الموضوع
:
بدر شاكر السياب
عرض مشاركة واحدة
#
29
02/09/2010, 13h23
عاشق رفعت
مواطن من سماعي
رقم العضوية:441170
تاريخ التسجيل: July 2009
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
العمر: 48
المشاركات: 388
بدر شاكر السياب
مدينة بلا مطر
مدينتنا تؤرّق ليلها نار بلا لهب
تحمّ دروبها و الدّور ثم تزول حمّاها
و يصبغها الغروب بكل ما حملته من سحب
فتوشك أن تطير شراره و يهب موتاها
صحا من نومه الطينيّ تحت عرائش العنب
صحا تموز عاد لبابل الخضراء يرعاها
و توشك أن تدق طبول بابل ثم يغشاها
صفير الريح في أبراجها و أنين مرضاها
و في غرفات عشتار
تظل مجامر الفخار خاوية بلا نار
و يرتفع الدعاء كأن كل حناجر القصب
من المستنقعات تصيح
لاهثة من التعب
تؤوب إله الدم خبز بابل شمس آذار
و نحن نهيم كالغرباء من دار إلى دار
لنسأل عن هداياها
جياع نحن و اأسفاه فارغتان كفّاها
و قاسيتان عيناها
و باردتان كالذهب
سحائب مرعدات مبرقات دون إمطار
قضينا العام بعد العام بعد العام نرعاها
وريح تشبه الإعصار لا مرّت كإعصار
و لا هدأت ننام و نستفيق و نحن نخشاها
فيا أربابنا المتطلعين بغير ما رحمه
عيونكم الحجار نحسّها تنداح في العتمة
لترجمنا بلا نقمة
تدور كأنهن رحى بطيئات تلوك جفوننا
حتى ألناها
عيونكم الحجار كأنّها لبنان أسوار
بأيدينا بما لا تفعل الأيدي بنيناها
عذارانا حزاني ذاهلات حول عشتار
يغيض الماء شيئا بعد شيء من محيّاها
و غصنا بعد غصن تذبل الكرمة
بطيء موتنا المنسلّ بين النور و الظلمة
له الويلات من أسد نكابد شدقه الأدرد
أنار البرق في عينيه أم من شعله المعبد
أفي عينيه مبخرتان أوجرتا لعشتار
أنافذتان من ملكوت ذات العالم الأسود
هنالك حيث يحمل كل عام جرحة الناريّ
جرح العالم الدوار فاديه
و منقذه الذي في كل عام من هناك يعود بالازهار
والأمطار تجرحنا يداه لنستفيق على أياديه
و لكن مرّت الأعوام كثرا ما حسبناه
بلا مطر و لو قطرة
و لا زهرة و لو زهرة
بلا ثمر كأنّ نخيلنا الجرداء أنصاب أقمناها
لنذبل تحتها و نموت
سيدنا جفانا آه يا قبره
أما في قاعك الطيني من جرّة
أما فيها بقايا من دماء الرب أو بذره
حدائقه الصغيرة أمس حعنا فافترسناها
سرقنا من بيوت النمل من أجرانها دخنا و شوفانا
و أوشابا زرعناها
فوفّينا و ما وفى لنا نذره
و سار صغار بابل يحملون سلال صبّار
و فاكهة من الفخّار قربانا لعشتار
و يشعل خاطف البرق
بظل من ظلال الماء و الخضراء و النار
و جوههم المدوّرة الصغيرة و هي تستسقي
فيوشك أن يفتّح و هي تومض حقل نوار
ورفّ كأنّ ألف فراشة نثرت على الأفق
نشيدهم الصغير
قبور إخوتنا تنادينا
و تبحث عنك أيدينا
لأن الخوف ملء قلوبنا و رياح آذار
تهز مهودنا فنخاف و الأصوات تدعونا
جياع نحن مرتجفون في الظلمة
و نبحث عن يد في الليل تطعمنا تغطّينا
نشد عيوننا المتلفتات بزندها العاري
و نبحث عنك في الظلماء عن ثديين عن حلمة
فيا من صدرها الأفق الكبير و ذديها الخيمة
سمعت نشيجنا و رأيت كيف نومت فاسقينا
نموت و أنت واأسفاه قاسية بلا رحمة
فيا آباءنا من يفتدينا من سيحيينا
و من سيميت يولم لحمه فينا
و أبرقت السماء كأن زنبقة من النار
تفتح فوق بابل نفسها و أضاء وادينا
و غلغل في قراره أرضنا
دجلة الغضبى
ذوب الليل يا شعاع النهار تلمح العين ما وراء الستار
ذوب الليل يبصر الشعب صرعاه فما زال واقفا بانتظار
يبصر القوم بين هاو الى اللحد وغرقان دائب في احتظار
ما غضبة المياه الحبيبات تدفقن بعد طول الأسار
زمزم الموج في السهول النديات مغيطا وصاح في كل دار
سائل الكوخ والربى والصجارى كيف أرعش في يد التيار
أيها النائمون في الضفة السكرى على الجوع والضنى والصغار
كيف بالله كيف تغفو عيون في حمى كل ظالم غدار
علموا دجلة الظلامات والغدر فعادت ولا تفي عهد جار
أيها الضاربون في ظلمة الليل الى غير منتهى أو قرار
يسرقون الخطى على ضوء نجم يسرق الخطو في قصي المدار
كيف خلفتم الديار الحبيبات ألا لفتة لتلك الديار
ضرب الماء ما بنى كل بان وطوى كل مأمل بالثمار
فاشتكى صاحب القطيع من الموج لذئب رآه أو جزار
واشتكى الحاصد المعنى الى الشيخ فما كان منه غير ازورار
وهو بالأمس واهب القائد الغربي زلفى اليه سيف النضار
صيغ من أضلع الجياع العريا تحت أنظار كل جوعان عاري
وهوبالأمس من حبا لندن الشوهاء ما شاء منه حب الفخار
وهو من يبخل الغداه على الشعب ويلقى انتحابه بافترار
ليت لي قوة المياه فاقتض من الشيخ للدموع الغزار
ليتني أهدم القصور وأبنيهن بيتا لشارد في القفار
ليتني أبدل القلوب التى تغفو على الذل بالحصى والحجار
أيها الشعب واحتماك عار على الحر دونه كل عار
طالما قد صبرت يا شعبي المظلوم فانهض كفاك طول اصطبار
أيها المرسل الأنين الى الآذان يلبسن قرط الاستعمار
حق ما ترسل الأنين اليهن اجتزازا بصارم بتار
فهي صماء حين تدعو وصغواء اذا اهتز شارب المستشار
ضلة للنيام والثلعب الرعديد يسطو بمخلب مستعار
رب ناج من الردى خلف الأبناء صرعى في المائج الهدار
مثقل الظهر بالسنين الطويلات وأشلاء بيته المنهار
لاح لي فانطلقت أزجي اليه الشعر حران قاذفا بالشرار
أيها المبتلى وأدعو بك الشعب وقد هم غيظه بانفجار
ذلك النهر فاض بعد احتباس عاصفا بالسدود عصف اقتدار
نبني أي ساعة أبصر الشعب وقد فاض بعد طول الأسار
ساحقا في اندفاعه ما أقام الظلم في دره من الأسوار
قل لمن ثبت العروش على الماء فقال امتلكت كل البحار
سوف تأتيك ساعة توقظ الأمواج فيها انتفاضة الاعصار
أيها الشعب يعصب الداء عينيه فلا تبصران ضوء النهار
الدواء الذي ترجي سيأتيك اسمه من حناجر الثوار
تعصف الصيحة المدماة بالتاج على كل مفرق مستطار
يوم لا الظالم الغشوم بمنجيه من الثائرين وشك الفرار
لا ولا القيد مستطيع حيال النار صبرا ودونه ألف نار
الردى واالهوان خط الأذلاء وكل الحياة للأحرار
__________________
لا يحصي فضلك ناثر أو كاتب * * * عددا ولا الشعراء يا غوث الندى
التعديل الأخير تم بواسطة : عاشق رفعت بتاريخ 02/09/2010 الساعة
20h14
عاشق رفعت
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن كافة المشاركات المكتوبة بواسطة عاشق رفعت