فى عام 1934 صدر للشاعر الدكتور إبراهيم ناجى ديوانه الأول الّذى حمل أسم ( وراء الغمام ) .
و من قصائد هذ الديوان ... كانت هذه القصيدة :
الغد
يا حناناً كيدِ الآسى الرؤُوم ِ *** و شُعاعاً يُشَتًهى بعد الغُيوم ِ
أنا فى بُعدِكَ مفقودُ الهُدَى *** ضَائعٌ أعشو الى نورٍ كريم ِ
أشترى الأحلامَ فى سُوق المُنى *** و أبيعُ العُمرَ فى سُوق الهُموم ِ
لا تَقل لى فى غدٍ موعدُنا *** فالغدُ الموعودُ ناءٍ كالنجوم ِ
*****
اغداً قُلتَ فعلّمنى اصطبَارا *** ليتنى اختصرُ العُمرَ اختِصارَا
عَبَرَت بى نًشوةٌ من فرحٍِ ٍِ *** فَرَقَصنا أنا و القلبُ سُكََـَارى
و عَرَانا طائفٌ من خَبَلٍ ٍ *** فاندَفَعنا فى الأمانى نتبارَى
سنَذمُّ ُُ النور حتى يتَلاَشى *** و نذَمُّ ُ الليلَ حتى يتوارَى
*****
انفردنا انا و القلب عشيا *** ننسج الأمالَ و النَّجوى سويَّا
فركبنا الوهمَ نبغى دارَها *** و طوينا الدهر و العالَم طيَّا
فبلغناها و هللـَنا لها *** و نزَلـَنا الخُلَـَد فينـَاناّ ً ندياّ َ
و لقينا الحسنَ غَضّاً و الصّبا *** و تملَّـينَا الجلاَل الأَبدِيَّا
*****
قال لى القلبُ : احقّاً ما بلغنا *** كيف نَامَ القدرُ الساهرُ عنا
اتُرَاهَا خدعةً حَاقت بنا *** اتُرَاها ظِنةً مما ظَنََّنا
قلتُ لا تجزع فكم من منزلٍ *** عَز حتى صارَ فوقَ المُتَمنى
أَذِن اللهُ به بعد النوى *** فثوينا و استرحنا و أمِنَّّا
******
يا جِنَان الخُلدِ قَدَّمتُ اعتذارى *** إذ يَطوف الخلدَ سقمى و دَمارى
أيها الأمرُ فى مُلِك الهوى *** أعُف عن لهفةِ روحى و أوارى
أشتهى ضَمَّكَ حتى أشتفى *** فكأنى ظامئ أخذ ثارى
غير أنى كَّما أمتدت يدى *** لعناقٍ ٍ خِفتُ أن تؤذيكَ نارى
*****
أيها النورُ سلاماً و خشوعا *** أيها المعبَدُ صمتاً و ركُوعَا
ملكت قلبى و لـُبى رهبةً *** عصفت بالقلب و اللـُبَّ جميعَا
رُبَّ قول كنتُ قد اعددتُه *** لكَ إذ القاك يأبى أن يطيعَا
و حبيس ٍ من عتاب ٍ فى فمى *** قد عصانى فتفجَّرتُ دموعَا
*****
لذعتنى دمعة تلفح خدى *** نبهتنى من ضلال ٍ ليس يُجدِى
و اختفت تلك الرَّؤََى عن ناظرى *** و طواها الغيبُ فى سِحرىَّ بُردِ
و تَلفَّتُ فلا أنت *** و لا جنةُ الخلد و لا أطيافُ سَعدِ
و إذا بى غارقٌ فى محنَتى *** و بلائى اقطعُ الأيامَ وَحدِى
*****
هاتِ قيثارى و دَعنى للخيالِ ِ *** و أسقنى الوَهّم و عَلـَّل بالمحالِ
و دَع الصدق لمن ينشده *** الحجى خصمىَ فأغمر بالضلال ِ
و خُذ الأنوارَ عنّى ربما *** أجدَ الرحمةَ فى جوف ِ الليالى
خلَّنى بالشوق ِ أستدنى غداً *** فغداَ عندى كآبادٍ طوال ِ
******