الاخوة الاعزاء
السلام عليكم
أسعد عبد الرزاق ...عراب المسرح العراقي
من الدبخانه .. الى عمادة أكاديمية الفنون الجميلة
انه رائد من رواد المسرح العراقي ، ودعامة من دعائمه و مرتكزا من مرتكزاته الفاعلة الحية ، والذي أطلق عليه الفنان المخرج المبـدع ( صلاح القصب ) لقب .....
( شيخ الفنانين العراقيين )
بدأت علاقة الفنان الكبير ( اسعد عبد الرزاق ) بخشبة المسرح بداية مبكر ابتدأت ومضاتها المتقدة الأولى منذ مراحل الطفولة وتحديدا أثناء دراسته الابتدائية ، وهو في الثامنة من عمره المديد ، حيث كان يلقي الأناشيد في باحة المدرسة باسترخاء ممثل مقتدر متمكنا من أدواته الفنية ، وبإلقاء مسرحي مثيرا للإعجاب ، ربما لم يدرك او يكتشف هو ذاته تلك الملكة الفنية الراقية وقتذاك ، بعدها راح يغازل مناخه الأخاذ الفاتن ( خشبة المسرح ) ليسهم في تدوين سجل تاريخه المسرحي المجيد ، ففي تلك الفترة ، جسد دور ( الطفل ) في مسرحيـة ( الأقدار ) ومن محاسن الصدف التي سجلها له التاريخ ، هو اختياره من قبل الفنان الراحل الكبير( حقي الشبلي ) في دور( عماد ) في مسرحية ( الصحراء ) للفنان الراحل الكبير ( يوسف وهبي) .
ولد ( اسعد عبد الرزاق ) في بغداد عام 1923 ، تخرج من كلية الحقوق / جامعة بغداد بعدها حصل على الدبلوم من معهد الفنون الجميلة / بغداد عام 1957 ، تخرج من معهد ( شاتروف ) للتمثيل في ايطاليا ، ساهم في ترسيخ دعائم الفن المسرحي العراقي ، بكل جوانبه الإبداعية .
ومن اجل الوقوف على دكة المحطات الفنية المبدعة لـ( اسعد عبد الرزاق ) فقبل عام 1955 عين مدرسا للتمثيل في معهد الفنون الجميلة ، ومدربا ومشرفا على المدارس الإعدادية في بغداد ، بعدها سافر الى روما وتحديدا عام 1955 ، وبقيّ هناك لمدة أربع سنوات ، لدراسة فن المسرح ، وعاد في عام ، 1959 ، ويبدو أن من المحطات الرئيسية في حياة وتاريخ الفنان ( اسعد عبد الرزاق ) هي تلك التي أصبح فيها رئيسا لفرع التمثيل في معهد الفنون الجملية .
من الشخصيات الفنية التي ادت الشخصية البغدادية الاصيلة الفنان القدير ( أسعد عبد الرزاق السعيدي ) والسبب باعتقادي انه بغدادي ومن محلة بغدادية اصيلة وعريقة هي محلة باب السيف وبالضبط في المنطقة التي تقع فيها اليوم مديرية التقاعد العامة قرب جسر الشهداء..اسعد عبد الرزاق جسد الشخصية البغدادية في العديد من الافلام العراقية والاعمال التلفزيونية والمسرحية.. لاسيما في مسرحيات (فرقة 14 تموز) التي اسسها مع مجموعة من رواد الفن العراقي مثل وجيه عبد الغني و د.عزيز شلال وحسام الجلبي وكان ذلك في عام 1959 بعد عودة اسعد من روما بسبب دراسته للفن..ومن ابرز الشخصيات التي اداها البايسكلچي والبلام وتاجر السمك وصاحب الخان والرجل الطيب في الحارة البغدادية..لقد تعلم اسعد من بغداد اشياء كثيرة كما علّمته هي اشياء كثيرة حتى صارا بوتقة واحدة..احدهما يكمل الاخر وهو يفخر بذلك الى حدود بعيدة .
من محلة (باب السيف) كانت البداية..
اسعد من مواليد محلة باب السيف عام 1923 من اب علوچي فاكهة وخضر اي ان عمره(اطاله الله) حالياً 86 عاما.. ومع ذلك تجده حيوياً وذاكرته (ما شاء الله) تعينه على تذكر اشياء كثيرة بعيدة او قريبة..اما اذا كان الحديث معه عن بغداد فذاكرته تكون متقدة لانه يحب بغداد حباً لاينافسه اي حب اخر.من طلبة مدرسته الابتدائية اي من زملائه كان هناك الفنان الراحل خليل الرفاعي والفنان الراحل ابراهيم الهنداوي ود.منذر الشاوي وزير العدل الاسبق وتوفيق السويدي رئيس الوزراء الاسبق.اما في المتوسطة حيث درس في ثانوية الكرخ عام 1937 وكان موقعها على شاطئ دجلة مقابل محطة الكاريات بين بغداد والكاظم وكان من زملائه فيها الفنان القدير يوسف العاني واسماعيل حمودي الشخصية الرياضية والرئيس الاسبق عبد السلام عارف وابراهيم جاسم امر الانضباط العسكري وشقيقه اسماعيل رزوقي وكيل وزارة الشباب في السبعينيات.
اسعد عبد الرزاق و د.مصطفى جواد والفنان نوري الراري عام 1965
في عام 1938 البداية الفنية .
في عام 1938 بعد ان عاد الفنان حقي الشبلي من باريس كان يبحث عن وجوه فنية في المدارس تمثل معه فأختار اسعد ليمثل معه في مسرحية (الصحراء) ومنحه دور البطولة بعد ان لمس فيه امكانية ادائية جيدة واستعدادا كبيرا للعمل الفني.. ثم استعان به الشبلي ثانية عند افتتاح مدرسة التفيض وقدموا مسرحية(مجنون ليلى) وكان معه انذاك حامد الاطرقجي وسلمان الجدة وطالب الشبلي ومن يومها اخذ الشبلي يدفع بأسعد نحو معهد الفنون الجميلة ليدرس الفن اكاديمياً ويصقل موهبته ويؤطره بالاتجاه العملي..لكن اسعد يرفض محاولات الاغراء من الشبلي ويذهب ليكمل الاعدادية ثم يدخل الحقوق ليدرس المحاماة ويتخرج محامياً ويزاول مهنة المحاماة لعدة سنوات لكن في ذات الوقت قدم للدراسة المسائية في معهد الفنون الجميلة فتخرج من المعهد والكلية في ذات الوقت فصار المحامي الفنان او الفنان المحامي! وكان من زملائه في المعهد عبد الرحمن فوزي مدير التلفزيون وناجي الشكري وعبد الرزاق شهاب وغيرهم وقد سبقه بالدراسة كل من جعفر السعدي وابراهيم جلال وجاسم العبودي.بعد المحاماة لسنتين عين مدرساً في معهد الفنون الجميلة عام 1952 في قسم المسرح.
درس المسرح في ايطاليا..
كما درس المسرح في ايطاليا ومثل هناك في عدة اعمال مسرحية منها مسرحية الاعماق السفلى اخراج بيتر وشاروف احد تلامذته منظر المسرح الروسي ستا نسلافسكي.اما في المسرح بالعراق فقد قدم اسعد عبد الرزاق عشرات الاعمال ما بين التمثيل والاخراج منها اخراجه لمسرحية(الدبخانة) عام 1964 التي تعد الاهم من بين اعماله وهي العالقة في ذاكرة الناس حيث يتذكرونها جيداً..فكان بطلها قاسم الملاك الشاب المدلل والجشع الذي يريد الصعود على اكتاف الاخرين فيحاول ايقاع ابنة صاحب الدبخانة من اجل الفوز بالمال والمدبغة وهو الذي لا يملك شيئاً وانما يدعي الثراء! وكذلك الفنان الراحل وجيه عبد الغني ابن عم الفتاة التي تقع في فخ الملاك وهو الرجل الطيب والاصيل والمدافع عن حق عمه وابنته والمدبغة.. كذلك شارك في (حب في الدبخانة) و(جفجير البلد) و(عرس واوية) و(من حياة العظماء) و (مثل وحكاية )في التلفزيون.
عميد مزمن لاكاديمية الفنون
ويعتبر الفنان اسعد عبد الرزاق اطول مدير او عميد لكلية الفنون الجميلة حيث امضى فيها 17 عاماً قدم فيها العديد من الانجازات فبعد ان كان عدد الطلبة لا يتجاوز المئات صاروا في عهده بالالاف...كما استطاع ان يستملك بعض الدور الملاصقة لكليته من جهة الخلف (ما بين الكلية والسفارة التركية اليوم) وتمكن من اقناع الرئاسة بشراء الدور المحاذية للكلية لكي تتوسع فيها الاقسام الفنية وازداد قبول الطلبة فيها.
ويذكر احد طلابه بانه قدم الى كلية الفنون الجميلة عام 1970 بعد تخرجه من الاعدادية وكان الفنان اسعد احد اعضاء لجنة القبول وطلبوا منه تمثيل دور امامهم وفعل ذلك ونجح لكن احد الاساتذة قال له بعد ان سألته عن مستقبل طالب الفنون بعد تخرجه فاجاب(ماكو الا يفتح مسرحاً على حسابه الخاص) وكانت التعيينات في حينها متوقفة ويزداد عدد المتخرجين بلا وظائف فقررت سحب اوراقي من الكلية وذهبت الى الخدمة العسكرية في موقف ربما لا يحصل مع طالب أخر!!.
وقد كانت فترة وجود الاستاذ اسعد في الكلية من اهم فترات حياته واصبح استاذاً متمرساً وتخرج على يديه مئات الطلبة الذين صاروا نجوماً للفن العراقي..كما استطاع ان ينجز تأليف العديد من الكتب المسرحية منها(دروس في اصول التمثيل) عام 1986 و(فن التمثيل) عام 1980 و (مشاكل العمل المسرحي) 1984 و(طرائق تدريس التمثيل) في عام1980..كما انجز بحوثاً عدة منها(تاريخ الحركة التمثيلية) عام 1961 و(المسرح والتربية)1994 و(الفن العراقي شجرة وارفة) في عام 1996 و(مسودة كتاب المسرح العربي) في عام 1992 كذلك قام بالتعاقد مع مدرسين من مصر لترصيف الجانب العلمي في الكلية وزيادة المعارف للطلبة .
أول اجر تقاضاه دينارين....!
في التلفزيون تقاضى أسعد أول أجر عن برنامجه (عيادة الطبيب) دينارين فقط في حين كان أعلى اجر تقاضاه (1600) دينار من دوره في مسلسل حرب البسوس.. وفي فيلم(الجابي) الذي مثل بطولته كان يفترض ان يستلم اعلى اجر بين العاملين لكن واقع الحال كان استلامه لسبعين ديناراً فقط علماً انه امضى سنتين يعمل في الفيلم مع المخرج المبدع جعفر علي.وبالرغم من إبتعاد العديد من الفنانين في الفرقة ولجوئهم الى فرق اخرى فأن هناك من ظل وفياً لفرقة 14 تموز وعلى رأسهم الفنان اسعد عبد الرزاق والفنان وجيه عبد الغني والفنان طارق الحمداني والفنان فوزي مهدي والفنان قاسم صبحي والفنان قائد النعماني.ومن اللحظات السعيدة في حياة هذا الفنان الرائد هو تكريمه من قبل وزارة الثقافة في عام 2005 لمناسبة يوم المسرح العالمي الذي يصادف في 3/27 من كل عام..وكذلك قبلها جائزة حقي الشبلي موسم 1978-1979.
من اليمين المرحوم د.طارق مظلوم , اسعد عبد الرزاق , الفنان مخلد المختار . الفنان اسماعيل الشيخلي , الفنانة د.وسماء الاغا والفنان فائق حسن عام 1987
في السينما مثل ثلاثة افلام في الجابي والنهر مع المخرج فيصل الياسري والفارس والجبل مع المخرج محمد شكري جميل... كما عمل اميناً لصندوق اتحاد المسرحيين العرب. وتأثيراته جاءت على ابنائه كلهم بأتجاته الفن فبناته لبنى ومي ومنى كلهن من اصحاب الشهادات العليا في التصميم الطباعي ويدرسن في الكلية وكذلك حيدر وحارث يعملان في الهندسة المعمارية (تصميم داخلي).من ابرز هواياته غير الفن السباحة بحكم ان بيت اهله كان مقابل نهر دجلة وكذلك لعبة التنس والقراءة التي لا يفارقها ابداً..
تحية لفناننا البغدادي الاصيل وتمنياتنا له بالصحة والعافية والعمر المديد .
تحياتي ......
قصي الفرضي / العراق بغداد