الاخوه الاعزاء
السلام عليكم
احدى رائدات الفن التشكيلي العراقي
الفنانه نزيهه سليم

ولدت نزيهه في تركيا من والدين عراقيين عام 1927. لقد كان والدها ضابطا في الجيش العثماني وينتمي الى الرسامين الاوائل، معلمها الأول.. فقد كان يدعمها ويرعاها الى جانب اشقائها سعاد وجواد ونزار، وقد شاركت، في وقت مبكر، خلال عقد الخمسينيات والستينيات، في رسم المشهد الحديث للتشكيل في العراق.. لتحافظ على أثر جواد في صياغة اهداف جماعة بغداد للفن الحديث. وجواد ذاته كان قد درّسها تاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة ببغداد. ثم اكملت دراستها للفن في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس ( 1947- 1951) حيث تخصصت في الرسم الجداري. كان باستطاعتها البقاء كمعلمة للفن في فرنسا بسبب تفوقها حيث كانت الرابعة على دفعتها في جائزة روما، لكنها اختارت ان تعود للعراق على الرغم من ان الآفاق التي فتحت لها في الخارج. وطوال نصف القرن الماضي شاركت الفنانة في نشاطات مختلفة كإسهامها في جماعة بغداد للفن الحديث.. وفي تأسيس جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، الى جانب دورها التربوي كأستاذة في معهد الفنون الجميلة حتى عام 1982.. واخلاصها لفنها جعلها تكرس حياتها لاستكمال مسيرتها الفنية، فقد عالجت قضايا المرأة، والعمل، والطفولة، بالأسلوب الذي يعبر عن مزاجها وشخصيتها.. فاسلوبها حافظ على ثيمات لا ينفصل فيها الخيال الخصب عن ملاحظاتها الدقيقة في رسم النساء والطبيعة والموضوعات الاجتماعية.
سبقت بنات جيلها إلى أوروبا للدراسة. في باريس تتلمذت على يد فرنان ليجيه. وبعد عودتها إلى بغداد، شاركت في تأسيس «جماعة بغداد للفن الحديث». قبل أيام انطفأت وحيدةً في البيت العريق الذي أعطى الفن العراقي بعض أبرز روّاده في بغداد، وتحديداً في بيت لا يبعد كثيراً عن «أكاديمية الفنون الجميلة»، هدأت ثورة الألوان وهمد الشغف بموسيقى التراث ومسرّات الحكايات والأقاصيص البغدادية. لقد انطفأت قبل أيام قليلة نزيهة سليم، ابنة أهم عائلة فنيّة عراقية، تلميذة العراقي جواد سليم (1920 - 1961) والفرنسي فرنان ليجيه (1881 - 1955)... فتوقّف عالم فنّي كامل عن الدوران، عالمٌ مزج بين أساليب المدارس الفنيّة الأوروبية المختلفة من جهة، والفنّ التشكيلي العراقي من جهة أخرى.
نزيهة سليم تنتمي إلى عائلة أسهمت في تأسيس الحركة التشكيليّة العراقية منذ الربع الأول من القرن العشرين. والدها ومعلّمها الأول محمد سليم أسّس مع مجموعة من الفنانين، النواة الأولى لفنّ تشكيلي عراقي يتّخذ من البحث ودراسة أساليب المدارس الفنية العالمية مصدراً في بناء ثقافة الفنان وتطور أساليبه. أما شقيقها جواد سليم «صاحب نصب الحرية» فتأثرت به واستوحت أفكاره في تكويناتها وأفكارها الفنية. كما كان لشقيقها الآخر نزار سليم تأثيره الخاص على نزيهة.
كانت نزيهة سليم، أوّل فتاة عراقية تسافر إلى أوروبا لتدرس الفن وتحديداً «معهد الفنون الجميلة» في باريس حيث أمضت أكثر من سبع سنوات في دراسة الفن التشكيلي. هكذا، تتلمذت على يد أهمّ الفنانين آنذاك، أبرزهم فرنان ليجيه الذي برز تأثيره في الأعمال التي رسمتها بعد عودتها إلى العراق عام 1951. وهو العام نفسه الذي تأسّست فيه «جماعة بغداد للفن الحديث» لتكون نزيهة واحدةً من الفنانين الذين أسسّوا هذه الجماعة. وقد تحوّلت هذه الأخيرة إلى مدرسة خاصة بأسلوبها ونظرياتها الفنيّة وصارت تعرف بحسب المصطلحات الفنية الحديثة بـ«مدرسة بغداد في الفن .
بعد عودتها إلى بغداد، عملت نزيهة سليم أستاذة لمادة الإنشاء التصويري في معهد الفنون الجميلة، ثم أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، لتكون منهلاً فنياً لأهم الفنّانين العراقيين المعاصرين. هذه الأستاذة النبيلة كانت تأخذ طلابها إلى جميع الأماكن البغدادية التي تجد فيها مسحةً فنيةً أو تأثيراً لونياً خاصاً. ولهذا، عُرف الجيل الذي تتلمذ على يدها، بتميّزه الفني وانتماء أبنائه إلى مدرسة بغداد في الفن الحديث على رغم تباين أساليبهم وطرق تنفيذ أعمالهم.
تميّزت أعمال الفنّانة الراحلة باختلاف طرق تنفيذها وأساليبها التي تباينت بين الواقعية والانطباعية والتعبيرية والتجريدية. أعمال شغلها همّ فني يتّخذ من البيئة العراقية وموروثاتها مصدراً مهماً لأفكارها وأعمالها، من دون أن تتخلى عن تأثرها بمدرسة باريس في الفن. هكذا، صوّرت نزيهة سليم في أعمالها أغلب مجالات الحياة العراقية والبغدادية بوجه خاص.
وقد احتلّت المرأة العراقية حيزاً كبيراً من إنتاج هذه الفنانة الرائدة التي رسمت موضوعات كثيرة تتناول حياة النساء وعاداتهن بأسلوب يعتمد التبسيط وقوة التأثير اللوني. وكثيراً ما أظهرت أعمالها تكوينات مختلفة للمرأة العراقية، كما في لوحة «ليلة الدخلة»، فنلاحظ حضوراً كثيفاً للمرأة العراقية بمختلف الأعمار والتكوينات، تماماً كما هي الألوان الاحتفالية التي يحفل بها العمل. وتظهر اللوحة آلات موسيقية بيتية تستخدمها النساء غالباً في جلساتهن الخاصة، أو المناسبات كالأعراس وليالي السمر. والواضح من العمل وشخوصه أنّ العرس أقيم في منطقة ريفية، وهذا ما تدلّ عليه ملابس النساء، إضافة إلى الجوارب السوداء للمرأة بالثوب البنفسجي. والواضح أيضاً أنّ العرس قد تم، بكل شعائره وطقوسه. فغياب العروس من المشهد، وذلك الإطار الأصفر الذي احتوى شخوص العمل ووقوف الفتاة بالأحمر وسط العمل رافعةً ذلك الغطاء، دليل واضح على إتمام مراسيم ليلة الدخلة بشكل «مشرِّف» وفق التقاليد المتعارف عليها. وعلى رغم الجو الاحتفالي في اللوحة، إلا أننا نلاحظ أنّ نزيهة سليم لم تنس المرأة وهمومها. إذ عمدت إلى إحضار ذلك التكوين المعهود في بعض أعمالها حين صوّرت امرأة متكورةً تظهر في الزاوية العليا على يسار اللوحة، وهي متشحة بالسواد وتحاول أن تنضم إلى جو الاحتفال عبر التصفيق الخجول.

لوحة ليلة الدخله
عاشت نزيهة سليم أعوامها العشرة الأخيرة وحيدةً في منزلها، دار عائلة سليم، الذي احتوت زواياه، لفترات متعاقبة، العديد من الأعمال الفنية من لوحات وتماثيل. ذلك البيت الذي خرجت منه نزيهة محمولةً على الأكتاف، كَثُر الحديث عن تحويله متحفاً فنياً. إلا أنّه تحول إلى خربة بشهادة الكاتبة فاطمة المحسن التي زارته بعد الاحتلال بأشهر لتجري حوارها مع نزيهة سليم.
جثمان نزيهه سليم
ترى، هل حان الوقت لتحويل دار عائلة سليم الفنيّة إلى متحف بعدما أصبح - برحيل قاطنته الأخيرة - خالياً لأول مرّة منذ تشييده على يد المعماري العراقي الشهير مدحت علي مظلوم؟
عن جواد ونزيهة واجتياح بغداد
عن تأثّرها بشقيقها الأكبر جواد، نقلت الكاتبة العراقية فاطمة المحسن في حوار مع نزيهة سليم أنّها صارت تستهدي بأخيها جواد وأفكاره وأسلوبه الفني. وأضافت: «أذكر مرة عرضتُ عليه لوحتي «سوق الصاغة» وأسلوبها يتبع أسلوب جواد، أي بغدادياته، فأدار وجهه ونظر بعصبية قائلاً: لماذا تقلّدين عملي؟ قلتُ: لأنني أحببت هذا الأسلوب. فقال: لن يصدق الناس أنّها من عملك وسيقولون إنّني رسمتها ووضعت عليها اسمك».
من سوء الحظ أنّه لم يبق من أعمال هذه الفنانة الرائدة الكثير. إذ تعرّضت أعمالها وأعمال أشقائها، جواد، نزار، سعاد ووالدهم محمد سليم، إلى السرقة كما هي حال أعمال أغلب الفنانين العراقيين التي تعرّضت للنهب عام 2003 عند دخول قوات الاحتلال الأميركية العراق. هكذا، لم تبقَ سوى ستّ لوحات أُنقذت من السرقة وهي: «بائع البطيخ»، «امرأة مستلقية»، «الأهوار»، «بورتريه لفتاة» ولوحة «الحرب» التي نفذتها عام 1980 بأسلوب تعبيري يصوّر الضحايا وهلع الناس البسطاء من دوي الانفجارات والصواريخ. ثم لوحة «الجدة» التي تعرّضت أجزاء منها للتلف والتخريب المتعمد. واللوحة تصوّر امرأة عجوزاً تجلس بانتصاب واضح لجذعها، كأنّها تستمع لحديث مهم جعلها تترك انشغالها بحياكة الصوف، حيث تظهر كورة الصوف في حجرها وإبرتا الحياكة في كفها اليمنى.
منقول للفائدة بتصرف .......
تحياتي .
قصي الفرضي / العراق بغداد