بغداديـــــات
الســـبيل خانــة
السبيل هو الطريق وخانه كلمةاعجمية الاصل معناها محل واصطلح بها على محل توفير الماء لعابري السبيل وهناك من يسميها بسقاخانه وكلا المعنيين يشير الى محل خاص يقيمه اهل الخير لتوفير الماء لعابري السبيل تقربا الى الله العلي القدير , لان ارواء الظاميء انسانا كان ام حيوانا عمل جدير بالتنويه.
ولقد اعتاد كثير من الميسورين اقامة مثل تلك الاماكن احياء لذكرى عزيز راحل.
وفي بغداد سبيل خانات كثيرة منها سبيل خانة النقيب في محلة السنك وسبيل خانة المنطكه بين الكاظمية وسوق الجديد في الكرخ والسبيل خانة التي بناها والدي جاسم الحاج محمد الحجيه على حافة البقجه المحاددة لبستان الربع التي ورثها عن والده الحاج محمد الحجيه متعهد ارزاق الجيش العثماني في بغداد ايام حكم الوالي مدحت باشا سنة 1869 م.
وموقع تلك السبيل خانه يقابل اليوم جامع عادلة خاتون وان جدارها لازال قائما على الرغم من مرور سنين طويلة
وقد بناها جاسم الحجيه في ذلك المحل يوم كان الوصول الى الاعظمية والكاظمية يرهق الناس فقد كان المسافر يمتطي دابة (حمارا او بغلا او حصانا ) وربما سافر جماعة يجمعهم كروان (قافلة).
وكان معظم الميسورين من البغداديين يعتنون بتربية الخيول لركوبها في تنقلاتهم ومنهم من يركب الحمير البيضاء(الحساوية) نسبة لمدينة الحسا التي يقترن اسمها بالقطيف (وهما من الامارات الخليج العربي الواقعة بين الكويت والبحرين).
وشيدت تلك السبيل خانة سنة 1318 هجرية --1904ميلادية على ارض مساحتها 156 مترا مربعا وكان بابها وشباك شرب الماء موازيين لشارع الامام الاعظم اليوم .
وكان حوض ماء الشرب يلي الشباك مباشرة كما انه مرتبط بمجرى الى حوض مقير من داخله بطبقة سميكة من القير وهذا الحوض متصل بساقية ماء يصلها الماء من الجرد الذي يسقى بستان الربع وفي هذا الحوض يترسب الماء وهناك عامل خاص للسبيل خانه يقوم بملء الحوض بالماء من الحوض الكبير وتنظيفه وادارة شؤون السبيل خانه مقابل اجور شهرية كان يدفعها جاسم الحجيه.
وكان في الجهة المقابلة للمدخل مصلى واسع وفي الجهة اليمنى منه حفر بئر لاستعماله عند انقطاع ماء الساقية .
وكان المارة وعابرو الطريق يستريحون هناك ويتوضأون ويؤدون الصلاة ان كان وقت وصولهم اليها وفي اوقاتها.
وقرر جاسم الحجيه حينذاك نقل رفاة والده المرحوم الحاج محمد خلف الحجيه الى السبيل خانه الا ان جماعة من اقاربه لم يوافقوا على ذلك وظل قبره قائما حتى اليوم في محله بمقبرة الشيخ عمر السهروردي وقد أرخ--المرحوم العلامة عبد الوهاب النائب المتوفي ظهيرة يوم الخميس 27 ذي الحجة سنة 1345 هجرية والمدفون في الروضة المقابلة لروضة الامام محمد الفضل في جامع الفضل تاريخ بناء تلك السبيل خانه بثلاثة ابيات احفظ منها الاول فقط وهو
جاسم قد بنى واحسن صنعا******لابيه محمد خير منهل
وبعد ان انتفت الحاجة اليها بوصول العمران بين الاعظمية وبغداد واستعمال وسائط النقل الالية .....هدمها جاسم الحجيه سوى جدار واحد كان يحتوي على المدخل ومحل شرب الماء وفوقه المرمرة التي حفرت عليها ابيات العلامة عبد الوهاب النائب وظلت حتى سنة 1959 حيث باع الورثة بقايا ملك الحاج محمد خلف الحجيه وبضمنها البيتان اللذان انشئا على انقاض السبيل خانه فهدم من اشتراهما محل المشرب وادخله في بيته وهدم بذلك المرمرة الاثرية بدون علم احد من اولاد جاسم الحجيه وعند مراجعتي من اشترى الدار علني اجد من كتب الابيات على الاقل لم افلح وحمدت الله على انني لازلت احفظ البيت الاول والذي سجلته في اول الحديث تخليدا لذكرى جدي باش قصاب بغداد ومتعهد ارزاق الجيش العتماني المرحوم الحاج محمد خلف الحجيه.
__________________
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ