عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 02/07/2009, 07h44
الصورة الرمزية سمعجى
سمعجى سمعجى غير متصل  
مواطن من سماعي
رقم العضوية:43091
 
تاريخ التسجيل: June 2007
الجنسية: مصرية
الإقامة: مصر
المشاركات: 895
افتراضي رد: رايت فيما يرى الصاحى(قصة)

أخي علاء " أبو كريم " ،،

أحييكَ على هذه ـ البادِرة ـ الإبداعيّة ، و التي كان لابد لها أن تبزغ َ ، مثل ثمرةٍ في شجرةِ معرفتكَ المتخمةِ بقراءاتٍ متعددة ، و خاصة في مجال الأدب

هذا العمل " على قِصَرِهِ " ، إلا أنه متخـَمٌ بالإحالات ، بما يؤكد ثراءَهُ ، و خروجه من بوتقةِ انفعالاتٍ ، نتجت عن امتزاجِ مشاهداتِكَ الواقعية ، و خبراتِكَ الذاتيّة ، مع ثقافتكَ الإطلاعية التي أعرفها جيداً باعتبارنا أولاً " أصدقاء قدامى " منذ ندوات قصر الثقافة ،، و ثانياً ، لعلمي بحجم و تنوع " مكتبتكَ المعرفية " و دَأبـِكَ على القراءةِ بنهم ٍ و عقل ٍ مُتأمّل ..

في مُناخٍ حُلمِي " كابوسي " ، جاء السردُ بمثابةِ " تعريةٍ للعقل ِ الباطن " و أضغاثِهِ التي تطاردنا ،،

السارد هنا ، يحيلني كقاريءٍ إلى انفعالاتِهِ ، و يستدعي إلى ذاكرتي الأجواءَ " الكافكاوِيّة " التي تغمر نفسَ القاريءِ بالقلق و التوترِ و الخوفِ و المرارة و الاغتراب و الألم و العذاب و القسوة و الرعب ،، معتمداً الرمزيّة في الكتابة ..

لقد عَرَضَ لنا السارِدُ ، " سطحاً " وصفيّاً بَصَرِيّاً ، يخفي تحت " رمزيتِهِ " براكينَ و أهوالا ..

إن هذا " الخراب " ، و التشوهات المقززة ، ذكرتني بالشيخ الصوفي بشر الحافي " عند صلاح عبد الصبور " :
حين فقدنا هدأة اليقين ،، تشوهت أجنة الحَبالى في البطون ،، الشعر ينمو في مغاور العيون ، و الذقنُ معقودٌ على الجبين ،، جيلٌ من الشياطين
و أيقظت في ذاكرتي " الأنشودة السادسة " بالذات ، في الكوميديا الإلهية لدانتي الليجيري

كما أن " العيون حجرية ،، الآذان مطموسة ،، الوجه خشبي " ،، كلها رموز تدل على البلادة و انعدام الحِس ، و السلبيّة ، كما عند " قرود الحِكمةِ الثلاثة " ـ لا ارى / لا أسمع / لا أتكلم ـ ..
و هذه التخمة من الإحالات ، تجعلُ مِن نصِّكَ القصير ، عِملاقاً تم حَبسُهُ في قمقم الاختزال ..


العنوان يوحي بالمغزى

" رأيتُ فيما يرى الصاحي " بديلاً عن " النائم " ، تود أن تقول أن المسافة بين الكوابيس و الواقع غير موجودة ، أو متلاشية ، و أن الواقعَ صارَ كابوسياً قبيحاً خانِقاً ..

أوحيتَ لنا بانهيارِ المنظومة الجَمالية و الأخلاقية ، و نجحتَ في استفزاز شعور المُتلقي ، بتوظيف مفرداتٍ و عناصر و رموز ، تدعو للغثيان و التقزز و النفور ..
لقد استدرجتني بامتياز ٍ إلى كوابيسِكَ التي " يَتـْرَعُ صَداها داخِلي " ، و نجحتَ في بناءِ و وصفِ أجوائِها المُنـَفـِّرة ،، و من وجهةِ نظري ، أرى أن مقولة : ( إن الفن يجب أن ينطلقَ من اللاوعى ) ، تنطبقُ على أجواء هذا العمل

و في هذا النص ، أنت تصوّر الواقعَ من داخلِكَ ، لا كما هو ، أو بمعنى آخر ، الواقع المنعكس من مِرآةِ عقلكَ الباطن ، لذا ، فإن هذا النصَّ مفتوحٌ على تفسيرات متعددة ، و لا يجدرُ تقييد رموزه و إحالاتِهِ ، بربطها بالواقع المباشر ..

و إذا كانت الألفاظ ُ في ذاتِها " مجَّانيّة " ، فإن المَحَك َّ الحقيقي للمبدع ، هو في القدرةِ على توظيفِها داخل إطارٍ درامي مُحكَم ،، و توظيفكَ ، جاءَ في بـِنائِيّةٍ حُلمِيّةٍ ، يتشكلُ عالمها من الرموز ، التي تنتمي إلى اتجاهاتِ الكِتابةِ النفسيّة ، أكثر مِنها " الفلسفيّة "


أخي علاء ،،

لقد ألقيتَ حَجَراً كبيراً ، في بُحيرةِ عقولنا " الغافية " ، و التي تعودت أن تعيشَ القبحَ ، فاعتادَتـْهُ ، حيث انطمست الحواس ، و سادت البلادة ُ و عدم الاكتراث ،، و عجز الإنسانُ عن تمييزِ " البديهيّات " ، و صِرنا نتخبَّط ُ في ظلماتِ جَهلِ المشاعر ، و ضحالةِ المعرفة ، و غلاظةِ الشعور ، و ركاكةِ التعبير و الأداء


تحياتي و تقديري
__________________
شاء اللي شاء ،، و اللي داء ،، مِـن وَردِة الشـِّفة
نـَـهَـل نـبـيـذ لاِشـْـتِيـاء ،، نهـــرِين ،، و لـَم كـَـفـَّىَ
شـَـهَـقْ شـُعاع خِصرَهَا ،، سَرْسِـب نـَدَى مَصْهـور
وِ فْ كلّ سَـرسوب شُـعاع ،، مَـلايكة مُصْـطـَـفـَّــة
يا تـراب و مخلوط بماء ،، إزاى غـَوِيـت النـُّـــور
يـِفـُــــــــــور علـى سِحــرَها ،، و فِــيها يـِتخـَـفـَّـىَ

كمال
رد مع اقتباس