
25/10/2009, 19h58
|
|
|
|
|
٢٢ اكتوبر ١٩٥٤ * فندق كابيتول بيروت لبنان
الله الله الله الله يا أستاذ ahmedk
يبدو لي بأنك أحضرت كنزاً نفيساً من نوادر أم كلثوم في غناء أغنية يا ظالمني
عندي كتاب لرئيس تحرير مجلة الشبكة اللبنانية .. جورج إبراهيم الخوري
عنوان الكتاب - حكايتي مع أم كلثوم
شرح فيه تفاصيل إلغاء حفلة زفاف الأمير طلال
ثم يقول في صفحة 18 من الكتاب .. السطر الحادي عشر :
ولكن ، هل يعقل أن تأتي أم كلثوم إلى لبنان لتغني ولا تغني ؟
باطل ...
إنها هي نفسها لا ترضى .. وإذا رضيت فإن الشعب اللبناني لا يرضى .. وإذا رضى الشعب اللبناني فإن نقابة الموسيقيين التي أقامت حفل تكريم على شرف الضيفة الكبيرة في فندق الكابيتول لا ترضى ..
وكان موعد الحفلة مساء يوم الجمعة في 29 تشرين الأول 1954
وكان مدعواً إليها عدد كبير من الشخصيات السياسية والإجتماعية والفنية وفي مقدمتهم رئيس الوزراء سامي الصلح ووزير الأنباء محيي الدين النصولي ومدير الأنباء حليم أبو عز الدين ..
ووجدت أم كلثوم نفسها في جو هيهات أن تجد مثله في قاعة أو صالة أو حفلة زفاف .. إنه جو يزخر بأهل الفن وهذا هو المهم ، وبالسميعة المعتقين .. وهذا هو الأهم ، وبالشعراء والأدباء والمثقفين الذين يعتبرون أنفسهم سعداء لأنهم يعيشون في عصر أم كلثوم .
وشعرت بأن كل ما حولها يدعوها إلى الغناء ويشجعها على الطرب ويحثها على التعويض .. التعويض عن الغناء في حفلة الزفاف بالغناء في حفلة نقابة الموسيقيين !
وقلت للأستاذ سعيد فريحة وكنت إلى جانبه على طاولة واحدة :
- هل تعتقد أنها ستغني ؟
قال :
- قد تغني ولكن بشرط ..
قلت :
- ما هو ؟
قال :
- ألا تشعر بأنها دعيت إلى هنا فقط لتغني ..
قلت :
- ولكن كل ما حولها يقول لها : غني ... وأنا أعتقد أنها قد تضعف كثيراً إذا ما طلبت منها أنت بالذات أن تغني .. خصوصاً وأنك حامل لواء ( نحن الرجال أحق من النساء بغناء أم كلثوم) ..
وهنا التفت إليها الأستاذ سعيد ، وتبسم لها قائلاً :
- يا ظالمني
قالت له :
- مين اللي ظلمك ؟ ..
قال وهو يشير إليها بيديه الإثنتين :
- صاحبة العصمة
وهزت صاحبة العصمة رأسها بحركة تأملية سريعة ، ثم قالت :
- فين الفرقة الموسيقية ؟ ..
ثم قالت :
- وفين بتوع الإذاعة .. عاوزة أذيع في الهوا ..
وسرت كلماتها بسرعة فضجت القاعة بالتصفيق والهزيج والهتاف ..
وكان طلبها بإذاعة ما سوف تغني مفاجأة .. فقد كان المفهوم أن مطربتنا الكبيرة لن تذيع في الهواء إلا بشروط قاسية ، ولن تسمح بتسجيل أي شيء تذيعه إلا بشروط أشد قساوة .. ولكنها بفضل الجو الرائع الذي وجدت نفسها فيه .. تنازلت عن كل شروطها ، ووقفت تغني :
يا ظالمني .. يا هاجرني
وقلبي من رضاك محروم
تلوعني .. وتكويني
تحيرني .. وتضنيني
ولما اشكي تخاصمني
وتغضب لما أقولك يوم يا ظالمني
الله الله ... كمان يا ست كمان .. كمان والنبي كمان .. كمان يا روحي كمان
وعادت فأعادت المطلع ثلاث مرات متتالية ، ثم انتقلت تنشد :
حرام تهجرني وتتجنى
وتنسى كل اللي جرى لي
واقضي العمر أتمنى
يصادف يوم وتصفى لي
صبرت سنين على صدك
وقاسيت الضنى في بعدك
عشان تعطف عليا يوم
وتهجرني وتنساني ..
وتتركني لأشجاني
ولما اشكي تخاصمني
وتغضب لما أقولك يوم يا ظالمني
وما أن أنشدت (صبرت سنين على صدك) حتى ترنح الحاضرون كالسكارى وما كانوا كلهم بفعل الخمرة سكارى .. ترنحوا وتمايلوا وغابوا في نشوة عارمة من الإرتياح والإنشراح والطرب ..
و ... كمان يا ستي كمان .. ربنا يطول بعمرك كمان .. كمان وكمان وكمان .. عادت فأعادت الكوبليه أربع مرات :
اطاوع في هواك قلبي
وأنسى الكل عاشانك
وأدوق المر في حبي
بكأس صدك وهجرانك
ويزداد الجوى بي
يبان الدمع في عيني
ويكتر في هواك اللوم
وابات ابكي على حالي
وتفرح فيا عزالي
وبان للناس ضنى روحي
وتعذيبي وتلويعي
رحمني اللي فرح بي
وبعد اللوم رأف بي
وقلبك ما رحمني يوم
ولما أشكي تخاصمني
وتغضب لما اقولك يوم يا ظالمني
وفي هذا المقطع الهازج نسى الرجال أنفسهم وتحولوا إلى (شياطين) فأخذوا يرقصون ويتلوون ويتفننون ، مما حدا بأم كلثوم لأن تضبط لهم الرقص بتصفيق إيقاعي من يديها ، وهي تبتسم ضاحكة ، مرحة سعيدة ..
وكمان وكمان وكمان .. حتى جاوز الغناء الساعتين .
ولكن المحطة اللبنانية لم تذع ليلتها تلك الحفلة في الهواء ، بل احتفظت بها لمساء يوم الأحد بعدما مهدت لها بنشرات ونشرات .. وقد أجمع الكثيرون على أن الأغنية كانت أفضل (يا ظالمني) أنشدتها أم كلثوم في حياتها ..
________________
في الحقيقة حتى كتابة هذه السطور لم أسمع التسجيل الذي وضعته يا أخ ahmedk
وكم أتمنى أن تكون هذه هي الحفلة المقصودة ..
لأنها تطابق الحدث .. والتاريخ .. الأغنية (يا ظالمني)
حسب وصف الصحفي الراحل .. جورج إبراهيم الخوري
وشكراً لا تكفيك يا رجل على هذا العطاء السخي
|