عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 06/10/2009, 21h43
الصورة الرمزية جرامافون
جرامافون جرامافون غير متصل  
التوحفجي
رقم العضوية:205434
 
تاريخ التسجيل: April 2008
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 570
افتراضي رد: ما نشر في الصحف من مذكرات مجنون

مذكرات مجنون تحف ونوادر


-( من الاوبرا الملكية الي رصيف التوفيقية )-
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اللوحة النادرة التي أعجبت الملك فاروق

في 8 يونيو الماضي مرت ذكري رحيل رائد الكوميديا الانسانية الراقية الفنان
الكبير"نجيب إلياس ريحانه" الشهير بنجيب الريحاني الذي ولد في حي باب الشعرية
بالقاهرة يوم 21 يناير عام 1889 ، وقد عاش الريحاني طوال حياته وهو يحمل لقب
(افندي) في الوقت الذي انعم فيه الملك فاروق برتبة البكوية علي ثلاثة رواد كبار من
زملاءه هم يوسف وهبي، وجورج ابيض، وسليمان نجيب، وهذا الامر جعل الريحاني
يشعر بالمرارة لعدم تقدير القصر الملكي لدوره وعطائه الفني الكبير، لذلك فقد سعى
صديقه سليمان نجيب الذى كان وقتها قريباً من القصر كى يقدم الريحانى عرضا في
حضور الملك حتي يتعرف علي فنه الراقي ويمنحه البكوية .
أختار الريحانى الفصل الثانى من رواية (الدنيا على كف عفريت) والذى تعرض فيه
لتفاصيل حياة الفقراء فى الحارة المصرية .. لكن العرض لم يعجب الملك فاروق وفقد
الريحاني بذلك فرصته الاخيرة في الحصول علي البكوية ..
عندما عاتبه سليمان نجيب اجابه الريحاني قائلاً :
- يا سيدي الملك عايش فى عز القصور والفخفخة.. ما شفش الحواري
الكحيانه الى فيها شعبه المطحون .. انا قدمت الفصل ده بالعاني علشان يعرف
الحقيقة .
فسأله سليمان نجيب :
- والبكوية ؟
اجابه الريحاني :
- أنا لا تهمنى البكوية ولا زعل الملك كمان .. المهم عندى رضا الجمهور .


هذه كانت حكاية الفنان الجميل نجيب افندي مع البكوية أما حكايتي أنا مع نجيب الريحاني
وتحفه فكثيرة .. منذ سبع سنوات كنت اجلس علي رصيف احد مقاهي التحفجية في
منطقة وسط البلد وكان يجلس معي احد تجار التحف، وامتدت جلستنا حتي الثالثة
صباحا..
دق هاتف التاجر، فامسك به وأخذ يصيح فيه قائلا :
- لو مش عجباك تعالي خد فلوسك وهاتها، ورزقي علي الله .

بعد ربع ساعة تقريبا توقفت عربة امامنا وهبط منها شاب وسيم كان يحمل في يده
لوحة ثقيلة كانت ملفوفة بصفحات الجرائد، وعندما نهض التاجر ليستقبله وضع الشاب
اللوحة علي الرصيف واسندها علي قوائم المنضدة التي كنت اجلس بجوارها ثم ابتسم
وحياني قبل ان يخرج التاجر من جيبه مظروفا كان به نقودا قدمه للشاب الذي اخذه
وانصرف ..
التفت التاجر نحوي وقال وهو يشير للوحة :
- شوف كده يا استاذ دي تمشي معاك ؟
بعد ان نزعت الجرائد التي كانت تغلفها شاهدت لوحة قاتمة كانت مغطاة بطبقة سميكة
من الطلاء الاسود ورغم عدم وضوحها استطعت أن المح فيها بصعوبة نحتا بارزا كان
لوجه رجل يرتدي طربوشا وخيل الي اني اعرفه جيدا بل وشعرت لحظتها بأنني شاهدت
هذه اللوحة قبل ذلك .. لكن أين ! ليلتها لم اتذكر.
- تمشي معاك يا استاذ ؟
- بكام ؟؟
- ؟
في اليوم التالي حملت اللوحة، وذهبت بها الي احد أصدقائي الذي كان يعمل في ترميم
التحف، وبعد ساعة ونصف تقريبا نجح في كشف تفاصيلها بعد ان ازال الطبقة السوداء
التي كانت تغطي ملامحها ..


كانت اللوحة عبارة عن قاعدة من خشب الارو ثبت عليها نحتا بارزا لنجيب الريحاني
.. كان النحات بارعا في عمله فقد استطاع ان يصنع بلمساته الفنية ليس فقط ملامح
الريحاني بشكل دقيق، وانما جسد عمق شخصيته بمهارة فائقة والتي تجلت في نظرته
الانسانية العميقة التي كان يشتهر بها .


بعد يومين كنت اجلس امام تحفتي التي افسحت لها مكانا بارزا في صالة منزلي عندما
تذكرت فجأة أين رئيتها .. اسرعت الي خزانتي واخرجت منها علبة كنت احتفظ في
داخلها بمجموعة صور نادرة، واخيرا عثرت علي الصورة التي كنت ابحث عنها ..
رفعتها امام عيني وأخذت اتاملها .. كان سليمان نجيب يقف بجوار رفقي باشا وخلفهم
بعض كبار رجال الدولة ..كانوا جميعا ينظرون تجاه الملك فاروق الذي كان يقف صامتا
وهو يتأمل بنظرة أعجاب كبير نفس اللوحة التي اشتريتها من علي رصيف مقهي
التحفجية .

عرفت فيما بعد أن هذه اللوحة كانت معلقة في منزل الريحاني قبل وفاته، وبعد مرور
اربعين يوما علي وفاة الريحاني قرر مدير الاوبرا الملكية وقتها سليمان بك نجيب اقامة
احتفالا تكريما لصديقه الراحل فاحضر اللوحة الي دار الاوبرا، ودعي الملك فاروق،
وبعض الفنانين وكبار رجال الدولة، وقد التقطت الصورة المنشورة هنا والتي اشرت
اليها في هذا الاحتفال .

أما كيف خرجت هذه التحفة النادرة من مخازن الاوبرا الملكية عام 1971 ووصلت الي
رصيف مقهي التوفيقية عام 2002 فهذه قصة اخري، ولم تكن هذه اللوحة التي حصلت
عليها الوحيدة فقد تلي ذلك نوادر اخري خاصة بالريحاني سنتناولها في العدد القادم باذن
الله .

التحفجي

عمرو الخربوطلي
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg من الاوبرا الملكية.jpg‏ (155.6 كيلوبايت, المشاهدات 188)
نوع الملف: jpg فاروق معجب باللوحة.jpg‏ (28.6 كيلوبايت, المشاهدات 183)
نوع الملف: jpg اللوحة النادرة التي اعجب بها الملك فاروق.jpg‏ (29.9 كيلوبايت, المشاهدات 184)
نوع الملف: jpg نظرة الريحاني التي اشتهر بها.jpg‏ (21.8 كيلوبايت, المشاهدات 7)
نوع الملف: jpg سر اللوحة.jpg‏ (80.4 كيلوبايت, المشاهدات 182)
__________________
رد مع اقتباس