عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 29/03/2011, 20h34
الصورة الرمزية starziko
starziko starziko غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:510608
 
تاريخ التسجيل: April 2010
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 129
افتراضي أصل تسمية الملحون-الجزء 1-

أصل تسمية الملحون-الجزء الأول-


بقلم: نورالدين شماس

تضاربت الآراء حول أصل تسمية هذا النمط من الأدب الشعبي المغربي الملحون،الجميل والغريب في أن واحد في الموضوع هو ان هذا التضارب تنباء به احد بناة المدرسة الملحو نة وهو عبد الله بن احساين في النص الذي أرخ به الدكتور ألجراري هذا التراث حيث قال :
حتى نقول ما قالوا عشاق النبي فكل ازمان
وانكون في اقْريضْ الملحون أنا المادحه حسان
اللوغى واللغا واللغوْ بـين اللها امــــع لَـلسـان
والْحُبْ دَا:الشفيع الشافع فالقلبْ وَالدخالْ اتْصان
يقول الأستاذ الفاسي معرفا أصل التسمية " إن لفظة الملحون هنا مشتقة من اللحن بمعنى الغناء لأن الفرق الأساسي بينه وبين الشعر العربي الفصيح أن الملحون ينظم قبل كل شئ ليتغنى به. "
أما الدكتور عباس الجرار ي فيقول : " نحن نرى على العكس من أن هذه التسمية اشتقت من اللحن بمعنى الخطأ النحوي."
في حين يقول الشيخ الأستاذ احمد سهو م: " إن القول الملحون هو القول البليغ الواصل المقنع."
هذه الآراء وأخص بالذكر منها الأول والثاني تبناها العديد من الباحثين والمهتمين فمنهم من نحى منحى الفاسي ومنهم من نحى منحى الجراري
فالأستاذ عبد الله الشليح يقول مرجحا قولة الدكتور الجراري : " إنه ذلك الكلام المقفى المصوغ في قوالب خاصة بلغة عربية سليمة في أغلبها ولكنها غير خاضعة لقواعد النحو والصرف ." (مجلة بن يوسف )
كذلك يقول الأستاذ عبد الجليل (وإني أستصوب الرأي القائل بأن تسمية الملحون اشتقت من اللحن بمعنى الخطأ اللغوي . "
وإلى هذا يذهب الدكتور المرزوق محمد حين قال:"إنها اشتقت -أي الملحون- من لحنَ يلحنُ في كلامه أي ينطق بلغةٍ غير معربة.(مجلة الفكر التونسي عدد 8 )
وفي الواجهة الثانية نجد الدكتور عبد الله شقر ون الذي يوضح رأي الأستاذ الفاسي قائلاً : " يقال الملحون باعتبار أن هذا الشعر الشعبي يوضع ليكون ملحنا ومنغما ومغنى ... وهذا اللون من النظم يعتمد عدد المقاطع سمعيا ويجد وزنه في الغناء ولذلك دعي باسم الملحون أي ملحن ومغنى ."
وقد كان الأستاذ سهو م من دعاة هذا الرأي قبل أن يستجوب القصيدة فتبوح له بأسرارها ويستنطق السرابة فتفصح له عن مكنوناتها حيث قال : " ولا أنكر أنني روجتُ له في مستهل حياتي العملية." (الملحون الغربي ص230)
أما الأستاذ عبد الرحمان الملحوني فيتأرجح بين المعنيين إذ يقول:"الملحون اسم مشتق من اللحن بمعنى الخطأ وقيل من اللحن بمعنى الموسيقى لأن الشاعر في نفس الوقت ناظم وملحن ."
ونختم هذا الجرد فيما قيل من تعاريف حول أصل التسمية بمقولة الشيخ الباحث الخزان الأستاذ دلال الحسيكة رحمة الله عليه:
"من أعرب في الملحون فقد لحن"
يقول الأستاذ الفاسي رحمه الله محللا رأيه:"إن أول ما يتبادر إلى الذهن انه شعر بلغة لا إعراب فيها فكأنه كلام فيه لحن، أي شعر منظوم في لغة ملحونة لأنه باللغة العامية التي تولدت عن الفصحى والتي تتميز بعدم الإعراب."وهذا اشتقاق باطل في نظر الأستاذ من عدة وجوه والتي يتضمنها قوله، " إننا لا نقابل الكلام الفصيح بالكلام الملحون وإنما باللهجات العامية ولم يرد هذا التعبير عند أحد من الكتاب القدامى لا بالمشرق ولا بالمغرب" ويدلي الأستاذ برأيه مع طرح لبعض التعـليلات مفاد هذا الرأي أن هذه اللفظة اشتقت من التلحين بمعنى التنغيم لا من اللحن أي الخطأ في القواعد الإعرابية وذلك أن اللغة التي يستعملها الملحون غير أعرابية و لكن تنفرد بخصائص مستقلة ولها أساليب وقواعد خاصة بها حيث يقول:" والذي أرى أنهم اشتقوا هذه اللفظة من التلحين بمعنى أن الأصل في هذا الشعر الملحون أنه ينظم ليتغنى به قبل كل شيء لأنه لا يعقل أن يلحن المتكلم في لغة يدركها حق الإدراك ثم يطلق هذا الخطأ على إنتاجه الشعري وإنما جاء الإلتباس في أذهان البعض من الموافقة الصوتية بين المعنيين اللذين يؤديهما لفظ اللحن في الغة العربية."
ولتوضيح وتدعيم رأيه يحيلنا الأستاذ الفاسي على ما ورد عـند ابن خلدون حيث قال :" ونجد ما يؤيد هذا النظر في قول ابن خلدون في المقدمة الفصل الخمسين" في أشعار العرب وأهل الأمصار لهذا العهد" بعد أن تكلم على الشعر باللغة العامية فقال:وربما يلحنون فيه ألحانا بسيطة لا على الصناعة الموسيقية
ومفاد هذه القولة أن الفرق الأساسي بينه وبين الشعر الفصيح أن الملحون ينظم قبل كل شيء لكي يتغنى به وبالتالي لا تدرج هذه الأشعار في الموازين الموسيقية المعروفة وإنما تخصص لها ألحانا منفردة وخاصة تخالف الألحان المعروفة والمتداولة من بسيط وبطا يحي .
انطلاقا من هذا الرأي تبدأ نقطة الخلاف بين الأستاذ الفاسي والدكتور الجراري لأن هذا الأخير يقف موقفا مناقضا للأول بحيث يقول أن أصل التسمية اشتقت من اللحن بمعنى الخطأ النحوي ويعلل ذلك مناقشا الأستاذ الفاسي من ثلاثة وجهات هي كالتالي:
1- أن هذا الشعر لم يكن ينظم أول الأمر ليتغنى به وان اتخاذه للغناء ثم في مرحلة تالية .
2- إننا لا نقابل الكلام الفصيح بالكلام الملحون لأن الفصاحة قد تكون في الملحون وغير الملحون .
3- إن استعمال التسميتين المعرب والملحون متعارف عليه عند كل الدين تعرضوا للونين.
ثم يأتي باستشهادات ليؤكد بها ما انتهى إليه فيقول هذا ابن سعيد متحدثا عن بعض الشعراء فيقول:" وله شعر ملحون على طريقة العامية "، ثم تطرق بعد ذلك إلى استدلال محمد الفاسي بكلام ابن خلدون ليطعن فيه من وجوه ثلاثة :
1- انه لا يرى في كلام ابن خلدون ما يشير إلى الشعر العامي المغربي فطرح القولة من جديد ليحيلنا على الوجه الأصوب في نظره فهو يقول أي ابن خلدون " أما العرب أهل هذا الجيل المستعجمون عن لغة سلفهم من مضر فيقرضون الشعر لهذا العهد في سائر الاعاريض على ما كان عليه سلفهم المستعربون ويأتون منه بالمطولات فأهل أمصار المغرب من العرب يسمون هذه القصائد بالأصمعيات وأهل المشرق يسمون هذا النوع من الشعر البدوي .
2- يدقق الدكتور الجراري في قولة ابن خلدون ويـبـيـن خطأ ما اعتمد عليه الأستاذ محمد الفاسي ليؤكد أن ابن خلدون لم يذهب إلى أن اللحن الموسيقي والغناء من خصائص هذا الشعر وإنما رأى انه قد يتخذ في بعض الأحيان للغناء وهذا مغزى قوله "ربما "
3- إن ابن خلدون حين تطرق إلى الحديث عن عروض البلد الذي استحسنه أهل الأمصار وساروا على منواله في أشعارهم الشعبية اقتصر على مسألة خلو هذه الأخيرة من الأعراب ، ولم يشر إلى أنها كانت تغنى ولو كانت كذلك لما غفل ابن خلدون عن هذه الإشارة حيث قال : " فاستحسنه أهل فاس وولعوا به ونظموا على طريقتهم وتركوا الأعراب الذي ليس من شأنهم وكثر سماعه بينهم واستفحل فيه كثير منهم ونوعوه أصنافا."
وفي تعريفه لأصل التسمية يفند الأستاذ أحمد سهو م كل ما جاء عند الأستاذ الفاسي والدكتور الجراري حيث يقول في الملحون المغربي ص 230 :=ذهب البعض إلى القول أن كلمة ملحون تعني الخطأ اللغوي فما دام غير خاضع لأصول النحو والصرف وقواعد الصرف فهو القول الملحون أي المغلوط أو القول المخطئ وأنا أرى أن الخطأ اللغوي لايمكن أن يظهر إلا من خلال الصواب اللغوي فنقرأ قصيدة شعرية فصيحة أو قطعة أدبية فصيحة ويكون في القراءة بعض الخطأ فذلك هو اللحن أما الملحون فلغة الخطاب فيه هي الدارجة المغربية وتلك طبيعتها.
ويضيف الأستاذ سهو م " نعم أن الدارجة هي البنت البكر للعربية الفصحى ولقد ورثت عن أمها سائر مقومات التعبـير العربي وقيمه وخصائصه وخصوصياته ، إلا أنها تحررت وبصفة نهائية من كل قيود النحو وأصبحت لا يحكمها إلا المنطق الذي ينبثق عنها في الاستعمال اليومي السريع والذي يمكن أن نعـتبره فقه الدارج المغربية ولغة هذه طبيعتها لا يستساغ أبدا أن نعتبر أدبها مغلوط أو مخطئ ."
ثم يعقب على ما ورد عند الفاسي في تعريفه لأصل التسمية فيقول : " وذهب البعض الأخر إلى أن كلمة ملحون أصلها من اللحن الموسيقي فهو القول الملحون أي الملحن بتشديد الحاء ولا أنكر أنني سبق وان اقـتـنعت بهذا الرأي بل روجت له في مستهل حياتي العملية ."
رد مع اقتباس