عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 27/12/2010, 11h48
الصورة الرمزية سمر
سمر سمر غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:51245
 
تاريخ التسجيل: July 2007
الجنسية: سورية
الإقامة: المغرب
المشاركات: 652
افتراضي رد: سهرة سماعي الكلثومية

صباح الخير أساتذتي الكرام
لقد كانت لي تجربة فريدة مع سهرة 02-12-1965 وكانت تحتوي على ثلاث وصلات كل واحدة لها نكهتها وجمالها الخاص: بعيد عنك - أمل حياتي الأولى- هو صحيح.
لماذا هذا المزيج؟ لقد كانت السيدة أم كلثوم جد ذكية في اختياراتها. لقد جمعت بين عدة أقطاب لا في الكلمات أو اللحن. لم يكن هناك مجال للخلل أو الصدفة. فأم كلثوم نوعت بتنوع الأذواق ولم تكتفي بالجديد بل غاصت في الطرب الهادئ الناعم. هناك إبداع كلثومي حسب كل وصلة وتوجت السهرة بالرائعة الفريدة اللحن "أمل حياتي". وسأتكلم اليوم عن "بعيد عنك".
بعيد عنك 02-12-1965
البعد ليس بعد الجسد بقدر ماهو بعدذ الروح. فالكلمات تعبر بشكل واضح عن مدى قساوة الإحساس بالجفاء رغم قرب المسافة. العذاب هو الهجر الروحي يوازيه في الخصائص والمكونات: بعيد عنك حياتي عذاب ماتبعدنيش بعيد عنك. ونلاحظ كيف امتزج الطلب والإستعطاف بالإلحاح والإصرار حين تكررت جملة "بعيد عنك". نعم هناك إستعطاف لأن القلب لايمكن أن يستحمل هذا الكم من العذاب.لذلك فالتعويض عن هذه الحالة هو الدموع: "ماليش غير الدموع أحباب" تعيش معها خلال البعاد.
كيف لنا أن نكمل الأغنية وقد ابتدأت بشجن رهيب وكان صوت أم كلثوم أقوى في التعبير فأثرت في قلوبنا قبل آذاننا.
فأكتملت اللوحة الحزينة والشجن العميق لحين جفت الدموع وهرب النوم من العيون "لانوم ولا دمع في عنية" ليخلق لنا جسما بلا روح معذبة تنتظر الغائب الحاضر. كيف لك أن تنسى أحلام النوم؟ كيف تنسى لياليه وأيامه؟ هذا جحود وقمة في التعذيب أن نحرم من نحب حتى من أبسط الحقوق.
ومازاد الطين بلة هو نسيان الذكريات التي هي ملكنا المشترك، فلايتذكر الإنسان منها إلا السراب أو لايتذكرها بتاتا. فعادت للإستعطاف والطلب أن "افتكر لي لحظة حلوة .. عشنا فيها للهوى /افتكر لي مرة غنوة يوم سمعناها سوا" فنشسيان اللحظات بنعمها وجمالها يعتبر جحودا لمن نحب ونكرنا للجميل فيزداد الشوق ويلتهب الحنين فلا نعبر عنه إلا بآهات طويلة ساخنة.
فغاصت المأساة لتترك لنا خيالات من الشخص لدرجة ان كل من رآه يبكي عليه بعدما كان يحسده على النعيم الذي كان فيه.
روعة هي هذه القصيدة، فلتة هي هذه النغمات الحلوة الدافئة إبداع وتحكم هو هذا الصوت الذي لايمكن أن يوصف، قوية هي هذه الشخصية الفذة لهذا العملاق الذي أنعم علينا الله به وجعله ركنا أساسية من أركان شخصية أمتنا العربية.
رد مع اقتباس