رحلة الحرفة من الأندلس إلى القصبة
رحلة الحرفة من الأندلس إلى القصبة
كي نتحدث عن انتقال الطبوع الموسيقية التي خاض فيها الفنانون اليهود، زمنيا وجغرافيا، داخل المنطقة المغاربية، لا بد أن نعود إلى خلفيات التواجد اليهودي في المنطقة، بداية من نزوح الطائفة اليهودية تحت مسمى “التوشيبيم”، إلى شمال إفريقيا وصولا إلى دخول يهود الأندلس المعروفين باسم “الميغوراشيم”، إلى المنطقة مع الموركسيين، هروبا من قبضة الكنيسة الكاثوليكية بعد سقوط الأندلس. ويمكن القول إن أهم ما يسّر أمام اليهود النازحين سبل الإندماج ومن ثم الاستقرار في المنطقة هو ما حملوه معهم من مهارات شتى، خصوصا حرفة الصياغة، والصرافة، إضافة إلى حرفة الموسيقى والغناء بما في ذلك طبع الغناء الأندلسي، وخصوصا الغرناطي الذي استقر في وهران وتلمسان، ليجد امتدادا خاصا لدى يهود المغرب ثم ليمتد بواسطة عائلات يهودية هاجرت من تلمسان إلى كل من فاس، الرباط، تطوان ووجدة. كما استقر نوع “الصنعة” في الجزائر العاصمة، وانتقل “المالوف” من قسنطينة نحو تونس فالقيروان وصولا إلى ليبيا. وبعدما انتشرت هذه الطبوع، توسعت دائرة الإهتمام لتطال قصائد “الملحون” في المغرب، “الحوزي” في الجزائر، و”الفوندو” في تونس. كما استحدث اليهود أنماطا جديدة من العناء الخاص بالأفراح والأعراس وحفلات الختان، خصوصا مع استقرار الوضع السياسي في الجزائر بداية القرن العشرين، وظهور الأسطوانات والمذياع.
وقد تبقى الصورة غير مكتملة إذا لم نتطرق بالإشارة إلى فن “الفرانكو أراب”، وهو لون من الغناء انبثق أصلا من غناء الراي السائد والمتجذر في مدينة وهران، غير أنه استفاد مما عرفته المدينة من أنماط غنائية سواء منها الفلامنكو الإسباني، أوأنواع الموسيقى التي سرعان ما بدأت تنتشر في تلك الفترة، والتي كان لليهود دور فاعل في دخولها إلى المنطقة.
|