إخوانى الأعزاء
دائماً ما أبدأ كلامى فى مثل هذه الأعمال بمقولة ( الدنيا حظوظ )
فنحن أمام عمل ضخم ومتكامل بكل المقاييس .. يمكننا أن نسميه أوبريت
أو نسميه صورة غنائية .. أو عمل مسرحى غنائى
وأنا أفضل أن أسميه ( أوبرا شعبية ) .. فهو عمل موسيقى من الألف للياء .. لا يتخلله حوار
صاحب العمل .. هو ما نسميه ( المغمورون فى الأرض )
هو واحد من الفنانين .. اللذين كبلتهم الوظيفة .. فهو موظف أولاً وأخيراً .. موظف بدرجة فنان
الأستاذ أحمد رستم .. الذى أستطيع أن أفخر بأننى رأيته رأى العين .. بل وجلست معه وتحدثت ( يابختى )
عارفين المايسترو .. إللى بنشوفه فى الأفلام القديمة .. واقف قدام الفرقة وشعره منكوش .. وبيشد فى شعره
هو ده أحمد رستم .. مجنون فن .. بيشّر فن .. تعصره .. ينزل فن
بعد هذه المقدمة التى لا توفى هذا الرجل حقه .. ندخل فى الشغل بقى ..
الكلمات والألحان لأحمد رستم .. ولا أستطيع أن أفضل عنصر عن الأخر ..
فالكلمات رائعة .. روعة الألحان .. العمل متكامل .. كما ذكرت .
يجب أولاً .. أن نذكر أن العمل يتكون من ثلاث لوحات .. أو ثلاث حركات
اللوحة الأولى .. وهى الرئيسية .. تجرى أحداثها داخل ورشة حدادة
يبدأ العمل من بداية اليوم .. منذ الصباح الباكر .. وقبيل فتح أبواب الورشة
ونسمع مجموعة التشيللوهات .. تعزف نغمة واحدة ( أرضيه ) لتمهد لدخول ( الكولة ) وهى من عائلة الناى .
تعزف الكولة جملة شجية من مقام الراست .. مع المرور بمقام النهاوند من نفس الدرجة والعودة للراست
نسمع ( صبح الصبح وبان النور ) من الراست ثم النهاوند .. والنهاوند هنا هو النهاوند الحجازى ( الطبيعى )
ولكنه لا يعود للراست .. بل يستقر على النهاوند .. تمهيداً لدخول الإيقاع
ونتوقف هنا .. وستكون وقفاتنا كثيرة فى هذا العمل ..
النهاوند فى حالتنا .. من درجة الحسينى ( اللا )
ولكننا نكتشف أن المقام تغير للأثر كرد .. عند الغناء مع الإيقاع ..
والجديد هنا .. هو أن الأثر كرد من نفس درجة النهاوند .. وجاءت التحويلة طبيعية جداً
ونعتبر هنا أن هذه التحويلة جاءت ( كوبرى ) للوصول لمقام الكرد .. ونظل مع الكرد لنهاية المقطع
ثم تحويلة للراست مع ( صبيانك هلت يامعلم .. واحد واحد جه فى ميعاده ) والتحويله هنا طبيعية .. ليست من درجة الكرد
ومقطع موسيقى من الكرد ( التيمة الرئيسية للعمل ) أو لنقل أنها همزة الوصل بين المقاطع
ونعود للنهاوند مرة أخرى مع ( أحلى صباح يامعلم درش .. يومك نادى ياسيد الناس )
وياريت ناخد بالنا من التسليمات القصيرة للتحويل من مقام لمقام ..
وكما ذكرت من قبل .. سنتوقف كثيراً عند هذه الجماليات ..
إسمعوا التسليمة قبل دخول ( أحلى صباح يامعلم درش ) .. حرفان موسيقيان فقط .. لهما فائدتان
الفائدة الأولى : الإنتقال للنهاوند بسلاسة .. الفائدة الثانية : تغيير الإيقاع ليصبح إيقاع ( الملفوف ) وهو إيقاع سريع .
والعودة للكرد مع ( على سندانك يابو سندال .. حن الصلب ورق ومال ) مع تسليمة أخرى من الكرد
نقف هنا قليلاً .. مع هذا المقطع .. الكلام وليس الموسيقى
خدتوا بالكم من كلمة ( سندانك ) ومن كلمة ( سندال ) الكلمتان صحيحتان
لأننا نكتبها ( سندان ) وننطقها ( سندال ) .. حتى لا تقولوا أن القافية وقعت .. لا .. الراجل ده بيفكر .
ثم عودة للتيمة الرئيسية التى تحدثنا عنها .. من الكرد
ومقطع موسيقى جميل .. ثم تحاوريات بين الكرد والنهاوند فى تضافر بديع
بحيث أنك تكاد تلهث خلف المقامات والأجناس .. وشكلنا كده مش حانخلص ..
لأن عم أحمد رستم .. لم يترك زخرفة أو حلية أو أى شكل من أشكال التحويلات ..
ونصادف هنا الحجاز لأول مرة .. صحيح أننا إلتقينا به من قبل كجنس فرعى للنهاوند
ولكننا هنا نلاقيه كجنس أصلى .. أى حجاز صريح
ونجده عند ( شغل يابنى قوام الكور .. إحمى فى ناره بزيادة )
وإستخدام الحجاز هنا له مغزى عميق .. فالكلمات تقول ( خلى العجلة بسرعة تدور .. عملك فى الأصل عبادة )
أى أن الكلمات بها لفظ ( عبادة ) .. والمعروف أن الحجاز هو مقام الخشوع والتبتل .. الراجل ده بيفكر
وأترككم لأستريح قليلاً .. ونلتقى فى المشاركة التالية ..
فإلى هناك ..
__________________
مع تحياتى .. محمد الألآتى .. أبو حسام .