رد: وما بعد أبن خلدون *عالم الاجتماع الكبير علي الوردي*
الاخ العزيز محمد الساكني
تعقيبا على بعض ما ذكرته اود ان اقول هنا بان على الوردي لم يتقاعد مختارا بل مضطرا بعد ان منعته السلطة من الاستمرار في نشر سلسلة (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث) . كان اخر جزء نشره الوردي من هذه السلسلة هو الجزء الخاص بثورة العشرين بالعراق . لقد حلل الوردي احداث ووقائع تلك الثورة واسباب نشوبها الحقيقية وامتدادها الى جميع انحاء العراق وبشكل علمي وجديد لم يجرؤ اي من ابناء جيله او من اتى بعد على طرحه . ان ما ذكره علي الوردي عن تلك الثورة دفع السلطة الى تكميم فمه ومنعه من الاستمرار بهذا النهج لانها تعلم بانه يمكن ان يتطرق بذات الطريقة الى احداث اخرى معاصرة قد تقلب كل الوقائع وتجعل الناس يخرجون بمفاهيم جديدة وحقائق لم يكن يعرفونها سابقا عن احداث لعبت دورا في تاريخ العراق الحديث . ان استخدام علي الوردي لهذا النوع من الاسلوب هو الذي يميزه عن غيره وهو الذي اذاه في نفس الوقت . اما عن موضوع التراجع عن بعض افكاره او طروحاته فيعود في حقيقة الامر الى فترة مرضه التي طالت بعض الشيء . في تلك الفترة كان يزور المرحوم علي الوردي الكثير من الاصدقاء والمقربين وحتى بعض رجالات الدين في الكاظمية وكانوا يلومونه بشدة على افكاره السابقة وطروحاته المتعلقة بالدين ويطلبون منه الرجوع الى الله والتوبة والاستغفار خصوصا وانه على فراش المرض الي كان كما يبدوا سيؤدي الى الوفاة . في هذا الظرف العصيب من حياة علي الوردي انهارت جميع قواه وقابلياته على الدفاع عن افكاره وطروحاته وملأه الخوف الشديد من المصير الذي ينتظره فأعلن ندمه على كل ما قاله سابقا في شؤون الدين وتراجعه عنها . ان تلك كانت كالقشة التي يتمسك بها الغريق محاولا النجاة , وانا شخصيا ارى هذا التراجع يشبه كثيرا تراجع غاليلو عن نظرياته في علم الفضاء والاجرام بسبب تهديد الكنيسة له بالحرق ان لم يفعل ذلك . تراجع غاليلو وتنكر لكل ما قاله , لكن انجازاته العلمية بقيت على حالها ومهدت الطريق لما جاء بعدها ونفس الشيء قد ينطبق على علي الوردي , احببت بهذه المداخلة التوضيح والتعقيب على ما ذكرته سابقا , مع تقديري واحترامي .
|