رد: لماذا فشل مشروع تلحين فريد الأطرش للسيدة أم كلثوم ؟
تحية لجميع الإخوة المتحاورين ،
مادام الحديث جاريا عن سبب فشل مشروع التقاء العملاقين فريد الأطرش و أم كلثوم فلا بأس أن أعبر عن رأيي فأنا لا أعتقد أن الموسيقار رياض السنباطي كان وراء هذا الفشل، لكن لذي ملاحظة حول تصريحه الذي طفا مؤخرا، فهو تصريح غريب يدعو للارتياب ويبدو فيه مغرورا بنفسه لدرجة كبيرة فهو لا ينتقد فريد الأطرش فقط بل ينتقد جميع الموسيقيين بغثهم و سمينهم فتارة ينتقد الموجي وتارة ينكر على عبد الحليم صوته الجميل بل ينتقد حتى محمد عبد الوهاب حين ينكر عليه جودة أغانيه الأخيرة و يعترف له فقط بأغانيه القديمة، والظاهر أنه كان قد خرف ، هذا إذا صحت نسبة التصريح إليه و أنا أرتاب في الأمر لأن صاحب السبعة الكبار لم يشر إليه- و لو صح وجوده لأفسح له مساحة مرموقة في صفحات إنجازه- وحتى وإن كان التصريح له بالفعل فهو يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط، ولم يقل أن فريد الأطرش كان جاهلا للمقامات الشرقية العويصة أو أنه كان لا يطرق إلا المقامات السهلة كما يروج البعض بحسن نية، بل اعتبر ألحان فريد متشابهة يغلب عليها الحزن ، هذا رأيه و ليس قرآنا منزلا، وحقيقة أن هذا التصريح جاء متأخرا أي بعد وفاة فريد و سجل به نقطة ضد نفسه وليس ضد فريد، لكنه معذور فليس الناس كلهم على نفس القدر من الشجاعة و القدرة على الصراحة والمصارحة. و فريد له من المقومات ما يجعله رائدا في العزف و اللحن و الغناء بغض النظر عن هذه الآراء وهو علم من أعلام الموسيقى عظيم بالفعل و ليس بالقول وأعماله الخالدة شاهدة ، وأما من يقارن العمالقة الكبار مثل عبد الوهاب وفريد الأطرش ورياض السنباطي بملحين مثل الموجي وبليغ وغيره فسيظل يحلق خارج السرب لأن الحوار المسؤول بالمنابر المحترمة لا بد أن ينطلق من مسلماث ومن ثوابت متفق عليها و إلا فهذا هو العبث بعينه. وأما من يدعي أن ألحان فريد ليست من لون أم كلثوم ويقصد أنها لا تصلح للست فهو مخطئ في نظري لأن الواقع أثبت أن فريد الأطرش بعبقريته كان يقدم لكل صوت اللون المناسب له و الدليل هو التفوق الواضح لألحانه لهم على الألحان التي أدتها نفس الحناجر لملحنين آخرين و الأمثلة كثيرة جدا ، لا يتسع المجال لعدها ،فلماذا يفترض في السيدة أم كلثوم أن تكون خارج القاعدة؟ وأما القول أن أم كلثوم لما استمعت لبروفة قصيدة وردة من دمنا قالت له إن الأغنية جميلة بصوته لذا فليؤديها بصوته ، فهذا الكلام لا أساس له من الصحة لأنها لم تكن تستطيع مخاطبة فريد بهذه الصيغة التهكمية لأن شخصية فريد كانت هي الأقوى ، والكلام الصحيح هو الكلام المثبت الذي نأخده من أفواه الفنانين من الأحاديث الصحفية والإذاعية لكل من الفنانين فريد و أم كلثوم وليس هذا الكلام لأم كلثوم بل هو كلام مغرض قاله أحد الحاقدين ويروج له السدج إما عن حسن نية أو لغرض في النفوس ، أم كلثوم اعتذرت و لم تذكر الأسباب ، لكن المتتبعين اشتموا رائحة مؤامرة متعددة الأطراف ونحن هنا نناقش و نتحاور فنكشف بعض الخيوط ، ولكن فريد الأطرش في نهاية المطاف لم يخسر شيئا و أما أم كلثوم فلا نعلم إن كانت أحست بالندم الذي أحس به عبد الحليم و عبر عنه بعد رحيل فريد ولكن المؤكد أن الجمهور العربي هو الخاسر ، خاسر لأنه لم يتمكن من الاستمتاع بالعمل المفقود، العمل الذي لو كان قد تم لسجل بماء الذهب في صفحات تاريخ الغناء العربي. شكرا لكم.
|