رد: وما بعد أبن خلدون *عالم الاجتماع الكبير علي الوردي*
الأخوان الفاضلان : الأستاذ محمد الساكني والأستاذ وسام الشالجي
تحية طيبة لكما ملؤها الحب والتقدير لهذا النقاش الجاد، الذي يظهر فيه كريم معدنكما في الوفاء للرموز الفكرية للأمة .
قبل أن أعقب ببعض الملحوظات البسيطة ، أود أن أقول أنني أشارككما حنوكما على عراقنا الحبيب رد الله غربته، وأعاده إلى حضن أمته معززا مكرما ، ومن لا يحب العراق ذخيرة الأمة وذخرها ؟!!.
أما ملحوظاتي اليسيرة فتكمن في الآتي :
1- أنني لا أقلل من شأن الكتابة عن الرموز الفكرية للأمة ، والعراق منها بالذات في هذا الوقت العصيب ، بل أنني أحيي المنتدى وأعضاءه على وجود هذه النزعة الفكرية لديهم ؛ ولكني أرى أن مكان هذه الجوانب الفكرية يكون في باب آخر لعله باب سور الأزبكية ، أو ما شابهه ؛ فقضايا الفكر ورموزه ليست من الموروث الشعبي كما أنها ليست من التراث الغنائي ، ولهذا لا يمكن وضعها تحت عنوان رئيس باسم (الموروث الشعبي والتراث الغنائي ) .
2- أننا معشر العرب والمسلمين فينا من الحب، والأخلاقيات السامية ما تجعلنا نعمد إلى المبالغة في إطراء من رحل عن دنيانا؛ وننشط في ذلك حبا في الخير لهم، ونسيانا لأي هفوة ارتكبوها عملا بالحديث الضعيف : اذكروا محاسن موتاكم، وكفوا عن مساويهم. ومن مبالغتنا في هذا الجانب إضفاء هالة من الاحترام المبالغ فيه على من رحل عن دنيانا؛ تجعل نقد أفكارهم أمرا معيبا، مع أن الحقيقة يستوي فيها الميت والحي ، والقضايا العلمية لا تخضع لهذا المزاج .
3- أن للوردي -عفا الله عنا وعنه- مثل غيره من سائر المفكرين الأحرار انحياز في بعض الجوانب الفكرية أو بمعنى آخر تطرف في الرأي أدى إلى وجود شطحات غير مدروسة في فكره ، أو تدخل من باب الهوى لا الحقيقة. وما أردته في هذا الجانب هو التنبيه بأن لا تغلبنا جوانب العاطفة على الجوانب العقلية فنكيل له المديح في كل شيء، وننسى التقييم العلمي لإنجازاته الفكرية؛ خاصة وأنه قد اعترف –رحمه الله -بوجود الهوى في أفكاره ، ولان الحقيقة هي الأمر الباقي ، أما المديح الأجوف فهو زائل .
4- أن المعلومات التي كتبتموها تؤكد أن هناك جوانب خفية في حياة الوردي لا يعرفها إلى قلة من الناس لعلكم أنتم منها، وعرضها إنصاف للرجل ، وإنصاف للحقيقة والتاريخ .
وأخيرا ، إلى أن يتقرر مكان مناسب لنشر مقالتي عن الوردي ، أترككما في رعاية الله وحفظه ، داعيا الله أن يحفظ أمتنا وعراقنا من كل سوء.
|