المفتى ومحمد فوزى
دائماً أري تماساً بين الإيمان والفن خاصة الموسيقي.. الأنغام الموسيقية هي أكثر الإبداعات شفافية فهي لا ترتكن إلي لغة لها دلالات مباشرة ولا هي مثل الفن التشكيلي تستند إلي ملامح شخصية أو طبيعية.. الموسيقي لغة عالمية تتجاوز حدود اللغات والثقافات.. والفيلسوف «شوبنهور» وضعها علي رأس قمة الفنون.. المبدعون الشفافون هم الذين يمنحوننا هذه الأنغام.. والله هو الذي وضع سر الموهبة في عدد من عباده.. ولدي قناعة أنك عندما تزرع الجمال في الحياة فإنك تزرع أيضاً الإيمان ومن أكبر الفنانين الذين ملأوا حياتنا إيماناً وجمالاً الموسيقار «محمد فوزي» وهذه الأيام تذكرت تلك الحكاية التي رواها ابنه المهندس «نبيل فوزي» وذلك أثناء تكريم اسم والده في مهرجان الإسكندرية للموسيقي قبل نحو شهر وتأكدت إلي أي مدي كنت صائباً في مشاعري.. قال «نبيل» إنه التقي قبل سنوات قليلة بمفتي الديار المصرية «د. علي جمعة» في حفل خاص وعندما عرف أنه ابن «محمد فوزي» قال له أبوك مع الأبرار والصديقين في الجنة.. اندهش «نبيل» وقال للمفتي كيف تقول ذلك وكان أبي يشرب الخمر وأضاف أنا شاهدته بعيني يحتسي الخمر.. قال له المفتي هل رأيته يمسك الكأس أم يشرب الخمر قال له يمسك الكأس فقط أجابه ربما كان يجامل أصدقاءه.. والدك مع الأبرار.. وفي نهاية اللقاء طلب منه أن يرسل له أشرطته الغنائية قال له «نبيل» سوف أحضر لك أغانيه مثل «لبيك إن الحمد لك والشكر لك لا شريك لك» و «بلدي أحببتك يا بلدي» و «ماما زمانها جاية» وغيرها من الأغاني الدينية والوطنية والأطفال.. قال له المفتي أين أغانيه العاطفية أحب له الأغنية التي يقول فيها «حاكم الزهور زي الستات لكل لون معني ومغني» وأيضاً «تملي في قلبي يا حبيبي وأنا عايش بعيد عنك».. بالفعل أضاف «نبيل» كل الأشرطة العاطفية وأرسلها للمفتي!!
هل رأيتم كل هذا التسامح الديني الذي يمارسه المفتي وتقبله حتي للأغاني العاطفية بينما نري كيف أن الكثير من شيوخنا يحرمون الموسيقي ولو كانت في أغنيات دينية.. كم نتوق إلي هذه الرؤية التي تعقد صلحاً بين الفن والدين ولا تجعل فقط صحيح الفن هو ما يقدم الأعمال الدينية والوطنية.
الله منح المواهب للبعض من عباده لكي يستمتع بها البشر أجمعين فيشعرون بالجمال ويرددون في نفس اللحظة الله.. الله.
يطل أمامي الآن سؤال.. هذه الحكاية التي رواهاالمهندس «نبيل فوزي» أشعر أن من حقي أن أرويها لكم علي الملأ وكم أتمني أن يروي لنا المفتي أيضاً يوماً ما هذه الحكاية وغيرها علي الملأ لنزداد قناعة أن الفن والإيمان دائماً يلتقيان!!
|