إصرار شيخ الأدباء على أن يكتب هو حوار الفيلم وليس أحداً سواه، جعلنا ننتظر إلى أن انتهى من كتابة هذا الحوار، ومن ثم حدّدنا المشاهد التي سيكون فيها غناء وأعطينا حوارها إلى مؤلّفي الأغاني ليجعلوا منها كلمات مقطّعة موزونة، ولعلّ هذا ما جعل أغنيات “رصاصة في القلب” تمتاز عن غيرها من الأغنيات السينمائية بأنها لم تخرج عن سياق الحوار والقصة في كلماتها.. كما أنّ الغناء في الفيلم كان مكملاً لسياق القصة وليس قطعاً له!.
* عمياء.. ومفتّحة!
وآخر أفلام عبد الوهاب كان “لست ملاكاً”!.
وأقول لعبد الوهاب:
*هذا أول فيلم ضمّ بطلتين في وقت واحد هما نور الهدى وليلى فوزي!.
فأجاب:
ـ عندما بدأنا نعدّ للإنتاج فيلم “لست ملاكاً” ظهرت المطربة نور الهدى في فيلم “جوهرة” مع يوسف وهبي، فأثارت الإهتمام والإعجاب، وحقّقت نجاحاً ضخماً، وشاهدت الفيلم، وكان إعجابي بصوتها الرائع، وشكلها الجذّاب وخفّة ظلّها، سبباً في أن أسارع إلى ترشيحها بطلة لفيلمي، ورشّحت إلى جانبها ليلى فوزي، لأن القصة تقوم على بطلتين، وأهم ما حدث يومئذٍ أنّ نور الهدى بعد أن قرأت القصة اعترضت على دورها وكادت أن ترفض تمثيله لأنه دور فتاة عمياء، بينما ليلى فوزي تمثّل دور فتاة عادية، وحلّت المشكلة يومئذٍ بأن أجري تعديل على القصة بحيث تكون نور الهدى عمياء في النصف الأول من الفيلم، ومفتّحة في النصف الثاني!.
وتوقّف عبد الوهاب عن تمثيل الأفلام!.
ولم يعد يقف أمام الكاميرا إلاّ في الحالات النادرة، ولتمثيل مشاهد غنائية لا ترهقه وتتعبه وتضطره إلى أن يخرج عن النظام الذي وضعه لحياته!.
ولكن عبد الوهاب يبقى من أبرز العلامات المضيئة في تاريخ السينما العربية، ويبقى الـ”دون جوان” الذي لم يكن يحب البطلة الواحدة أكثر من.. فيلم!.
الراحل محمد بديع سربيه "الموعد" 1979
__________________
عايزنا نرجع زي زمان....قل للزمان ارجع يا زمان.
عودة الي الزمن الجميل. منير
التعديل الأخير تم بواسطة : MUNIR MUNIRG بتاريخ 16/05/2011 الساعة 09h35
|