عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 16/11/2009, 16h01
الصورة الرمزية reza_neikrav
reza_neikrav reza_neikrav غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:59077
 
تاريخ التسجيل: août 2007
الجنسية: ايرانية
الإقامة: ايران
العمر: 44
المشاركات: 80
افتراضي رد: احتفاليه ذكرى وفاه الموسيقار فريد الاطرش رقم 35

فريد الاطرش .. بقلم : د. عدنان الظاهر

مقدمة
ما هو الشيء المشترك بين فريد الأطرش والشاعر الأسباني فيديريكو غارسيا لوركا الذي اغتاله الحرس الأسود ابان الحرب الأهلية الأسبانية 1936 - 1939 ؟؟
خلال متابعتي لأحد برامج الفضائية المصرية المسمى ( حكايات فنية ) من إعداد وتقديم الصحافي الأستاذ محمود معروف , وفي الحلقة المكرّسة للفنان المطرب والملحن والممثل المرحوم فريد الأطرش ..., وجدت ما يكفي من حوافز لإعادة قراءة كتاب ساهم في كتابته عدد من أصدقاء الفنان الراحل من فنانين ورجال ثقافة وصحافة مرموقين (1) كمحمد عبد الوهاب ومحمد الموجي ومحمود الشريف وبليغ حمدي وسواهم.



كفاءة الأستاذ محمود معروف في اعداد وتقديم هذا البرنامج تستحق الثناء نظرا لغزارة ما يقدم من معلومات ولأسلوبه المتميز في عرض تفاصيل هذه المعلومات . انه صحافي ومحقق ناجح فضلا عن كونه ممثلا بارعا .
بتأريخ الأربعاء الموافق 20.2.2002 قدم الأستاذ محمود معروف الحلقة الأولى الخاصة بحياة فريد الأطرش على أن تليها بعد أسبوع الحلقة الثانية والأخيرة . لقد وقع مقدم البرنامج في خطأ غير متوقع منه . أقصد معلوماته عن أغاني الفيلم الأول لفريد الأطرش وشقيقته أسمهان : فيلم انتصار الشباب . قال الأستاذ محمود أن الموسيقار محمد عبد الوهاب قد لحن بعض الأغاني التي غنتها في هذا الفيلم المرحومة أسمهان. ولحد علمي أن فريد الأطرش والموسيقار مدحت عاصم هما الوحيدان اللذان قاما بتلحين أغاني هذا الفيلم . بلى , غنت أسمهان فيما بعد أغنية ( محلاها عيشة الفلاح ) من ألحان عبد الوهاب ثم غنت معه ومن ألحانه أوبريت ( مجنون ليلى ) من شعر أحمد شوقي.
الأمر الذي يثير دهشتي بل واستغرابي هو أن الكثير من نقاد أو مؤرخي فريد الأطرش مجمعون على اعتبار أغنية ( الربيع ) و ( أول همسة ) هما رأس روائع فريد الغنائية. لا اعتراض على ذلك ولكن ما رأي هذه النخبة الممتازة من الفنانين , مغنين أو ملحنين , في أغاني أخرى أضعها دون تردد على صعيد واحد مع قمة روائعه ان لم تتفوق عليها في بعض الأمور. أخص بالذكر الأغاني التالية :

1- بتسأليني عن حالي وأنت السبب في اللي جرا لي.
2- وحياة عينيك
3- بحب من غير أمل
4- بقى عايز تنساني ( ثم غنتها فأجادت المطربة سعاد محمد )
5- ختم الصبر بعدنا بالتلاقي
6- بتبكي يا عين على الغايبين ودمعك عالخدود سطرين
7- يا قلبي يا مجروح
8- يا حبايبي يا غايبين
9- كلمة عتاب ( غنتها وردة الجزائرية فتفوقت في أدائها على فريد نفسه )

لم يتميز فريد بأغنيتي الربيع وأول همسة فحسب, فقائمة روائع الرجل طويلة . أما الفاشل من أغانيه فأقل من القليل بالمقارنة مع سواه من مشاهير الملحنين والمطربين الذين عاصروه ونافسوه على الشهرة والمكانة الأولى في عالم الطرب والتأليف الموسيقي.


فريد وعبد الوهاب

لا أستطيع المقارنة بين موهبتي الرجلين الفنية في عالم التلحين , لذا سأضع المقاييس التالية للمقارنة كيما أستطيع أن أستنتج من من هذين الرجلين كان الأفضل .

1- صورة الوجه ( كما نراها في الأفلام السينمائية ) : يتقبل الرائي صورة وجه فريد بيسر وأعجاب , فهي أفضل من صورة محمد عبد الوهاب .
2- الصوت : صوت فريد أجمل وأكثر سعة وأعمق مقاما من صوت عبد الوهاب.
3- التمثيل السينمائي : فريد ممثلا أفضل بلا ريب من عبد الوهاب. عبد الوهاب لا يحسن التمثيل أصلا , وبرودته خلال التمثيل لا تطاق . لذا قد انسحب مبكرا من عالم التمثيل .
4- اذا رأى عبد الوهاب عيبا في طريقة نطق فريد لبعض حروف ( 2 ) الهجاء فانه هو نفسه (عبد الوهاب ) يلفظ حرف الثاء سينا فيقول ( بعست ) بدل ( بعثت ) . كما أنه يكرر في معظم اغانيه ( أم ... أم ... أم ) ليعيد ضبط وتنظيم أوتار حنجرته . الأمر الذي يشوه اللحن ويسيء الى أذن السامع.
فاذا ما أعترف الجميع على روعة وتميز أغنيتي الربيع وأول همسة لفريد الأطرش فان منافسه الأكبر محمد عبد الوهاب نفسه لم يستطع أن يقدم ما هو أفضل من هاتين الأغنيتين أبدا. قد نتذكر أغانيه الطويلة التي راجت في حينها رواجا كبيرا مثل ( الجندول ) و ( الكرنك ) و ( مضناك جفاه مرقده ) فاني لأعزو سبب نجاح هذه الأغاني لا لما فيها من ابداع في التلحين والأداء , بل لقوة شعر هذه القصائد وجماله . فالغناء قبل كل شيء طرب , وحين أستمع الى هذه الأغاني ومثيلاتها لا أشعر بالطرب. لذلك يسمى المغني مطربا . لكن لا يستطيع أحد أن ينكر فضل عبد الوهاب في ذيوع وأنتشار شعر هذه القصائد في طول العالم العربي وعرضه محمولة على مقامات الحانه. وفي المقارنة بين فن الرجلين يجب أن نأخذ بعين الأعتبار البون الشاسع في نشأة كل منهما بيئة واعدادا وثقافة فضلا عن الفروق الفردية الطبيعية التي تميز عادة ما بين البشر.
لو كان فريد مصريا مولودا في مصر لربما اعتبره المصريون أنفسهم وقبل غيرهم أفضل من عبد الوهاب. وقد درج البعض على أن يلمز الرجل بعض المواقف بأنه (( شامي )) تارة وبأنه (( درزي )) تارة أخرى. بل وأفرطت دوائر أخرى في اللمز والنميمة فأفترت بالأدعاء أن الدروز غير مسلمين أو أنهم في أحسن احوالهم فرقة منحرفة عن الأسلام.


فريد والحب والمرأة :

كثر الكلام حول موقف فريد من المرأة . كما كثرت التساؤلات والتكهنات حول أسباب عزوف فريد عن الزواج . لقد أدعى هو نفسه مرة أن سبب عزوفه عن الزواج هو فاجعة مقتل شقيقته أسمهان. غير أن ما تسرب من معلومات أو شائعات ابان علاقته مع الراقصة سامية جمال التي دامت زهاء أربعة أعوام ما كانا فيها يفترقان ... ما تسرب من هذه الشائعات مؤداه أن فريدا كان فاقدا لقدرة الرجال الجنسية. وقد هجرته سامية جمال حين اكتشفت ذلك لتتزوج من الممثل ( البلاي بوي ) رشدي أباظة.
لقد لخص فريد موقفه من المرأة في بعض أغانيه حيث كان يردد جملا من مثل ( بأحب من غير أمل , وهو مطلع احدى أغانيه المعروفة ) أو ( والحب من غير أمل أسمى معاني الغرام , من أغنيته الرائعة بنادي عليك , فيلم لحن الخلود ) أو ( قدام عينيه وبعيد عليه , مقسوم لغيري وهو ليه ) . كان اذن بطبعه البشري يتوق للأنثى , لكنه لا يستطيع الأتحاد جسديا معها كي يواصل ارادة ورسالة ودورة الحياة بأنجاب الأطفال, حاملي ومجددي دورة الحياة. هذا هو سبب حزنه المزمن وخوفه من الوحدة وجزعه من الأنفراد بنفسه بعد أن خانها الجسد ومضخة دماء الحياة فيه : القلب. ما كان فريد يطيق الوحدة أبدا . كان يغرق نفسه في جو من الأصدقاء لهوا ومرحا ورقصا وغناء وطعاما وشرابا ثم المقامرة والخيول . كان يخشى من مواجهة نفسه ومن مواجهة جسده الذي خانه والذي لا يستطيع أن ينقل فريدا روحا وارثا وفنا الى أجيال أخرى . فلمن ولماذا يواصل الحياة اذن بعد أن خانته الطبيعة وخذله الجسد؟ كان مثل البطل الملحمي السومري ( جلجامش ) يبحث عن عشبة الخلود , وعشبة الخلود هذه للأسف لا مكان لها في جسده .

ولقد صدق المرحوم محمد عبد الوهاب (3) حين قال عن فريد وبالحرف الواحد :

(( وفي كل هذه المجالس هناك الضحك والنكتة والسخرية والبهجة والسرور, ومع ذلك كنا نراه في أغانيه خصوصا الطويلة منها تغلب عليها سمة الحزن... خصوصا في طريقة اخراج صوته أو حتى في الجملة اللحنية . ولعل السبب في ذلك أنه كان يحتاج الى الأسرة التي ينعم بها , والى الحيوية التي تنكرت له !! )) . أعيد : والى الحيوية التي تنكرت له !! هذا ما قاله عن فريد صديقه الموسيقار عبد الوهاب . وللحق , كان الرجل على قدر كبير من الحياء والوفاء في التحفظ على أسرار فريد وبعض أخص أموره الشخصية.


فريد وشعراء بلاد الشام :

كان لفريد ميل طبيعي وهوى خاص لكل ما يمت لبلاد الشام بصلة . وبلاد الشام تعني سوريا ولبنان . ولا أرى عجبا أو غرابة في ذلك , فالرجل شامي الأصل والمولد. ثم أن جبل لبنان أو جبل العرب هما مناطق نفوذ الدروز على مر العصور. وبعد الحرب العالمية الأولى ومعاهدة (سايكس - بيكو ) سيئة الصيت التي مزقت العرب , تمزق الدروز جغرافيا ليجدوا أنفسهم مشتتين بين ثلاثة بلدان هي سوريا ولبنان ثم اسرائيل بعد احتلالها هضية الجولان السورية , وكان فيها أصلا أقلية درزية منذ قيامها عام 1948 حسب قرار التقسيم المشؤوم .
فلا عجب والحالة هذه أن نرى المرحوم فريد الأطرش يختار لشقيقته المرحومة أسمهان شعرا للشاعر اللبناني المعروف بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) كيما تغنيه . وبالفعل غنت أسمهان واحدة من أنجح أغانيها وهي أغنية (( أسقنيها بأبي أنت وأمي . لا لتجلو الهم عني أنت همي )).
ثم كرت الأيام والسنين فنسمع فريدا نفسه يصدح ببعض شعر الأخطل الصغير في أغنية ((أضنيتني بالهجر )). من الجدير بالذكر أن الموسيقار محمد عبد الوهاب كان قد سبق فريدا حين لحن وغنى بصوته من شعر الأخطل أغنية( الصبا والجمال ملك يديك, أي تاج أعز من تاجيك).
معلوم أن المطرب والملحن الفنان فريد الأطرش كان قد غنى الغالبية العظمى من أغانيه لشعراء وزجالين من مصر, وكان شديد الأنسجام مع شعر الشاعرالمصري كامل الشناوي الذي كانت تربطه به صداقة والفة عميقتان على ما يبدو. وكانت أشد أغانيه حزنا وجزعا وسوداوية من تأليف كامل الشناوي, أعني أغنية (( يا يوم مولدي )) التي بكى فريد خلالها وهو يؤديها . ثم أغنية أخرى غناها قبل ذلك من كلمات الشناوى أيضا في فيلم مع هند رستم على ما أحسب. يقول الشناوي في بعض أبيات هذه القصيدة - الأغنية (( لو مر سيف لم أكن أعرف هل أجرى دمي أم دمك )) وفي بيت آخر يقول (( تمر بي حتى كأني لم أكن صدرك أو صدغك أو معصمك )) . أغنية جميلة حقا وكان فريد وهو يؤديها غناء في أعمق حالات الأنفعال والأنسجام سواء مع اللحن أو مع كلمات الأغنية .
في معرض الحديث عن الشام وشعراء بلاد الشام يحضرني أمر آخر لا شك طريف سأضعه بشكل سؤال :
ترى هل حاول فريد أن يغني شيئا من شعر الشاعر السوري نزار قباني ؟ هل خطرت الفكرة على باله ؟ هل فاتح نزارا بهذا الموضوع ؟ هل فتح نزار هذا الموضوع مع فريد ونزار كما نعلم يهوى الشهرة ويمجد النقود ؟ هل كانت تربط الرجلين علاقة صداقة حميمة ؟ لا أجوبة للأسف على مثل هذه الأسئلة لأن يد المنون قد اختطفت كلا الرجلين . لو تم ذلك افتراضا فأية قصيدة من قصائد نزار ترى كان فريد سيغنيها ؟ لقد سبقت المطربة نجاة الصغيرة الجميع فغنت من شعر نزار أغنية ( أيظن اني لعبة بيديه ) ثم تبعتها فائزة أحمد فغنت ( رسالة من أمرأة حاقدة ) وغنى له عبد الحليم حافظ ( رسالة من تحت الماء ) و ( قارئة الفنجان ) . كما غنت لنزار ماجدة الرومي . أخيرا غنى المطرب العراقي كاظم الساهر ( صاحب أغنية عبرت الشط على مودك ) الكثير من قصائد نزار قباني . فمن سيغني لاحقا لنزار ؟؟ من غرائب الأمور أن يكون الشاعر اللبناني الأخطل الصغيرهو سبب الخلاف الشهير الذي عرقل تعاون أم كلثوم فنيا مع فريد الأطرش. فلقد أصر فريد أن يلحن لها قصيدة ( وردة من دمنا ) للأخطل الصغير وأصرت هي على رفضها لكلام هذه القصيدة ولم تغن له أبدا في حين غنت لعبد الوهاب بضعة أغان معروفة وناجحة .


فريد والخطيبة شاع قبيل وفاة المرحوم فريد الأطرش أن كانت له خطيبة هي السيدة سلوى القدسي . كانت زوجة لرجل لبناني هو الدكتور نور الدين القدسي وأصبحت خطيبة لفريد بعد وفاة زوجها القدسي . طوال عمره رفض فريد مجرد فكرة الزواج , فلماذا يقدم عليه وهو في أيامه الأخيرة وفي أشد حالات مرضه ؟؟ . تحضرني هنا مقارنة تأريخية طريفة . فلقد ( تزوج ) أدولف هتلر من صديقته الشهيرة ايفا براون في ساعاته الأخيرة يوم كانت مدفعية وطائرات الجيش الأحمر تدك برلين دكا . وكان هتلر ( عنينا ) كما تشيع عنه بعض الدوائر الروسية !!

أعود الى سؤالي الأول حول الشيء المشترك ما بين فريد الموسيقار الدرزي والشامي والعربي الأصيل سليل مناذرة نجد من جهة الأم وملوك حمير وتبابعة اليمن من جهة الأب , والشاعر الأسباني الأندلسي المعروف لوركا ؟؟ الجواب جد بسيط . فمن يرى فريدا في صوره وفي أفلام مطلع شبابه لا يجد فرقا بينه وبين صورة وجه الشاعر الأسباني لوركا . فهل كان في لوركا شيئ من دماء نجد واليمن ؟؟؟ لا أستبعد ذلك . لقد بقينا في الأندلس ثمانية قرون !!!