ظاهرة متفردة في الفن العراقي الحديث اسمها
عزيز علي
عقب تاسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ، حاول مؤسسها المغفور له الملك فيصل الاول بناءها بروح تتلائم مع روح العصر والحداثة التي بدأت تشق طريقها في العالم بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها ،فنجح فيما اراد الى حد ما يناسب ذلك النجاح مع ما خلفته التركة الثقيلة للحكم العثماني ومن بعده الاحتلال البريطاني للعراق ذلك الاحتلال الذي بقي يدير الامور من وراء الستار لتعاون بعض متصدري السلطة التنفيذية معاه واذعانهم لرغبات المستعمر وانحيازهم لارادته بعيدا عن المصالح الحقيقية للشعب العراقي ، وكان هذا واضحا على مدى طيلة الاربعة عقود التي بقي فيها العر اق ملكياواضافة الى ما تقدم حصول نكبة فلسطين وتأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 وتخاذل اولئك المتصدرين للحكم في الوقوف وقفة جادة امام هذا الحدث المأساوي .
وتبقى ظاهرة كبت الحريات ومنع ابناء الشعب من التعبير تعبيرا صادقا عما يجول في خواطرهم واحاسيسهم في الامور السياسية وغيرها من الامور الاخرى هي السمة البارزة من سمات ذلك الحكم ، فضيق الخناق على الصحافة بل حجبت ومنع عن الصدور الكثير منها خاصة تلك التي تبنت مطالب الشعب ووقفت الى جانبه وكذلك زورت الانتخابات النيابية وجيئ بنواب تابعين للحكومة وليس العكس بالاضافة الى الضائقة الاقتصادية بسبب سماح الحكومة للشركات الاستعمارية والاجنبية بنهب خيرات البلد وفي مقدمة تلك الخير ات المنهوبة ياتي النفط على راسها ، اضافة الى عدم اجازة احزاب وطنية تناضل من اجل الانتصاف لابناء الوطن ، وكانت كل مظاهر الديمقراطية ومقوماتها اما باضيق الحدود او تنصيب بدلاء يسبحون بحمد الحكومات المتعاقبة.لقد ادى كل ذلك ان ينهض المتنورون من ابناء الشعب بواجبهم الحقيقي ومقارعةو السلطات الحاكمة بوسائل متعددة منها تأسيس احزاب سرية بصحف سرية ايضا الى غير ذلك من الوسائل التي تحاول الوقوف بوجه التسلط الحكومي
وفي مثل هذه البيئة وجد الاستاذ( عزبز علي )نفسه امام كل هذا الجبروت والمظالم التي لحقت بالشعب ،ولكونه يمتلك قدرات فنية ومواهب متفردة يندر ان تجتمع في شخص آخر فهو يحسن نظم الكلام الذي بعبر عن تلك المظالم اضافة الى موهبته الموسيقية في التلحين وكذلك امتلاكه لصوت جهوري عذب وكما قلت سابقا انه لم يهاجم السلطات اول الامر هجوما واضحا حيث كانت مقالاته تخص العادات الاجتماعية الدخيلة ولكنه وبعد عام 1948 اصبح ظلم السلطات المتعاقبة في الحكم لايطاق لذلك انحاز انحيازا كليا لابناء الشعب ووظف قابلياتيه الفنية للتعبير عن همومهم ، وهكذل كان (عزيز علي) ظاهرة في توظيف الفن لخدمة تطلعات الشعب في تحسين احواله وحياته نحو الاحسن والافضل و لم يستطع فنان آخر ان يصل الى مواهبه الفنية في الشعر والتلحين والانشاد ،لذلك جاز لنا ان نقول انه ظاهرة فنية لم ولن تتكرر