عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 18/06/2010, 16h59
كريمة عطار كريمة عطار غير متصل  
كريمة العطاء
رقم العضوية:473237
 
تاريخ التسجيل: November 2009
الجنسية: عراقية
الإقامة: فلسطين
العمر: 95
المشاركات: 473
افتراضي رد: موضوع خطير يجب التوقف عنده حول دور اليهود في الموسيقى العراقية

يمكن القول بشكل قاطع انه ليس هناك موسيقى يهودية بالمعنى العلمي للموسيقى لا في العراق ولا في غير العراق. نعم هناك ملحنون يهود وعازفون يهود وموسيقيون يهود, ولكن هؤلاء مارسوا ويمارسون الموسيقى باعتبارهم جزءا من المجتمعات التي عاشوا فيها وبكونهم شركاء في ثقافات تلك المجتعات وحضارتها. واذا كان بين الباحثين من يميل الى اعتبار التراتيل الدينية والابتهالات والترانيم لدى الطوائف الدينية من مسيحية ويهودية الحانا خاصة بهذه الطائفة الدينية او تلك فيمكن القول كذلك ان الحان هذه التراتيل والترانيم قد تتميز بالطابع الديني لمحتوياتها ولكن مبناها اللحني مستمد اساسا من الموسيقى التي تمارس في محيطها سواء كان ذلك في الشرق او في الغرب. فالحان الترانيم الدينية لدى اليهود ليست واحدة بل هي شرقية في الشرق وغربية في الغرب.


ثم ان الموسيقى تشكل جزءا جذريا من ثقافة كل شعب وشعب ومن تاريخه الحضاري الخاص. وهي تكتسب صفتها وخواصها من محيطها الاجتماعي والجغرافي وليس من ديانة مؤلفيها او عازفيها. فليس بالامكان اعتبار سيمفونيات الموسيقار الالماني اليهودي مندلسون موسيقى يهودية, وليس بالامكان تسمية الحان الموسيقار اليهودي المصري داود حسني او الحان الموسيقار العراقي اليهودي صالح الكويتي الحانا يهودية. ان الموسيقى ليست سلعة يمكن لاي كان مهما كان ان ينقل ملكيتها لقوم غير قومها او يمنحها صفات غير صفاتها. فموسيقى العراق التي نحن بصدد الحديث عنها تبقى موسيقى عراقية صميمة سواء كان عازفوها في العراق او هاجروا ومارسوا العزف في بلدان اخرى غير العراق. ففيما عدا الموسيقيين اليهود الذين هاجروا من العراق في ظروف معينة هناك اليوم موسيقيون عراقيون معروفون منتشرون في اقطار العالم المختلفة بعد ان اضطروا في ظروف قاهرة الى مغادرة الوطن, وهم يمارسون فنهم في العزف والغناء بشكل يثير الاحترام ويقدمون الموسيقى العراقية والعربية بشكل يبعث على الفخر والاعتزاز لمجتمعات لم تكن تعرف الا القليل عن الموسيقى العراقية والموسيقى العربية بشكل عام. ان هؤلاء الفنانين يعتبرون انفسهم سفراء لفنوننا لدى الاخرين وهم يؤكدون بوجودهم وممارستهم لفنونهم عمق الجذور التاريخية وعراقية وعروبة موسيقانا.


وبالنسبة للبرنامج الذي استمع اليه الاستاذ قصي الفرضي من اذاعة البي بي سي البريطانية والذي كان سببا لافتتاح باب البحث في هذا الموضوع, فيمكن القول ان مثل هذه الادعاءات ان دلت على شيء فانما على جهل اصحابها وضحالة المعلومات التي يزعمون بانهم يملكونها. وهذه الادعاءات وامثالها ليست جديدة. ففي العراق مثلا كان هناك انطباع لدى بعض السذج حتي اربعينات القرن الفائت بان الموسيقى العراقية هي حكرعلى اليهود ولا يجيدها غيراليهود. وسبب ذلك هو ان السواد الاعظم من عازفي الالات الموسيقية وخاصة الات الجالغي كانوا من اليهود. والواقع هو انه حتى حوالي منتصف القرن التاسع عشر كان اكثر العازفين على الالات الموسيقية من المسلمين, ولكن هؤلاء لاسباب دينية تركوا هذه المهنة وعلموها لمن كانوا يعملون معهم من اليهود لكي يقوموا بمرافقة قراء المقام الذين كان اغلبهم من المسلمين. وهذا ما اكده الشيخ جلال الحنفي في كتابه "المغنون البغداديون والمقام العراقي" حيث ذكر في الصفحة 7 ان "المواسقة والالاتية في بغداد الذين عرفوا واشتهروا بالعزف على الجالغي البغدادي في القرن الماضي (اي في القرن التاسع عشر) كانوا من المسلمين جميعا ثم تراجعوا عن ذلك الى اليهود" ويذكر الشيخ الحنفي اسماء البعض من هؤلاء العازفين ومنهم عازف السنطور محمد صالح السنطورجي الذي تعلم العزف منه حوكي بتو, وعازف الكمانة لطفي بن رزيج الذي اخذ العزف عنه ناحوم بن يونه. اما اليوم فهناك في العراق وكذلك خارج العراق موسيقيون عراقيون ماهرون تعلموا العزف على الالات الموسيقية التقليدية والحديثة في معاهد اكاديمية وحسب الاساليب العلمية الحديثة.



.واخيرا اود ان اشير الى ان عصرنا هو عصر الابحاث العلمية التي يمارسها اصحاب خبرة والمام وان الامور لم تعد تحدد وفق خيالات ومزاعم الجهلاء والسطحيين. ولهذا فلا خوف على موسيقانا من السرقة والانتحال. ولعله كان من الجدير بمحطة البي بي سي ان تستعين بخبير قبل ان تبث التقولات التي اشار اليها الاستاذ قصي الفرضي في مداخلته انفة الذكر.
رد مع اقتباس