هذا مقال للكاتب ( محمود موسى ) يعقب على ماجاء في مقال الدكتور هيثم الشعوبي ( اشهر اغاني القرن العشرين )
أولا ان الباحث يجهل أسماء بعض الأغاني ويسمي الأغنية حسب المقطع الذي يتذكره منها فمثلاً ان أغنية (سمر سمر) للفنان رضا علي يسميها (سمرة وسيعة عين) أما أغنية (عشگ أخضر) فيسميها (غفه رسمك) علماً ان هذه العبارة مقطع من أغنية (ليلة ويوم) التي ذكرها الكاتب على إنهما أغنيتان للفنان سعدي الحلي بينما هي الأغنية نفسها!
أما أغنية (الشناشيل) للفنان (حسين السعدي) فيسميها (أم الشناشيل) أما أغنية (لو تحب لو ماتحب) لمحمود أنور فيسميها (لو أي لو لا) والحقيقة ان أغنية (لو تحب لو ما تحب) هي الأغنية التي اشتهرت بصوت الفنان (محمود أنور) وكانت مفتاحاً لنجوميته وشهرته وهي من كلمات الشاعر (طاهر سلمان) والحان الفنان المبدع (طارق الشبلي) وليست أغنية (لو أي لو لا) التي غناها المطرب نفسه ولم تحقق شهرة كبيرة ، ويبدو أن بناء الجملة والتشابه في العنوانين هما سبب الاشتباه أو الاشتباك الذي حصل في ذهن أستاذنا الدكتور الباحث.
يدرج الكاتب أغنيتين باعتبارهما من أشهر أغاني القرن العشرين على حد وصفه واعتقاده الشخصي وهما أغنية (زعلان الاسمر) للفنان الراحل (عارف محسن) وكذلك أغنية (ليش ياجارة؟) للفنانة (مي أكرم) هو أمر غريب حقاً وأعتقد ان السبب الحقيقي الذي دعاه لهذا الأمر هو لأن الأغنية الأولى من الحانه، أما الأغنية الأخرى ( ليش ياجارة ؟ ) فهي من كلماته وألحانه ولهذا فقد انحاز إلى تلك الأغنيتين لأسباب ذاتية وشخصية بعيدة جداً عن الموضوعية العلمية،علماً ان الأغنية الثانية ( ليش ياجارة ) هي من الموروث الفلكلوري الخليجي القديم وان الفنان (هيثم شعوبي) قام بمجرد الإعداد لاغير، لكنه لم يشر الى ذلك في حين أشار الى بقية الأغاني المعدة عن تنزيلات دينية.
وقد وقع الكاتب بخطأ طريف حقاً عندما نسب أغنية ( ليش ياجارة ؟) للثنائي (مي ووحيد) والحقيقة ان المطرب الذي أدى الأغنية مع الفنانة (مي أكرم) هو الفنان (صباح محمود) وليس (وحيد سعد) وهو بلاشك غير (صباح محمود) المطرب الشاب الذي ظهر في التسعينيات بل هو نجم فرقة الإنشاد العراقية في السبعينيات وما تلاها، وقد اعتزل هذا الفنان الغناء ويعمل حالياً مؤذن في أحد مساجد مدينة (مالمو) السويدية! ولا أدري كيف أخطأ الباحث لاسيما انه هو الذي كتب ولحن هذه الأغنية على حد تعبيره !! واعتقد ان هذه الأغنية كانت هي المعول الأول الذي هوى على جسد الأغنية العراقية، بعدها جاءت أغنية (استعجل يا ميل الساعة، مواعد حبيبي آنه) التي أداها وحيد سعد و(حرمه المصون) المغنية مي أكرم التي فتحت الباب لـ (حماها) علاء سعد الذي أجهز على الذوق العام ببرتقالته الفاسدة فيما بعد. والمؤلم ان الكاتب يعتبر الثنائي (مي ووحيد) امتداداً للثنائي محمد القبنچي وزكية جورج ورضا علي ونرجس شوقي !! ولا أدري كيف يمكن اعتبار السفوح الجرداء امتداداً للجبال الشاهقة العظيمة..
وكان الأجدر بأستاذنا الباحث والمؤرخ الموسيقي الإشادة ببعض الأغاني الثنائية الجميلة مثل أغنية (ياعشگنا) التي أدياها(فؤاد سالم) و(شوقية العطار) وهي من كلمات ( كاظم الرويعي) والحان (حميد البصري) أو يستذكر أول دويتو في الغناء العراقي بين (داخل حسن) و(ريم) في أغنية ( لو رايد عشرتي وياك) أو أغنية (نحب لو ما نحب) للفنان (سعدون جابر) و(سيتا هاگوبيان) أو أغنية (جيت العب وي البيض) للفنان (رضا الخياط ) و (أديبة) أما فيما يتعلق بالفنان (عبد الجبار الدراجي ) فقد ذكر الكاتب ان أول ظهور له كان في أغنية (دكتور جرحي الأولي عوفه) والحقيقة ان هذه الأغنية من الأغاني المتأخرة نوعاً ما في مسيرة الدراجي وان ظهوره وشهرته جاءت بأغنية (تانيني صحت عمي ياجمّال ) وهي أول أغنية له ثم جاءت الأغنية الأكثر شهرة للدراجي وهي (نازل ياقطار الشوگ) والتي وصلت شهرتها إلى مصر حيث غناها شقيق عبد الحليم حافظ الفنان (إسماعيل شبانه) ولا يمكن أن ننسى رائعته (شگل للناس) التي لحنها له الفنان ( رضا علي).
أما (عبد الصاحب شراد) فقد اشتهرت له بعض الأغاني أكثر من أغنية (ياسفانة) التي كتبها (كاظم الرويعي) ولحنها (محمد نوشي) مثل أغنية (ها .. ياعيني شضامتلي) أو أغنية (ياشوگ) وهي من كلمات (كريم راضي العماري) وهي أول أغنية يلحنها الفنان (محسن فرحان) في حياته.
أما الفنان الراحل (جاسم الخياط) فأن أشهر أغنية له (للناصرية ) والتي لحنها الفنان عازف القانون الشهير (سالم حسين ) والتي مازالت تغنى وتردد حتى الان والتي تسمى (تندراً) بالنشيد الوطني لمحافظة ذي قار. أما الأغنية الشهيرة الأخرى للفنان الخياط فهي (أربع حروف بغصن عمري كتبت) أما الفنان الراحل (حسين السعدي) فأن أغنيته (الشناشيل) والتي لحنها الفنان (أحمد الخليل) لم تحظ بتلك الشهرة التي حظتها أغنياته الأخرى مثل (شوشلية يارمانة) وهي ثاني أغنية يلحنها الفنان الكبير (طالب القره غولي) في حياته بعد أغنية (ياخوخ يازردالي ) وأغنية (ياحنه ماخليچ بچفوف اديّه) للملحن (محمد نوشي) أما الملحن والفنان ( فاروق هلال) فقد ذكر له الباحث أربع أغنيات يعتقد هو إنها الأكثر شهرة له، فيما نسي أغنيته الأشهر وهي (ياصياد السمچ) والتي كتبها (سعدون الهلالي) ولحنها وغناها فاروق هلال وقد اشتهرت بصوت ( صديقة الملاية).
وهناك الكثير من الأغاني التي اكتسحت الشارع العراقي ومازالت في الذاكرة مثل أغنية (يلماشية بليل الهلچ) وهي أول أغنية للفنانة (لميعة توفيق) وبها حلقت في عالم الشهرة وهي من كلمات الشاعر (أبو عادل) والحان (محمود كالو) وهو عازف عود بسيط جداً كان كفيف البصر وغالبا ماتنسب الحان هذه الأغنية خطأ الى الفنان (حمدان الساحر) وهذا واحد من الأخطاء التي وقع فيها الناقد ( عادل الهاشمي) ومن الأغاني التي انتشرت ونجحت بشكل فاق الوصف أغنية (ياريحانة) التي أداها الطفل المعجزة (رعد ميسان) مطلع السبعينيات لكنه لم يأخذ نصيبه الان من الشهرة التي يستحق بسبب إهمال الملحنين له، فتراه الان يقف كورساً وراء أرباع المطربين!!.
ثم يعرج الكاتب على أشهر أغاني ثمانينيات القرن المنصرم وقد أختار بعض الأغاني البسيطة وغير المؤثرة فيما تناسى الأغاني الأكثر شهرة وأهمية مثل (بعد اليوم) للفنان ( كريم حسين) وأغنية ( يفر بيّه) للفنان محمد الشامي وأغنية (حتى انت ) للفنان (علي جودة) وأغنية (ياعين وتگولين خلي نسامحه!) للفنان (قاسم إسماعيل) وأغنية (شلّك عليه يازمن) للفنان (مضر محمد) وأغنية (بالرسايل گاطعوني ) والتي كتبها ولحنها المخرج التلفزيوني (كريم اللامي) وغناء (موسى كاظم) الذي غنى أغنية مهمة وكبيرة أيضاً وهي ( صدگوني مامليتكم ) للملحن المبدع ( إبراهيم السيد) لكنها لم تشتهر بصوت الفنان (موسى كاظم) وقد نجحت بصوت الفنانة (منى العبد الله) وهي من كلمات الشاعر (عبد الكريم القصاب).
وهكذا تنتهي مقالة الكاتب دون أن يشيرالى أهم وأجمل الأصوات العراقية مثل الفنان ( ستار جبار) وأغنيته (مهضومة شدات الورد ) أو الفنان ( كمال محمد) برائعتيه (معاتبين) و ( ردي بينه) أو الحنجرة الذهبية لفقيد الغناء العراقي المرحوم (رياض أحمد) وأغنيته الخطرة (مرة ومرة ) والتي رشحها الأستاذ (عبد الرزاق العزاوي ) كأهم أغنية عراقية ظهرت في القرن العشرين وذلك من خلال قناة (الحرة) الفضائية أو صاحب الصوت الملائكي الفنان الكبير (قحطان العطار) وأغنياته الهائلة مثل (يگولون غني بفرح) و(روحي عالشاطي حمامة ) و (ياضوه ولاياتنا ) و(محطات) و( شگول عليك) و(بالكيف) وفي مقابل هذا التغييب لرموز الإبداع الحقيقي يشيد الكاتب ببعض الأصوات النشاز والخاوية مثل (هيثم يوسف) وكذلك المطرب الذي لايطرب (باسل العزيز) صاحب الصوت الأجش و (باسم العلي) الذي يقال ان مايتقيأه من على شاشات التلفزيون يسمى غناء !! وحسبنا الله فهو نعم الوكيل.