
25/06/2010, 15h53
|
|
|
تحقيق وصوره حفل سفح الاهرامات 1939 بحضور الملك فاروق
الملك فاروق والاستاذ فريد الاطرش تحت سفح الأهرام
يزهو فريد الأطرش في ثنايا أحاديثه ومذكراته بحفلات أحياها في قصور ملكية أو بين أيدي بعض الملوك، وسوف نعرض هنااحدى تلك الحفلات، لا لشيء إلا لارتباطها بأحداث مهمة تتعلق بوقائع جرت في مصر وبعض البلاد العربية.
أقيمت الحفلة الأولي بالقاهرة عند سفح الأهرام وقبل أيام قلائل من انصرام عقد الثلاثينات من القرن العشرين، في تلك الأيام من عام 1939م .. كان فريد الأطرش قد غدا نجما لامعا في سماء الغناء المصري والعربي، وذلك بما قدم خلال أكثر من ثلاثة أعوام بقليل من أغنيات ذاعت بين الناس عبر أثير إذاعة القاهرة، مما خلق نوعا من المنافسة المستترة بينه وبين محمد عبد الوهاب، الذي كان يتربع علي عرش الغناء قبل ظهور فريد بعقد كامل من السنوات، ولأسباب لا نعلمها .. اختار المسئولون بالإذاعة المطرب الصاعد-آنذاك-فريد الأطرش ليكون نجما لأول حفلة غنائية تنقلها الإذاعة المصرية منذ إنشائها في عام 1934م، وقد نوهت الإذاعة المصرية عن حفلتها الأولي في إعلان شغل كامل الصفحة السابعة من العدد رقم 219 من مجلة "الراديو المصري" الصادر في 27/5/1939م، احتلت صورة فريد الأطرش الجزء الأيمن من الإعلان، وظهر تمثال أبي الهول والهرم الأكبر إلي يمينه في باقي الصورة، وجاء إعلان الحفلة بالنص التالي: "تحت ضوء القمر عند سفح الهرم : تحيي الإذاعة اللاسلكية المصرية لأول مرة حفلة غنائية باهرة تحت ضوء القمر عند سفح أهرامات الجيزة في مساء يوم السبت 3 يونيه القادم، يغني فيها الأستاذ فريد الأطرش طائفة من الأغاني التي تجمع بين خلابة الموسيقي وعذب النغم مستلهما في ذلك الجو الساحر خياله البديع، وتنقل هذه الإذاعة المبتكرة من ذلك المكان الشعري السحيق إلي آذان المستمعين في مصر وشتي الأقطار"، وفي ليلة الحفلة التي صادفت مساء 15 ربيع الآخر سنة 1358 هـ، وتحت بدر مكتمل وأمام حضور يتقدمه الملك فاروق، اعتلي فريد الأطرش المسرح في الثامنة وخمسين دقيقة ليبدأ وصلته الأولي التي قدم فيها أغنيته الشهيرة "يا ريتني طير"، وهي الأغنية التي كتبها ولحنها الفنان اللبناني ومدير قسم الموسيقي العربية بالإذاعة الفلسطينية : يحيي اللبابيدي، وعندما صعد فريد الأطرش إلي المسرح للمرة الثانية في تلك الليلة.. كانت الساعة قد آذنت بتمام العاشرة وعشرين دقيقة، حيث قدم في وصلته الثانية مونولوج "من بعد نصف الليل"، والذي كان من تأليف الشاعر يوسف بدروس ومن ألحان فريد (الراديو المصري: العدد 219، 27/5/1939م، ص 23)، هذا وقد دخل مونولوج "من بعد نصف الليل" تاريخ الغناء العربي بتقديمه في ذلك الحفل، حيث مثل تقديمه في تلك الليلة -وأمام ملك البلاد-ختاما لمعركة فنية دارت بين مؤلفه وملحنه من جهة ومجموعة من النقاد في صحيفة "المصري" ومجلتي "روزاليوسف" و "الراديو"، وتمخضت تراشقات تلك المعركة عن مثول الشاعر يوسف بدروس أمام الرقيب علي المصنفات الفنية، وذلك لتفنيد ما كالته أقلام تلك المجموعة للمونولوج من اتهامات بالخروج علي الآداب وازدراء الدين والتقاليد، فلما ألقي فريد الأطرش مونولوجه بين يدي ملك البلاد، صمتت الأصوات المهاجمة لمؤلفه وملحنه ومغنيه واحتل مكانة في تاريخ الغناء كمحور لإحدي ما شهد من معارك فنية.
|