وكلما أعادت وفي الاعادة افادة إلا وازدادت الاضافات الابداعية التي جعلت (اطلال تونس) تحفة الموسم خالدة لا تغتالها صروف الزمان ولا تغتابها غوائل النسيان ولا ادل على ذلك من أنني وجدتها متعة اشعاعا عجيبا عندما زرت القاهرة في السنة الموالية سنة 1969 لحضور الاسبوع الثقافي التونسي الذي انتظم في خضم الاجواء الاحتفالية الكبرى تخليدا للذكرى الالفية لتأسيس القاهرة المعزية نسبة الى الخليفة التونسي المعز لدين الله وعضده الأيمن جوهر الصقلي.
من ذلك ان الجمهور المصري لم يعد يقتني إلا النسخة أو الرواية التونسية لرائعة الاطلال التي غنتها أم كلثوم بتونس سنة 1968.
كما غنت أم كلثوم في حفلها التونسي رائعة بليغ حمدي «بعيد عنك حياتي عذاب» وتحفة موسيقار الاجيال محمد عبد الوهاب «فكروني».
ومعلوم ان زيارة ام كلثوم لبلادنا سنة 1968 تندرج في نطاق جولتها الفنية لبعض الاقطار العربية جمعا للأموال الخاصة بالمجهود العربي اثر نكسة 1967.
وهكذا تخلع ام كلثوم عنها جبة الخيانة التي البستها بعض الجهات المناوئة والتي تساءلت في استفهام انكاري عن عجوز في الغابرين تتصابى وتغني «خذني بحنانك» وتغضت عنها تهمة التخدير ووصفها بذلك الافيون الذي خدر الشعوب العربية بغنائها الغزلي الساحر وبادرت باداء الاناشيد الوطنية التي تخلد القضية الفلسطينية العادلة ولم تقبع في عقر دارها لأن الجلوس على الربوة اسلم وانما احكمت جهدها الجهيد واجتهادها السديد في رحلتها التضامنية الفعالة لمحو اثار النكسة من خلال جمع الاموال ورصدها في مشروع المجهود الحربي واعادة اعمار ما دمرته حرب جوان 1967 فهفت من غفوتها لتبعث روح النخوة والشهامة في الامة العربية وابطالها وتمجيد امجاد روادها من المجاهدين الصادقين والمناضلين المؤمنين بعدالة القضية العربية النبيلة واصالة حفارتها الجليلة.