مسلة حمورابي فن رفيع وشريعة اصيلة
يبقى قانون حمورابي أكمل و انضج قانون مكتشف حتى ألان. و يعتبر منبع للقوانين اللاحقة.
نقشت قوانين حمورابي بالخط المسماري و باللغة الاكدية على مسلة من حجر الدايوريت الأسود بعلو مترين و 25 سنتمتراً وحوت على 282 مادة قانونية توزعت على 3500 سطر محفورة على الحجر ، إضافة للمقدمة و الخاتمة. تم العثور على المسلة عام 1902 في مدينة شوشة عاصمة عيلام من قبل مجموعة من علماء الآثار الفرنسيين وهي موجودة ألان في متحف اللوفر في باريس حيث تعتبر من أهم محفوظات المتحف.
لمسلة حمورابي شقين الأول فني و الثاني تشريعي :
الشق الفني يتمثل بالمسلة نفسها التي تمثل قمة الفن في التصميم و النحت و صممت على أيدي عباقرة ذلك الزمان من المهندسين و النحاتين. فهيكل المسلة و الرسوم و القوانين المنقوشة عليها بدقة و إتقان تعكس تفوقاً فنياً يثير الإعجاب و يدل على ذكاء خارق. فالمصمم او صاحب القرار قرر ان لا تكون القوانين و لا الرسوم منقوشة و موزعة على ألواح مستقيمة ، وإنما على شكل مسلة.
لقد نحت على الجزء العلوي من واجهة المسلة نحت بارز يمثل اله الشمس "اله الحق و العدل" جالساً على عرشه و بيده عصا الراعي و خيط القياس الخاص بالبناء و تحديد الأسعار ، يسلمها إلى حمورابي الواقف أمامه بخشوع إعرابا عن قدسية القوانين و ضرورة الالتزام بها.
وضعت المسلة في مكان بارز من المدينة لتكون تحت تصرف المواطنين ليتمكن الجميع من الإطلاع على محتوياتها والتقييد بما جاء فيها.
الشق الثاني يتعلق بالشريعة نفسها التي تضم المقدمة و المواد القانونية ثم الخاتمة. كتبت المقدمة بأسلوب أدبي رائع اقرب الى الشعر منه الى النثر تناولت فيه أعمال و مزايا حمورابي و تقواه ، اما الخاتمة فقد كتبت بطريقة أخرى ، و بينت شريعة القوانين و أهدافها وكيفية اللجوء إليها و الالتزام بها ثم صب اللعنات على كل من يحاول سرقة نصوصها او إلحاق الضرر بها.
تناولت قوانين حمورابي كل المسائل و الشؤون المتعلقة بالمجتمع و العائلة و حقوق الإنسان موزعة على خمسة أقسام رئيسية وكرست مواد كثيرة تتعلق بالأموال و الأملاك و التجارة و السرقة و شهادة الزور و تلاعب القضاة و التهام الباطل و حوالي 87 مادة خاصة بالأحوال المدنية من زواج و طلاق و ارث و تبني وكذلك مواد عقوبات للمخالفين او جراء الاعتداء على الناس.
لا أريد ان أخوض في تفاصيل محتويات القوانين و موادها و اترك ذلك للمختصين في هذا الشأن.
يتبع