الفصل السادس
وحكاية الإسلام مع المرأة .؟
قال صديقي الدكتور :
_ ألا توافقني أن الإسلام كان موقفه رجعيا مع المرأة؟
وبدأ يعد على أصابعه
- حكاية تعدد الزوجات وبقاء المرأة في البيت .. والحجاب والطلاق في يد الرجل .. والضرب والهجر في المضاجع .. وحكاية ما ملكت أيمانكم .. وحكاية الرجال قوامون على النساء .. ونصيب الرجل المضاعف في الميراث.
حك أديبنا ذقنه وهو يفكر في كم الاتهامات المتعدد والتي تحتاج إلى الأحاديث والشرح المطول قائلاً فلنبدأ من البداية :
فأشار إلى وضعية المرأة في الجزيرة العربية قبل الإسلام وأنها لم تكن شيئاً ذا أهمية فهي عار ويجب وأده في المهدا فإن أفلتت من الوأد فدورها يكمن في المتعة والإنجاب والرجل مباح له أن يتزوج بما شاء من النساء عشرة وعشرون وثلاثون بدون حدود فجاء الإسلام مقيداً للوضع وجعل له أربع نساء فقط وليس الاسلام هو ما جاء بالتعدد فالتعدد كان موجوداً قبل الإسلام فأيهما أكرم للمرأة ما كانت عليه أم ما صارت عليه ولم يفت الكاتب أن يشير إلى وضعية المرأة والرجل في الوقت الحالي في الدول المتقدمة فأردف قائلاً :وهل المرأة الآن في أوروبا أسعد حالا في الانحلال الشائع هناك وتعدد العشيقات الذي أصبح واقع الأمر في أغلب الزيجات أليس أكرم للمرأة أن تكون زوجة ثانية لمن تحب .. لها حقوق الزوجة واحترامها من أن تكون عشيقة في السر تختلس المتعةمن وراء الجدران.
ثم أظهر كاتبنا أن التقييد الزواج للرجل بأربع لم يترك هكذا مباحاً بل قيد بشرط العدل بينهن وذكر أنه لا يمكن العدل بينهن وهو أمر صعب لا يستطيع إتيانه إلا من خيار الناس كالأنبياء والأولياء وما في دربهم على أقصى ما يستطيعون من عدل.
ثم انتقل الكاتب لأمر"وقرن في بيوتكن" فقال أن هذا الأمر ورد لنساء النبي بصفتهم مثل عليا كما فيه إشارة ودلالة على أن الوضع الأمثل للمرأة هي أن تكون أماً وربة بيت ضارباً لصديقه الدكتور الملحد أن يتصور حال أمة نسائها في الشوارع والمكاتب وأولادها في دور الحضانة والملاجئ وأمة نسائها يعيشن في بيوتهن ويقمن على رعاياته ويتربى أولادها في أحضان أمهاتهن والخدمات في هذه البيوت متكاملة، ثم أوضح أن الاسلام لم يمنع المرأة من الضرورات التي تضطرها للعمل ومساندة زوجها وأسرتها مشيراً أن المرأة في الاسلام خرجت للعمل ومساندة الرجل في الحروب ضاربا المثل بنساء النبي ومداواتهم للجرحى في الحروب كما كان هناك منهن الفقيهات والشاعرات .
جنح الكاتب بعد ذلك إلى تهمة حجاب المرأة بأنه في صالح المرأة لا ضدها فقد أباح لها الوجه والكفين وستر ما عداهما وأشار ان الستر يزيد الجاذبية فكل ممنوع مرغوب ومن المعلوم أن العري يجعل الرجل لا يقارب زوجته الا مرة في الشهر وإذا حملت تركها سنتين هذا ماكانت عليه القبائل قبل الاسلام والقبائل البدائية ولم ينسى أن يدلل على حديثه بالقول: وعلى الشواطئ في الصيف حينما يتراكماللحم العاري المباح للعيون يفقد الجسم العريان جاذبيته وطرافته وفتنته ويصبح أمراعاديا لا يثير الفضول.
أما عن حق الطلاق فالمرأة لها أيضاً نفس الحق بأن تطلبه في المحكمة إذا وجدت المبررات الكافية لذلك ، ولها أيضاً أن تطلب في العقد بأن يكون لها الحق في تطليق نفسها أي أن تكون العصمة في يدها ولم ينسى كعادته في المقارنة بين الاسلام وبين ما هو عليه الحال في أوروبا فأردف أن المرأة لها مهر معلوم بينما تدفع المرأة عندكم الدوطة كما أن للمرأة في الاسلام حق الملكية والتصرف فيها بينما تفقد المرأة عنكم حقها في هذا بالزواج فتؤول ملكيتها الخاصة بعد الزواج بالمناصفة مع الزوج ويصير هو القيم عليها وتلك الأمور أعطاها الاسلام للمرأة أكثر من أي دين في العالم.
أما عن الضرب والهجر في المضاجع فهو أمر خاص بالمرأة الناشز فقط أما عدا ذلك فهناك المودة والرحمة وتختص بها المرأة السوية. وأسترسل الكاتب في هذه النقطة بقوله: والضرب والهجر في المضاجع منمعجزات القرآن في فهم النشوز .. وهو يتفق مع أحدث ما وصل إليه علم النفس العصري فيفهم المسلك المرضي للمرأة. وكما تعلم يقسم علم النفس هذا المسلك المرضي إلى نوعين:
"المسلك الخضوعي"وهو ما يسمى في الاصطلاح العلمي"ماسوشزم "masochism وهو تلك الحالة المرضية التي تلتذ فيها المرأة بأن تضرب وتعذب وتكونالطرف الخاضع.
والنوع الثاني هو: "المسلك التحكمي" وهو ما يسمى فيالاصطلاح العلمي " سادزم " sadism" وهو تلك الحالة المرضية التي تلتذ فيها المرأة بأن تتحكم وتسيطر وتتجبر وتتسلط وتوقع الأذى بالغير.
ومثل هذه المرأة لا حل لهاسوى انتزاع شوكتها وكسر سلاحها التي تتحكم به ، وسلاح المرأة أنوثتها وذلك بهجرهافي المضجع فلا يعود لها سلاح تتحكم به ..
أما المرأة الأخرى التي لا تجد لذتها إلا في الخضوع والضرب فإن الضرب لها علاج .. ومن هنا كانت كلمة القرآن: (واهجروهن في المضاجع واضربوهن).
اعجازا علميا وتلخيصا في كلمتين لكل ما أتى به علم النفس في مجلدات عن المرأة الناشز وعلاجها.
انتقل الكاتب بعد ذلك إلى نقطة " وما ملكت أيمانكم" وكشف عن أن صديقه الملحد يريد أن يقول أن الاسلام هو صاحب الدعوة إلى الرق والعبودية فقد أتى بأمر لم يسبقه في ذلك دين من الأديان الأخرى. فأشار إلى أن هذا هو اتهام المستشرقون للإسلام بينما الحقيقة هو العكس فالاسلام هو الدين الوحيد الذي دعا إلى تصفية الرق فاستدل أولاً بما جاء في الانجيل في قول بولس الرسول إلى أهل افسس "أيها العبيد .. أطيعوا سادتكم بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما الرب " وأقصى ما نادى به الانجيل هو حسن المعاملة بين السادة والعبيد ولم يطالب بتصفية الرق. أما في التوراة فكان نصيب الأحرار أسوأ من العبيد .... ومن وصايا التوراة أن البلد التي تستسلم بلاحرب يكون حظ أهلها أن يساقوا رقيقا وأسارى والتي تدافع عن نفسها بالسيف ثم تستسلم يعرض أهلها على السلاح ويقتل شيوخها وشبابها ونساؤها وأطفالها ويذبحوا تذبيحا.
الرق كان أمراً موجوداً فعلياً قبل مجئ الاسلام والاسلام هو الدين الوحيد الذي تصدى لهذه القضية ووضع لها الحلول ولم يأمر أمراً مباشراً بتصفية الرقيق وإطلاق سراحهم أحراراً ولهذا بعد اجتماعي فالأمر بإطلاق سرح الحرير سيسبب كارثة اجتماعية في عدم اتاحة المأوى اللازم لهم وقلة فرص العمل مما سينشر البطالة ويزداد عدد الشحاتين وتزداد السرقات والدعارة من أجل لقمة العيش وهذا الأمر أسوأ من الرق ، ومصدر الرق في الاسلام هم الأسرى من الحروب فوضع القانون في ذلك (فإمامنا بعد .. وإما فداء). فإما أن تمن على الأسير فتطلقه لوجه الله .. وإما تأخذفيه فدية. والرقيق الموجود فعلا فقد جعل تصفيته ففك رقبة وعتق كفارة للذنوب صغيرها أو كبيرها وهنا ينقضي الرق تدريجياً. ثم أن معاملة السيد لما ملكت يمينه كمعاملة الرجل لزوجته طالما أباح لنفسه أن يعاشرها والاسلام أعطاه هذا الحق ومعاملة المرأة الرقيق كمعاملة الزوجة في هذا الوقت يعد تكريماً وأضاف الكاتب موسعا قضية الرقيق فسؤال صديقه كان مقتصراً على المرأة فقط في " وما ملكت أيمانكم" بإشارة إلى أن معاملة العبد الرجل هي معاملة الأخ بعد أن كان قبل ذلك يداس بالنعال (إنما المؤمنون إخوة).(هو الذي خلقكم من نفس واحدة).(لايتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله). وضرب الكاتب مثالا بالرسول صلى الله عليه وسلم حينما تبنى العبد زيد بن حارثة فأعتقه وتبناه ثم زوجه من سليلة البيت الشريف الحرة زينب بنت جحش ليضرب مثلا يحتذي به المسلمون ويضرب العنجهية والغطرسة.
أما نقطة الرجال قوامون عن النساء فهي أمر واقع وملموس في جميع الأديان والأعراف والمجتمعات وإنما أظهره الاسلام وسلط عليه الضوء ليحدد للرجل دوره كما حدد للمرأة دورها وضرب لنا مثلا بموسكو الملحدة الحكام رجال منذ نشأة الشيوعية وحتى الآن وكذلك الأمر في فرنسا وبريطانيا وفي كل بقاع الأرض هم اللذين يخترعون ويشرعون ويحكمون وكذلك جميع الأنبياء رجالاً والفلاسفة رجالاً والملحنين رجالاً مشيراً بأن التلحين صنعة خيال لا يحتاج إلى رجال ومشيراً لقول العقاد ساخراً: حتى صناعة الطهي والحياكة والموضة وهي تخصصات نسائية تفوق فيها الرجال ثم انفردوا بها . وعلل ذلك بأنها ظواهر طبيعية في المجتمعات لا دخل للإسلام بها ولا يحكمها الشريعة ولا القرآن وإنما هي الطبيعة البشرية التى فرضت ذلك حسب تكوين كل من المرأة والرجل وحدوث ظهور إمرأة وزيرة أو حاكمة فهذا هو الاستثناء الذي يؤيد القاعدة الطبيعية والإسلام لم يفعل شئ وإنما أكد على صحة القاعدة وأظهرها ويعطي التفسير بعد ذلك لما جعل للرجل ضعف المرأة في الميراث لأنه هو الذي يعول ويصرف ويعمل وإذا كان الله قد اختارالمرأة للبيت والرجل للشارع فلأنه عهد إلى الرجل أمانة التعمير والبناء والإنشاء بينما عهد إلى المرأة أمانة أكبر وأعظم هي تنشئة الإنسان نفسه. وإنه من الأعظم لشأن المرأة أن تؤتمن على هذه الأمانة. فهل ظلم الإسلام النساء ؟!!
في النهاية نقول أن هذه الحجج الواهية استمدها الملحد من المستشرقين ولم يأتي بجديد وهنا طرحها الكاتب دون الدخول في تفصيلات قاصداً ومتعمداً لأن يضع اللبنة الأساسية في هذه المشكلات وحلولها بشكل مبسط لدى العموم من الناس وليوضح أنها بسيطة في الرد عليها ولذلك نجده بين الفينة والأخرى يصادق على كلامه بمدلولات وإثباتات وبراهين من القرآن والسنة لأنه هنا لا يخاطب الملحدين والكافرين لذلك هذا يعد من عوامل النجاح التى رافقت هذا الكتاب وتناوله الكثير من القراء على اختلاف مستوياتهم الفكرية ولم يناقش هذه الأطروحات بعمق شديد أولاً لأنه ليس متخصصاً في علوم الدين الاسلامي ثانياً حتى لايحدث معارضات من الرجال المتخصصين في علوم الدين الإسلامي وكي يثبت أن المسلم يجب أن يناقش علوم الدين في حدود علمه وأن مناقشة أمور الدين متاحة لكل مسلم .... فجاء هذا الكتاب في مستوى كثير من الناس0
أما عن القضايا او المشكلات التي يحاول الملحدين إلصاقها في مفاهيمنا ليضعوا بذرة الشك الإيماني داخل صدور المسلمين فأوضح في عبارات موجزة وبطريق غير مباشر أن تعريف المرأة في الاسلام " هي أم وربة بيت وعرض يجب أن يُصَان " ودور الرجل " هو إعالة أسرته وحمايتها وتييسير سبل تحقيق دورها" وعلى هذا فمن ينظر إلى المرأة يجد أن لها الدور الأكبر في المجتمع والحفاظ عليه وليس الرجل فالمرأة هي التي تلم شمل أولادها بحبها وحنانها وتغرز فيهم القواعد الأولى من الأخلاق بل وتعلمهم الكلام والأكل واللبس وتقوم على رعياتهم بما جبلت عليه من تكوين خلقها الله عليها ، وهي التي تجذب زوجها إلى عرين الأسد بحبها وعاطفتها وعطائها والقيام بكل ما يجعله يعود إلى أحضانها في ابتسامتها هون لكل متاعبه وفي كلماتها البسيطة تتفتح أمامه ضياء الأمل وبأنوثتها التي تتفنن فيها تجعلها محط أنظاره فتصبح المكمن الذي ياوي إليه ليستريح فإنها بذلك مسؤولة عن حماية عرين أسدها من الداخل فيسعى الرجل ليعول أسرته ويحميها من التعرضات الخارجية المتغيرة .... وكما قال الشيخ محمد متولي الشعراوي في قضية الميراث " وحظ الرجل مثل الأنثيين" في أن نصيب المرأة أعلى من نصيب الرجل في ذلك فالرجل مطلوب منه إعالة إسرته ومن هم في كفالته فهو الذي يكسوهم ويشتري لهم الطعام ويدفع آجر الطبيب وعلاجهم ويدفع مصروفات تعليمهم ويدفع آجر السكن والمواصلات وما إلى آخره بما فيهم الزوجة بينما الزوجة ليس مطلوب منها شيئاً حتى ولو كانت مليونيرة فمالها لها وهي حرة التصرف فيه ويكون نصيبها في الميراث لها وحدها إذاً في الظاهر أن نصيب الرجل أكبر لكن عليه تكاليف أعباء الحياة من جهة أخرى .... ولهذا أرى أن الكاتب لم يكن موفقاً في هذه النقطة بل كان سطحيا لأبعد الحدود.
أما قضية الرقيق فقد استعرضها بشكل جيد وأظهر المغالطة التي يحاول المستشرقين إلصاقها بالاسلام وهو أنه دعا للرقيق ولكن الحقيقة هوأن الاسلام أول دين تصدى لقضية الرقيق.
انتهى الكلام