من أشعار صالح الشرنوبى
أختي
أختي قصيدةُ شاعرٍ غَزِلٍ
أختي تميمةُ ساحرِ الخَبَلِ
أختي «هُيامُ».. وأنتِ من أملي
لأنا الحزينُ عليكِ يا أختي
****
لأنا الحزين وإنْ طغى فرحي
وسكرتُ من صحبي ومن قدحي
حتَّى أُحسَّ كهمسة الشبحِ
وأراكِ ماثلةً على قربِ
فيفيض نبعُ البِشْر في قلبي
وأرى دعابَ الصَّحْبِ من ذنبي
وأعيش في دنياكِ يا أختي
****
كم مرّةٍ أغرقتِ في الضحكِ
من غير ما داعٍ إلى ضحكِ
فأروح أهتف أين مُضحكُكِ
أهو الزمانُ وجِدُّه لَعِبُ؟
أم طائفٌ بالغيب محتجبُ
أم إنّها الأحداث والنُّوَبُ؟
ولكم يُسلِّي الحزنُ يا أختي !
****
أم أنّه عقلُ المجانينِ؟
شيطانُه شيخُ الشياطينِ
وبذكره تحلو أرانيني
وبريحه تسري تلاحيني
وبفنّه تسمو أفانيني
يا ليته يوماً يُناديني
لأغيبَ عن دنيايَ يا أختي !
****
ولقد أَلُمُّ بوجهكِ القمري
فأتيه في ديمومة الفكرِ
وجهٌ كوجه إلهةِ الخفرِ
إطراقةٌ لُفَّتْ بإطراقِ
أو فكرةٌ في ذهن خَلاّقِ
أو خفقةٌ في قلب مشتاق
أو دمعةٌ تبكيكِ يا أختي
****
أو زهرةٌ صوفيّةُ الطيبِ
نامتْ على مَفْرِق محبوبِ
أو آهةٌ في صدر مكروبِ
أو نسمةٌ في جوف إعصارِ
تشقى بما تصلاه من نارِ
وسلامُها في كفّ جبّار
كسلام روحكِ أنتِ يا أختي
****
وتقول أمّي حين تلقاكِ
يا ليت قلبي ما تمنَّاكِ !
أو ليت مهدكِ كان مثواكِ !
لكِ في بنات الحي أترابُ
عرسانهنّ لهنَّ أحبابُ
فأقول والمقدور غلاّبُ :
الحظُّ خانكِ أنتِ يا أختي
****
وإذا الطبيبُ وصحبه تاهوا
قالتْ أصاب الجِنُّ مَرماهُ
و«هيامُ» باتت من ضحاياهُ
قالتْ.. وقلتُ أُفَلسف العُذْرا
الجنُّ مأمور قد ائتَمَرا
واللهُ فِكرٌ حيَّر الفِكرا
وأَذلَّها بالغيب يا أختي
****
وإذا الكرى نادى الخليّينا
فأجبتِه وهجرتِ نادينا
قالوا نأى من كان يُسلينا
فأقول بل من كان يُبكينا
ويُحيل أَحْنانا كقاسينا
ويُثير في نفسي البراكينا
وأظلّ أبخس منكِ يا أختي
****
ولو انّني طامنتُ من كمدي
لرأيتُ غيَّكِ آيةَ الرَّشَدِ
وعرفتُ فيكِ شقيقةَ الأبدِ
أشبهتِه صمتاً وإعجاما
وشَأَوتِه عمقاً وإيهاما
وإذا أنار ازداد إظلاما
وإذا أنرتِ دجوتِ يا أختي
****
قاسٍ عليكِ أنا، فلا تُغضي
إمّا قسوتُ فليس من بُغضِ
أنا في السماء وأنتِ في الأرضِ
أنا في سماء من خيالاتي
أحيا بفكري وانفعالاتي
فانْأَيْ بأرضكِ عن سماواتي
تَنْأَ القساوةُ عنكِ يا أختي
****
«دَيْنُ» الوجودِ وفاؤه العدمُ
والماءُ سرُّ وجودِه الضَّرَمُ
واللُّغْزُ حين يبين ينبهمُ
وأرى الحياةَ وبدؤها الأجلُ !
واليأسُ أوّلُ خلقه الأملُ !
والعقلُ ينقص حين يكتمل
ومن الجنون العقلُ يا أختي
****
أختي قصيدةُ شاعرٍ غَزِلِ
أختي تميمةُ ساحرِ الخبلِ
أختي «هُيامُ».. وأنتِ من أملي
لأنا الحزينُ عليكِ يا أختي
__________________
أنت القتيل بيد من أحببته
فأختر لنفسك في الهوى من تصطفي
محمد عبد الرازق
المحامى