الفصل الخامس
الجنةوالنار
كان صديقنا الدكتور واثقامن نفسه كل الثقة هذه المرة وهو يلوك الكلمات ببطء ليلقي بالقنبلة
- كيف يعذبناالله وهو الرحمن الرحيم على ذنب محدود في الزمن بعذاب لا محدود في الأبد ( النارخالدين فيها أبدا)
ومن نحن وماذا نساوي بالنسبة لعظمة الله حتى ينتقم منا هذاالانتقام..
وما الإنسان إلا ذرة أو هبأة في الكون وهو بالنسبة لجلال الله أهونمن ذلك بكثير .. بل هو اللاشيء بعينه.
الكاتب رد ببراعة على ما يحتويه السؤال من مغالطات يريد بها السائل أن يتخذ ذريعة من الضعف وتقيلا لمكانة الانسان ويبدوا أنه يحاول أن يزرع في داخلنا نحن المؤمنين الشك في العلي القدير وفي كل ما نؤمن به ..... فالانسان ليس قليل الشأن عند الخالق وأن الكون كله خلق بما يحويه من إبداع الخالق في كل خلقه من أجل الإنسان ومن أجل خدمته وراحته وتقديم كل العون له وجعل الانسان يستوعب هذا الكون كله بمداركه العلقية فركب البحر وطار في الجو وذهب إلى القمر وهذا المخلوق الضعيف نفخ الله فيه من روحه وجعل الملائكة تسجد لله وزاد الكاتب في استدلاله ان الانسان كتاب جامع شامل والكون كله هي صفاته ومن عظم شأنه استلزم أن يحاسب ولو كان شيئاً لا يذكر لما استوجب الحساب.
هنا نقول كما أسلفنا أن الله خلق الانسان وخلق الدنيا وما بها وما نعرفه وما لا نعرفه وما لم نتوصل اليه من أجله فوفر له كل الأمور ويسرها له فان جاهد بعقله وفكره مكنه الله منها وفق قواعد وموازين محددة ألزم بها نفسه لا يغيرها ولا يبدلها أبداً وهكذا أدى الله ما عليه من حقوق للانسان وعلى الانسان ان يقدم ما عليه من حقوق وواجبات لله ولأن الانسان قد تستهويه الدنيا بما جبل عليه من حب الشهوات كل حسب ايمانه فيفلح هذا ويخسر هذا وما بينهم درجات ، وعليه فلا يستوي الذين يعملون ولا الذين لا يعملون وكل حسب ماقدم من عمل لذا استوجب الحساب ، وهذا الحساب يكون خلال حياة طويلة عاشها الانسان ويكون دفعة واحدة وحساب واحد فمن تحمل مشاق العبادة ودأب نفسه عن الوقوع في الاثام وكبت جماح الشهوات فقد قاسى وعانى فوجب على الله أن يكافئه على قدر هذه المشقة فالجنة هي المأوى ونعيم أبدي وراحة بعد عناء وهدوء وسكينة بعد ثورة جماح الشهوات والملذات ولأن الله كريم فالجنة يعيش فيها مخلدا وآمنا لا يوجد فيها ما يؤرقه من خوف الموت والحساب فالحياة أبدية والنعيم دائم ولا يوجد إلا إشباع لكل ما حرم نفسه منه وعلى الجانب الآخر من أشبع نفسه في الدنيا ونعيمها واشبع نفسه منها فقد أخذ نصيبه بيده ولم ينتظر نعيم ربه ولم يعاني أو يقاسي في الحياة وارتكب الآثام كي يشبع ذاته بذاته فعليه أن يأخذ نصيبه من الشقاء والشقاء الدائم.
والكاتب يستمر في تقديم الآدلة فيقول أن الانسان الذي يخلد في النار لم يظلمه الله لأن هذا الانسان جبلت نفسه على الشر فلو عاد للحياة مرة أخرى لعاد لنفس ما كان عليه(ولو ردوا لعادوالما نهوا عنه وإنهم لكاذبون).
اذا هم ليسوا محدودودين بذنبهم في الزمان والمكان بل لو عادوا لفعلوا نفس الشئ وهناك استدلال آخر(يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكمويحسبون أنهم على شيء .. ألا إنهم هم الكاذبون). فالذنب هنا مستمر في الزمان وبعد الزمان ثم استطرد الكاتب في حديثه بأن هؤلاء الناس اللذين يدخلون النار ستكون بينهم وبينها نوع من المجانسة وأن من رحمة الله لهم أن يتعايشوا معها . وأن النار ليست النار التي نعرفها في الدنيا ، فالنار وقودها الناس والحجارة كلما ألقوا فيها استشاطت سعيرا وقالت هل من مزيد ثم اسرد في ان النار ليست كالنار التي نعرفها ولا الجنة مثل سوق الخضار.
وهنا نقول أن النار التي توجد بعد السماء السابعة وكما جاء على لسان الوحي جبريل الأمين في الرد على سؤال الرسول الكريم عن وصف النار: يا محمد لو ثقب في جدار الجنة في مثل ثقب الإبرة لمات من لفحها أهل الأرض جميعهم ، سبحانك ربي ما هيى تلك النار العجيبة الغريبة التي تشتعل بأجساد الناس وبالحجارة والناس الذين يخلدون فيها سيتكيفون معها كيف ؟ فهؤلاء الناس يبدل الله لهم جلودهم ويغير حالهم ففيها تحرق جلودهم فيعيدها الله من جديد وهنا في الاعادة رحمة لهم ثم تحرق من جديد وفيه عذاب وألم ثم تظل العملية متكررة وقس على ذلك أنواع العذاب الأخرى التي نعلم عنها وما لانعلم .
والجنة كذلك نعيم دائم فكل شئ فيها في أوج نضجه وتمامه حتى البشر الذين يدخلونها يدخلونها شباباً في أوج نضجهم والحور العين عرباً أترابا كل شئ يعودالى نضجه فكلما قطفت تفاحة حلت محلها أخرى فالأشياء موجودة فيها كما يجب أن تكون لا تغيير ولا تبديل فيها.ومن رحمة الله على عباده أن كل شوكة يشاك بها رحمة من عذاب الله في الآخرة فإن أصيب هذا بالسرطان أو هذا بعلة ما أو بترت لذاك يد أو ذراع فهي قسوة في الحياة يتعرض لها الانسان وليس بيده حيلة وتعادل عذاب شديد بحساب المولى في الآخرة فيكون رحمة من الله وتخليص وتكفير يرفع لها بها من ذنوبه فتكون له الجنة ولو تركت لحساب الآخرة لكان هناك شيئاً آخر.
انتهى الكلام