الموضوع: الرحيل
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07/11/2009, 11h36
الصورة الرمزية اسماعيل غزراف
اسماعيل غزراف اسماعيل غزراف غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:406610
 
تاريخ التسجيل: April 2009
الجنسية: مغربية
الإقامة: المغرب
العمر: 31
المشاركات: 95
افتراضي الرحيل

الرحيل...



تسكع حسين في شوارع طنجة الليل من أوله إلى آخره و جزءا من الصباح و هو في حيرة و تعب نفسي لا يوصف˛حيرة ترك الأهل و تعب المستقبل الضائع و ضيق الحال ثم حدق النظر في أزقة المدينة التي كانت تلك آخر مرة تقع فيها تحت ناظريه˛ تأمل مدينة كبرت مع ازدياد سنه˛ وتطورت في آفاقها آماله الضائعة. حدق النظر في وجوه ألف نظرتها الصباح و المساء˛ و لبث حتى الساعة العاشرة صباحا فا̃ثر العودة إلى أمه العزيزة التي سيفارق مرا̃ها و ربما للأبد˛هرولت المسكينة مسرعة حين إبصاره آخذة إياه في حضنها متمتمة : "لن تتركني يا بني لن تذهب إلى حيث تلتهمك الاسماك" لم يثر اهتماما لكلامها و توجه إلى غرفته حيث كانت بانتظاره حقيبة حملها على كتفيه و معطف ولد عليه الدهر و هرم ˛تجاوز باب الدار متجها نحو شط البحر حيث قارب الموت الرهيب ينتظره˛أسرعت الأم للحاق به و كبح جماحه لكن دون جدوى .

ارتدت جلبابها˛ و لحقته إلى المرسى حيث بقيت ساعات و هي تبحث عنه حتى حدود الخامسة مساء˛حينها أبصرت قاربا يجري نحوه زُهاءَ العشرين شابا و استطاعت أن تميز من بين الوجوه الهلعة محيا فلذة كبدها الغالي˛نادته˛ لم يسمع˛أذرفت دموعا و صاحت فما من مجيب˛ فأسلمت لقدرها المحتوم و هي تراه يبتعد و يبتعد إلى أن يختفي في عباب موج الابيض المتوسط˛ أسدل الظلام أستاره على عروس البوغاز و الام تشيع شابا حملته تسعا و قاست في سبيله عشرين حولا أمر العيش˛و عيناها محمرتان من الدمع ˛ تحملقان في اليم الذي التهم صغيرها المذلل.

عادت إلى البيت عشية اليوم˛ أمضت بضعة أيام بعد ذلك تقاسي لوعة الفراق لتصدم و هي تشاهد النشرة الاخبارية برفات ابنها العزيز بين عشرات الاخرين˛ بڪت و انتحبت لدرجة لا تقاوم و هتفت باسم ابنها الغالي مرات و مرات و هي تشهد أملها في الحياة قد تبدد إلى الابد.


اسماعيل غزراف
__________________
جَلَّ الَّذِي أطْلَعَ شَمْسَ الضُّحَى**مُشْرِقَةً فِي جَنْحِ اللَّيْلِ البَهِيمْ

وَقَدَّرَ الخَالَ عَلَى خَدِّهِ ** ذَلِكَ تقديرُ العَزِيز العَلِيمْ

رد مع اقتباس