عرض مشاركة واحدة
  #59  
قديم 19/07/2009, 00h24
الصورة الرمزية امحمد شعبان
امحمد شعبان امحمد شعبان غير متصل  
فقيد المنتدى
رقم العضوية:22891
 
تاريخ التسجيل: April 2007
الجنسية: تونسية
الإقامة: تونس
المشاركات: 1,636
افتراضي رد: محاولة لشرح بعض الأغراض في القصائد المغناة بالأيكة الكلثومية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد شاكر محمود مشاهدة المشاركة
ماشي يا أمل الغد ، لقد كتبتُ طلبك على الكومبيوتر ، وطلعت عيني في التشكيل ، وها أنا أنقلُهُ لكم ( جميعًا ) ، وراعيتُ أن يكونَ الشرحُ بسيطًا من أجلِكِ أنتِ :
بعدَ حينٍ يبدِّلُ الحُبُّ دارَا*والعصافيرُ تهجُرُ الأوكارَا
وديارٌ كانتْ قديمًا ديارَا*سترانا كما نراهـا قِفارَا
لابدّ من العودةِ إلى البداية :
هذهِ ليلتي وحُلْمُ حياتي ... بينَ ماضٍ منَ الزَّمانِ وآتِ
كأنَّما أرادَ الشاعرُ أنْ يقولَ : هذهِ الليلةُ ليلتي التي انتظرتُها كثيرًا ، إنّها تجسِّدُ كلُّ أحلامِ العمر ، ما تمنيْتُهُ في الماضي ، وما أتمنّاهُ للآتي / المُستقبل
ثمَّ تأتي الصرخةُ للتنبيهِ :
بعدَ حينٍ ....... ، سيتغيّرُ كلُّ شيءٍ ، وسوفَ ينتقلُ الحبُّ إلى آخرين ، وسيتحوّلُ كُلُّ ما في القِصّةِ إلى ذكرياتٍ ، عصافيرُ الشجنِ التي تزقزقُ حولنا ستهجُرُ أوكارَها / عشاشَها ويتحوّلُ هذا المكانُ الجميلُ إلى قفرٍ موحِش ، والديارُ ـ التي نحنُ فيها الآنَ ـ سيأتي عليها زمانٌ ( في المُستقبلِ ) فتصبِحُ قِفارًا وأطلالاً موحِشةً ، مثلما سنصبِحُ أيضًا في ذلكَ المُستقبلْ .
والمساءُ الذي تهادَى إلينا*ثمَّ أصغَى والحُبُّ في مُقلَتَينا
يبدأُ الشاعرُ المقطعَ بحرفِ الواو ، و" الواو " هنا ليست " واو العطف " ، ولكنها " واو الاستئناف " يأتي بعدهَا " مُبتدأ " ، فالمعطوفُ هنا المعاني وليس الألفاظ .
المساءُ ( أوّلُ هذهِ الليلة ) جاءنا رقيقًا جميلاً هامِسًا ، وكأنّهُ جُزءٌ منَّا ، منَ القِصَّةِ ، يتهادَى ( على أطراف أصابعِهِ ) ، ثمَّ يُصْغِي ، أي يستمعُ بانتباهٍ واهتمام ، والحُبُّ في مُقلتينا ، أي واضحٌ ومرسومٌ في أعيُننا ويفسّرُ كلّ مشاعرِنا وما نحاولُ أنْ نخفيه.
فادْنُ منِّي وخُذْ إليكَ حناني*ثمَّ أغْمِضْ عينيكَ حتَّى تراني
ادْنُ ، فعلُ أمرٍ بمعنى : اقتَرِبْ ، لكنَّ الجمالَ كلَّهُ في الشطرِ الثاني : ثمَّ أغمِضْ عَيْنَيْكَ حتَّى تراني ، تراني بروحِكَ ومشاعركَ وكلِّ ما في وجدانِكَ ، أي يتمّ إلغاءُ وظيفةِ العينينِ ، وتكونُ الرؤيةُ بالمشاعرِ وحدَها ، وهي أعلى درجاتِ التوحّدِ والذّوبانْ.

في بحارٍ تئِنُّ فيها الرِّياحُ*ضاعَ فيها المِجدَافُ والمَلاَّحُ
كناية عن صعوبةِ الظروفِ وقسوتِها ، وبالرّغم من ذلكَ جاءت هذهِ الصدفةُ التي ( أهدتِ الوجودَ إلينا ، وأتاحتْ لقاءَنا فالتقينا ) في وسطِ هذهِ الأمواجِ المتلاطمةِ ، وتحتَ هذهِ العواصفِ الشديدةِ التي من قوّتها وقسوتِها ، نسمعُ لها صوتًا كأنّهُ الأنينُ ، هذهِ / الظروف / البحار التي ضاعَ فيها المِجدافُ ،والملاحُ الخبيرُ بالبحرِ وتقلُّباتِهِ ، شاءَتْ لنا الصدفَةُ أن ننجو فيهِ ونلتقي .
ربّ منْ أينَ للزمانِ صِباهُ*إن غَدَوْنا وصُبْحُهُ ومَسَاهُ
تساؤلٌ في نهايةِ المطافِ : ربِّ ، أي : يا ربّي ، كيفَ نحتفِظُ بالزّمانِ ( أي عمرنا ) في حالةِ شبابٍ دائمٍ لا يشيبُ أبدًا ، أينَ لهُ ـ ولنا ـ أن يظلَّ هذا الرونقُ وهذهِ الحيويةُ فهذا الحبُّ ، لن يرى بعدنا من حداهُ ، أي ساقهُ وغنّى لهُ واعتنى بهِ كما تُساقُ الإبلُ في الصحراءِ فـ :
نحنُ ليلُ الهوى ،،، ونحنُ ضُحاهُ !!!!
ـــــــــــــــ
أتمنّى أن يكونَ في ذلكَ ما يفي بالغرضِ ، وقد عملتُ برأي أستاذنا الفاضل إمحمد شعبان ، والباب مفتوحٌ لإضافاتكم ، وسأظلُّ منتظرًا أسئلةً جديدةً فبالفعلِ قد نثري هذا الموضوعَ بآرائنا المختلفة .
مرحبا بك مجددا يا أحمد :
والله يا حبيبي لقد رشفت من رضاب شرحك المعسول فارتويت وما ارتويت . فلا فُضّ فوك ولا جفّ قلمك . ولا شك أن حبيبتنا عاشقة أم كلثوم ستغمرها السعادة كما غمرتني .
وأود هنا بالمناسبة أن أورد بعض ما أعلمه عن هذا القصيد :
في إحدى زيارات محمد عبد الوهاب لبنان استضافه جورج جرداق بمكتبه . وبينما هما يتحادثان إذ لحظ عبد الوهاب على مكتبه ورقة كُتب عليها بعض أبيات من الشعر فسأل عنها جورج فأجابه بأنها مسودة قصيد لم يكمله وقرأ عليه ما فيها . فأعجب بها عبد الوهاب وقال لجورج : لن أبرح لبنان إلا والقصيد معي كاملا . فأتمّه جورج وعبد الوهاب لا يزال في مكتبه . وما هذا القصيد إلا - هذه ليلتي -
أذكر - مع الاحتراز - أن هذا رواه جورج جرداق بنفسه على الفضاء في برنامج - خليك بالبيت - بقناة المستقبل اللبنانية وهو يدخّن السيجارة تلو السيجارة .
والسلام على الكرام .

__________________

رد مع اقتباس