عرض مشاركة واحدة
  #136  
قديم 04/02/2010, 03h02
الصورة الرمزية abuzahda
abuzahda abuzahda غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:102176
 
تاريخ التسجيل: November 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: كندا - تورونتو
المشاركات: 1,212
افتراضي رد: عالـم قـريش ـ السـيرة الشافعـيه ـ أنس البن

سيّدي الجليل
الوالد الدكتور أنس

كلما مررتُ من هنا ، خِلتُني بمكانٍ أعشقه بمصر ، ذلك المكان الذي من فرطِ تعلقي به ، أصبحَ هو خميرةَ مصر التي أخبئها بين الشِغاف .

هل أذِنتَ لي بأن أحدِّثك عن "خان الخليلي" ؟

........ شُكراً لكَ يا دكتور


كنتُ في طريقي من "النحّاسين" بشارع المعز لدين الله ، إلى الروضة الحسيّنيّةِ العطرة ، أحبُّ أن أستريح بدكانِهِ الصغير - بأول الممر يساراً – الذي لا يتسع إلا لزبونٍ واحد ، بينما هو جالسٌ إلى طاولةٍ خشبيّةٍ عليها بعض الأدوات اليدويّة – التي أظنه قد صنعها بيديه.


لقد تخصص في صنعةٍ نادرة "صناعة الخواتم الفضيّة" بما في ذلك إصلاحها و ضبط مقاساتها و لحام المكسورِ منها .


و لأنني مولعٌ بكل ماهو يدوي ، كنت أختلق الأسباب التي تجعل جلوسي إليه شيئاً ضرورياً ، كأن أشتري خاتماً من دكاكين "الفضة القديمة" – و حبذا لو كان به عيب كأن يكون مفقودَ الحجر "الفص" أو به شرخٌ أو بحاجة إلى تضييق ... إلخ !


و من كثرة ترددي عليه ، كنت السبب في تعارفٍ بينه و بين أبي رحمه الله ، الذي كان مولعاً بالأحجار الكريمة و أحوالها.

،
عند استقامة الممر بنهايتهِ من الجهة الشرقيّة ، دكانٌ آخر بمواجهة "مقهى وليّ النِعَم" ، لكن هذا الدكان كان يتميّز رغم صِغرِهِ بأنهُ مكشوفٌ للمارّة ، و صاحبه يجلس بحلقِ دكانِه الصغير على هيئة جلوس التشَهُدِ أمام مخرطةٍ غاية في البساطة
، يُدير قِطعةَ الحجر الكريم بين فكينٍ من قضيبٍ التَفَّ على طرفِه خيطٌ تثبَتَ بطرفي قضيبٍ لا يشبهه .


كان صانِعُ المسابِحِ يستنبت من قِطعَةِ الحجر حبة تسبيحٍ ، و كأنه يعزِف على ربابةٍ مستلقية بين يديه. و يداهُ ، كأنهما لرجلين لا يتخاطران.


،

كنتُ أتعَجَبَ لحركتي يديه ، فاليُسرى تستولِدُ اللفاتِ بلا انتباهٍ منهُ ، و اليُمنى بها إزميلٍ يخرط الحبّة فتنفلت منها قِشرَةُ الحجر الكريم (الرايش) تتلوى حرماناً من البقاءِ للتسبيح.

،


كان صانع المسابح قد ألِفَ تـحَلـُّقِ الناس بِه ، فيعرض عنهم ، و أكثرهم من السيّاح و محطات التلفزة العالمية ، يصورونه بكل أنواع الكاميرات ، و هو سادرٌ بسمتِهِ كأنه يُلَقِّنُ الحبّة َ ماسوف يُتلى عليها بيدِ المَسَبِّحين .


حتى إذا رضيَ عن حجمها ، أخذَ ورقة سنفرة ناعمة يحضن بها الحبّة التي لا تكف عن الدوران ،لصقلها، ثم يسند القوس إلى الأرض كأنه يهدهد طِفلاً ليخلع الحبَّةَ بتفريجِ فكي القضيب ، ماسِحاً الهواءِ ببسمةٍ ودودة تِجاه المُتحلقين به من المارّة (وانا أولهم)

كأنه تعلـَّم تلك الصنعة منذ التسبيح ، لا يلتفتُ إلاَّ إليه .
،

تذكرتُ المشهدين و أنا هنا بحضرةِ سيّدي المُلَقبِ بقاضي الشريعة عند أهل مِصر .


و أنتَ تواصل ، يا دكتور أنس ، تبسيط سيرته العطرة لأمثالي من بناة الأكواخ ، تواصل إتمام ناطحة سحابٍ إسمها : السيرة الشافعيّة ،


كأنك سابك الفضة أو صانع السبح ، حيث لسان حالكم يقول للعابرين ، بلا مشاركاتٍ:



فالدُّرُّ يَزدادُ حُسْناً وَهْوَ مَنْتَظِمٌ ..... وَليسَ يَنْقُصُ قَدْراً غيرَ مَنْتَظِمِ




و

تحيّة إكبارٍ و توقير لشيخنا الجليل امحمد شعبان



.
__________________
أستغفِرُ الله العظيم وهو التوّاب الرحيم
رد مع اقتباس