د. مستجير: أعشق الروايات البوليسية وأخجل من نشر أشعاري ( 2 )
- لماذا الخيال والحب بالتحديد ضرورى للعالم؟
-- الخيال يمنح العالم القدرة على تخيل النتائج.. والعالم المتميز هو الذى يحول خيالاته وأحلامه إلى علم.. أما الحب فهو دافع للبحث.. العلم يجب أن يكون غرضه إنسانيا.. يوجه لخدمة الإنسانية وإلا لن يكون له معني.. خاصة فى هذا الزمن.. فإذا لم يكن العالم يحب بلده.. ويحب الناس فلن يقدم شيئا مفيدا، ولن يكون عالم كويس.. لازم.. يملك.. الاثنين.. القدرة على الخيال والقدرة على الحب.. ليكون عالما جيدا.. وإلا سيكون عالما كالذين نتخبط فيهم فى الطريق، يعمل فى العلم لكنه ليس عالما.. ويعمل أبحاثا مثل فلان، لايمكن أن تخرج منها نظرية أو فكرة كبيرة..
- لكنى أفهم أن العلم بلا قلب.. والعالم يجب أن يكون صارما.. عقلانيا!
-- من قال لك ذلك..!! الباحث فى المعمل يتعامل بالحقائق الجامدة، إنما هذه الحائق الجامدة يخرج منها ما يمكن أن يحل مشاكل الناس ويسعدهم..
- حبك للناس والوطن معروف.. فماذا عن حب المرأة؟
-- طبعا مررت بتجارب حب مندفع كأى شاب.. ثم علاقة الحب الناضجة كانت لزوجتي.. وهى نمساوية.. تركت بلادها الجميلة لتعيش فى مصر مع شخص فقير من العالم الثالث..
- وماذا عن أولادك وعن ابنتك التى حققت كشفا فى النمسا؟
-- مروة حاصلة على دكتوراه فى البيولوجيا الجزيئية فى الهندسة الوراثية.. وهى التى اكتشفت جين سرطان المثانة فى فينا.. وابنتى سلمى حاصلة على ماجستير فى اللغة الألمانية من جامعة فيينا أيضا.. وابنى الأكبر مهندس حاصل على ماجستر، ويعمل فى مجال الكومبيوتر..
- كيف بدأت علاقتك بالأدب؟
-- بدأت بقراءة مجلة آخر ساعة، وكانت تصدر يوم الأربعاء، وكانت كل أسبوع تقدم قصيدة يرسمها الفنان العظيم بيكار.. وكنت أحفظها..
- هل تذكر بعض هذه القصائد؟
-- نعم ما زلت أحفظ منها الكثير.. قصائد لناجى وأخرى لحافظ والكثير من أشعار شوقي.. وخاصة أجزاء من مسرحية شوقى مصرع كليوباترا.. كما أحببت شعراء المهجر وخاصة إيليا أبو ماضي، وفى كتبى العلمية كنت آخذ أبيات أشعار فى بداية كل فصل فى كتب الوراثة، كنت أكتب بيتا من أشعار إيليا أبو ماضي..
- ما أهم الأعمال الأدبية التى قرأتها وأثرت فيك؟
-- قرأت روايات مهولة.. وتربيت على روايات الجيب.. وكات فيها كل شيء بغض النظر عن أرسين لوبين، كانت تنشر لكل الأدباء العالميين، وروائع الأدب الغربى قرأتها فى روايات الجيب.. لكنى أفضل الروايات البوليسية.. فعندى جميع روايات أجاثا كريستى بالانجليزية لأن لها أسلوبا رائعا لا يترجم، ويجب قراءته بلغته.
- لماذا تفضل هذا النوع من الروايات؟
-- لأن فيها علم.... تجمع البيانات، ونستخلص منها النتائج.. ليصل للقاتل.. هذا هو العلم.. وفيها أيضا شيء هام جدا.. وهو التأكيد على حرمة الحياة البشرية، الإنسان فى أعمالها له قيمته، من يقتل روح يجب أن يعاقب، هذا أهم ما فى الرويات البوليسية..
- هل تعجبك الروايات البوليسية العربية؟
-- لا.. لا.. هذه ناحية يفتقدها أدبنا تماما.
- لماذا.. هل لأن الشخصية العربية شخصية مسالمة أم ماذا؟
-- لا لسبب آخر.. وهو أن عندنا كثيرًا ما نسمع عن جريمة قيدت ضد مجهول.. لكن فى الخارج لا يوجد شيء اسمه قيدت ضد مجهول.. من قتل لازم يعاقب، ونادرة جدا حكاية المجهول دي.. ثم إننا للأسف ليس لدينا كاتب بوليسي.. ربما لأننا نعتبر هذا النوع من الروايات أقل أهمية..
- هل تنصح الشباب بقراءة هذه النوعية من الروايات؟
-- بغض النظر عن هذه النوعية.. القراءة أساس لمعرفة ما يحدث فى العالم.. وأنا بشكل عام أنصح تلامذتى بأن يقرأوا.. أقول لهم اهم شيء أن تقرأ لغرض القراءة.. أن تدرب نفسك أن تجلس على قراءة كتاب 400 صفحة وتنتهى منه.. بغض النظر عن المضمون.. وهذا يجب أن يحدث فى الصغر..
- ولماذا فى الصغر؟
-- لأنه لو لم يقرأ الشخص فى الصغر، فإنه عندما يكبر لن يستطع القراءة.. فأنا أرى أستاذا فى تخصص معين يحضر كتابا عاما، يبحث فى الفصل الذى يضم المادة التى تخصه، ثم يترك الكتاب، لأنه لم يتعلم القراءة.. أما أنا فقد تعلمت من الصغر أن أقرأ..
- من علمك؟
-- والدى هو من علمني.. كان مدرس لغة عربية.. وكان يأتى لنا بكتب مصطفى صادق الرافعي، ولطفى المنفلوطي، وروايات جرجى زيدان عن العرب.. كلها كانت فى البيت ونحن أطفال، وكنت أجد والدى يقرأ فأقرأ مثله.. بعد ذلك قرأت كل أعمال يوسف إدريس، ونجيب محفوظ..
- والآن هل مازلت تقرأ ابداعا؟
-- الآن لا أقرأ رواية إلا إذا قرأت فى الجرائد أن هناك عملا جيدا..
- ما أحدث كتاب أدبى قرأته؟
-- اشتريت منذ أيام مجموعة يوسف إدريس لغة الأى أي.
- ما الذى ذكرك به؟
-- ذكرنى به كتاب عن الألم أكتبه الآن.. ودائما أحب أن أطعم كتبى بمقاطع أدبية..
- هل مازلت تكتب الأدب؟
-- لم أعد أكتب أدبًا الآن.. لأن هناك الجيد فى العلم كل يوم يحتاج إلى متابعة مستمرة، والأدب يحتاج إلى تفرغ وروقان..
- هل نشرت فى ديوانيك كل ما كتبته من أشعار؟
-- لا.. لدى الكثير مما خجلت من نشره..
- ولماذا خجلت من نشره؟
-- لأنى كتبته لنفسي.. لا من أجل النشر..
- متى تكتب لنفسك؟
-- عندما يكون بداخلى مشاعر ما أرغب فى إخراجها لأستريح.
- لك كتاب فى علم العروض.. استخدمت فيه نظرية جديدة فما دافعك وراء تأليف هذا الكتاب؟
-- نشأت الفكرة فى البداية من علاقتى مع الكومبيوتر لأنى كنت أريد أن أجد نظاما رياضيا لبحور الشعر يستطع أن يتعامل الكومبيوتر معه، ثم اكتشفت أن هذه الطريقة تلغى الكثير من مشاكل علم العروض، وتبسط أمره لكل من يود معرفته.
- ما رأيك نختم الحديث بقصيدة من أشعارك؟
سأقول بضعة أبيات من قصيدة طويلة بعنوان:كتابات على ظهر مقعد فى الحديقة المظلمة..
تغربت ياما تغربت يا ظالمة..
تغربت من أجل حبك..
ومن أجل عينيك يا قاسية..
غريبا كما كنت..
ها قد رجعت إليك..
فلابد لى أن أعود..
واسندت رأسى على ركبتيك..
وأجهشت يافتنتى بالضحك..
- من هى فتنتك هذه؟
-- تبدو قصيدة رومانسية جدا لكنها عن مصر..
- أنا لا أصدق ذلك!!.. لكن ليس هناك مانع أن نمشيها مصر..
-- أحب أنا أقول لك إن الحب شعور جميل يغلف كل شيء.. وأنا أدعو الجميع لأن يحبوا
حوار : وفاء حلمى - جريدة العربى
http://www.al-araby.com/articles/1005/060416-1005-pnp03.htm