لي ملاحظتان في هذا السياق أرجو أن تتّسع صدور المنتدين لسماعهما ؛ أولاهما أنّ هذا التسجيل الذي سيق على أنه من تمرين للسنباطي ولفيروز - ومع كامل الاحترام والتقدير والاعتذار شديد اللهجة لقناة الجزيرة وللأستاذ أحمد وللسيدة سمر وللأستاذ غسان بن جدّو الذي حاورهما - جاء خالياً من صوت فيروز بتاتاً ؛ ولن أقتنع حتى لو أراني الأستاذ أحمد السنباطي تسجيلاً مرئياً ! لقد أدمنّا صوت السيدة مذ درجنا أطفالاً وتتبّعنا خطاه يوميّاً من يافع الى شاب الى بالغ الى مقتبل العمر وحتى آخر حفل شدت من على خشبة مسرح ، فبات صوتها في مراحله كلها جزءاً من الذاكرة لا ينفع في فصم عراها لا هذا التسجيل ولا غيره . مهما غطّى صوت الراحل الكبير على مرافِقَتِه في التسجيل عاليه ، وهي بلا شكّ مطربة بجدّ ، إلا أنّ في مكنة السامع أن يستخلص الصوت الأنثوي ويعزله في مخّه ليركّبه على ما اختزن من أصوات في ذاكرته فيعرف صاحبة الصوت ، أفيروزَ كانت أم أخرى . ولقد سمعت التسجيل أكثر من مرة ، فلم أفلح في تركيبه على شخص وصوت السيدة فيروز الذي اختزنتُ ، كما تقدّم ، طيلة عقود طوال ؛ وليعذرني الأخوات والأخوة في هذه القحة التي لم أفلح في كبح جماحها .
ثاني الملاحظتين حديث "قيل وقال" لا مرجعية له البتّة : أنّ الأغنيات الأربع ، وهي كلها فيما يبدو من القصائد ، قد سُجّلت فعلاً تسجيلاً معتمداً بقيادة الراحل الكبير ، ثمّ آلت حقوق النشر والتوزيع الى شركة مشهورة كان من المفترض أن تطبعها ، إلا أنّ خلافاً نشب بين مجموعة الرحباني وبين هذه الشركة قد حال دون نشرها . وقد قيل فيما قيل أيضاً أنّ السيدة فيروز لم ترضَ عن التسجيل ، لا الأغنيات ، فلم توافق على طرحه في السوق حتى اليوم .
كائنة ما كانت الأسباب والدوافع الى حجب هذه التسجيلات عنا ، إلا أنّ إجحافاً كبيراً قد لحق بجمهور الاثنين من جرّاء هذا الحجب ، يخوّله ، أي الجمهور ، برفع هذا الشأن الى قضاء المرجعية الموسيقية العليا عندنا ، لو كان عندنا مثل هذه المرجعية .... وفي غياب مؤسسات ترشيد كهذه ، سيظلّ هذا الإجحاف جنحة يعاقب عليها ..
أخوكم
الفاربي