عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 13/05/2010, 22h52
الصورة الرمزية هاله
هاله هاله غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:29221
 
تاريخ التسجيل: May 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 307
افتراضي رد: الشيخ المبروك ( في ذكرى النكبة )

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد رمضان ماضي مشاهدة المشاركة
الشيخ المبروك
( في ذكرى النكبة )
قصة من الواقع



جاء وأيقظني من النوم ، ألم يكفك صيام ، أعتب عليك ، فلم تذكرني يوما ً في أسطرك ، أجف مداد القلم ؟، .... لا بل قرف مما يدور ، .... ، الم يخبرك والدك ؟



قلت :بلا أخبرني.... فتحت عيني ًّ ببطء ، التلفاز كما هو ، لم يغلقه أحد ، ينقل أخبار من هناك شهيد إلتحق بالقافلة ، دارت بي الدوامة بعنف ، .....وتوقفت فجأة ووالدي يروي لي



ما حـــدث : يا بني ..... كنت صغيرا في بيت جدك ، يافا تلك المدينة الصغيرة الساحرة ، على شاطيء المتوسط ، يفصلها عرض شارع يقل عن ستة أمتار عن تل أبيب ، عشنا في سلام ، لعبنا في أمان ، جدك يخرج للصيد كل يوم بقارب صغير لنا ، قانعين برزق الله ، وما يجود به البحر........



وكان رجل يجول في المدينة ، يعرف اهلها كلهم ، يرتدي زيا ً خيشيا ً ، يوزع إبتسامات ساهمة بلهاء هنا وهناك ، يهذي بأقوال مفهومة وغير مفهومة ، والآراء تتفرق من حوله .....



رجل مبروك.....



رجل مجذوب.....



رجل أبله.....



مجنون......



وهو لا يبالي بأحد ، ينظر إليهم بطيبة ، يبتسم ويمضي....



حكوا عنه قصة رآها بعضهم .... كان الإنجليز...منعوا التجوال ذات مرة....، الناس في منازلهم ، هناك من يتحرك ،



سيقتله الإنجليز...، يرقبونه من خلف شراعات النوافذ ،من الثقوب ، وهو يجول لا يبالي بأحد ...، إستوقفه الجنود ، .... لم يعر أحد إنتباهه ، .... مضى ، قف ....، أطلقوا النار من بنادقهم نحوه.



يا للعجب ، ما الذى يحدث ، الرصاص يصطدم برداءه الخيشي، ويتساقط كأنه حبات كبيرة من الرمل ، ويا للعجب الرجل لم يصب بسوء ، وهو لا يزال يبتسم إبتسامته المعهودة ، مضى في طريقه......



تركه من بعدها الإنجليز ، ولم يتعرضوا له أبدا..........



كان يوم ، أفاق أهل المدينة على طرقات عنيفة على الأبواب ،



أفاقوا وقد أصابهم الفزع ، ترى من ؟



فتحت الأبواب ، رأوا الشيخ يجري بجنون ، عصبية غير معهودة ، قالوا لقد جن الرجل بحق ، أصابته حالة هياج ،....



صرخ بأعلى صوته...



الى البحر......



الى البحر......



إحذروا النوة ...



الأشباح......



الأشباح......



تهامسوا غريب ما يفعل ؟!



أين النوة ، ليس وقتها ، وها هو البحر هاديء ،لا يكاد يتحرك.



قال لنا جدك يا ولدي: ليس جنونا ً والله ، أمر ٌ ما سيحدث ..



يبدو شؤم قادم ، الأيام قد تحمل التفسير....................



إلى أن كان يوم ليس ببعيد ، عند الفجر ،.... لم ينبلج الظلام بعد ، أشباح تخرج من البحر ، ينسلون خفية بإتجاه تل أبيب ، عشرات الآلاف ـ كقطع الليل المظلم ـ من هؤلاء ؟



قال جدي: يبدو أن أيامنا هنا قليلة ، علينا ركوب البحر ، قالها الشيخ ،والأنباء تتناقلها الألسنة ، فظاعات ، مذابح ، ثكالى ، أرامل ، عويل في كل مكان ، الرعب ، والإنجليز لا يحركون ساكنا ، هيا بنا ، قال جدي وهو يغلق باب الدار ،


ويعلق المفتاح الحديدي الكبير على صدره ،....



ركبوا البحر ، القارب الصغير لا يكاد يحملهم ، الأمواج ساكنة،



إلى أين ؟



إلى غزة هاشم ، .... إنها في مأمن ، المصريون هناك ،...



مرة ٌ أخرى يصدق الشيخ ، أرتفعت الأمواج ، كالجبال ، تلاعبت بالقارب الصغير ، كريشة في مهب الريح ، تأرجحوا بعنف ، أرتطمت بهم موجة عاتية ، مال القارب ، سقط الماء بداخله ، الصراع مع الموت ، صرخة شقت الظلام ، أولادي ...



كانت جدتي ، سقط والدي وعمتي في الماء ، جدي يصارع لحفظ توازن القارب ، الباقي ينزح الماء ، خلع أخواي ملابسهما وشقا الماء ،بحثا طويلا ً ، نجيت من الغرق ،أنقذني أخي الأصغر، - قال والدي- ، أما الفتاة فلم يعثرا عليها ، إبتلعها البحر.



مضي يومان وصباح الثالث إقتربوا من الشاطيء ، تصاحبهم الدموع ، نزلوا عند بعض البدو ، .... يسألون الأخبار ، يتزودون بالماء والطعام ، يسألون عن الفتاة ،...ذكروا لهم أن الأوصاف تلك كانت لفتاة لفظها البحر ، منذ يومين ، ودفنت بجوار مقام ليونس النبي ـ عليه السلام ـ زاروا قبرها وترحموا عليها ، ثم مضوا في طريقهم برا ً ليواصلوا الرحلة ، ......



تمت بحمد الله



القاهرة



27/4/2010




اخى العزيز محمد
قصتك بقدر جمالها بقدر المها
وخصوصا تصويرك لاشخاصها ومعاناتهم ومواجهتهم للاخطار المحيطه بهم وتصويرك لحالتهم اثناء الرحيل
كتاباتك موفقه اخى العزيز
فى انتظار جديدك
__________________
لـــَـستُ مُجبـــــَــــره أنّ يَفهـَـم الأخـَــرِين مـَن أنــَـــا
فَمن يَمتلِك مُؤهِلات العَقــل ؛والقَلب ؛ والـــــرُوح
♫سـَـــأكُون أمـَـامه كالكتــَـاب المَفتــوُح
رد مع اقتباس